Author

العمرة والزيارة

|
تعودت أن أستغل فترة ما بعد انتهاء الحج؛ لأؤدي العمرة في محاولة لتجنب الزحام. فوجئت وأنا أفعل ذلك قبل أسبوعين أن الحرم الشريف مكتظ بالعمار، الذين جاءوا بعد انتهاء موسم الحج. اكتشفت حينها أنه لم تعد هناك فواصل بين الحج وافتتاح موسم العمرة التالي. ثم قرأت عن صدور نصف مليون تأشيرة خلال الأسابيع التي تلت انتهاء موسم الحج. أصبحت الفرصة متاحة للجميع للحضور من كل أنحاء العالم للزيارة بشكل دائم، وهذا يضع ضغطا هائلا على أجهزة الدولة ومرافق الخدمة، ومن أهمها الفنادق؛ لتحافظ على مستوى عال من الاستعداد، والتعامل مع الزوار بشكل يجعل الرحلة الإيمانية سعيدة وناجحة، وتترك في القلوب الذكريات التي يتمنى كل واحد عودتها. بعض الفنادق لم تتمكن من التفاعل المطلوب مع طموح وزارة الحج والعمرة، فتركت الانطباع غير المحمود لدى كثير من المعتمرين. عدم التفاعل هذا مرده إلى أن الأداء لم يكن بمستوى الحدث، وأن الأعداد الكبيرة التي استغلت فرصة العمرة تجاوزت ما وفرته هذه المرافق من الخدمات، وهو ما لا حظته حتى لدى الفنادق الكبار التي تحمل النجوم الخمس. هنا همسة مهمة في أذن كل المستثمرين وهم يعلمون حساسية المكان والزمان، وارتفاع التوقعات لدى كل من يزور البيت الحرام: ثقوا بأن من يأتي للعمرة لن يكون مطالبا عند مقارنته بمن يزور هذه المواقع في دول أو مدن أخرى، ذلك أن الجميع يبحثون عن الراحة النفسية، ويتنازلون عن كثير في مقابل الروحانية والسعادة التي يجدونها بقرب بيت الله الحرام. أمر مهم آخر لابد من التذكير به، وهو أن الحال سيكون أكثر تطلبا وازدحاما مع تشغيل خط قطار الحرمين، فهذا المشروع الجبار سينقل الملايين بين المدينتين المقدستين، وهو يعني تسهيلا غير مسبوق للعمرة والزيارة، ومزيدا من الضيوف والخدمات المطلوبة. الجديد هو في ضرورة إعادة برمجة الخدمات، وتطوير التعامل مع الطلبات، وزيادة الموارد البشرية المتعاملة مع الزوار، سواء في المجالات الإدارية أو التشغيلية والخدمية، كما يعني رقابة أكبر من قبل الجهات المسؤولة عن السياحة والتجارة عندما ننظر إلى الأمور من منظور أوسع؛ حيث يتعامل الزائر مع الأسواق والخدمات التي تجاور البيتين الشريفين، وهو مجال حديث طويل آخر.
إنشرها