FINANCIAL TIMES

الأسهم العالمية في الطريق نحو أسوأ شهر منذ 2012

الأسهم العالمية في الطريق نحو أسوأ شهر منذ 2012

عندما تنهار الأسواق تصبح حاجة الجميع إلى تفسير واضح طاغية. الأشخاص الذين لا يبالون عادة بأداء الأسهم يصبحون فجأة راغبين في الحصول على إجابات، في الوقت الذي يظهر فيه الانخفاض الحاد في الأسواق على عناوين الأخبار.
من المؤكد أن الأسبوع الأخير عزز سمعة تشرين الأول (أكتوبر) باعتباره شهرا خطيرا على الأسهم، مع محو فيه "وول ستريت" مكاسبها لهذا العام بهبوطها الحاد يوم الأربعاء. هذا يزيد فقط ما يعد وضعا مزريا في كثير من أسواق الأسهم العالمية الأخرى في عام 2018: مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم العالم – وزن الأسهم الأمريكية فيه يعادل 31 في المائة – في طريقه إلى أسوأ شهر منذ عام 2012.
خلال خمسة أسابيع فقط تأرجحت "وول ستريت" من ذروة قياسية نحو منطقة التصحيح، متراجعة 10 في المائة من ارتفاع سجلته أخيرا. انتعشت السوق يوم الخميس، لكن خيبات الأمل التي تسببت فيها كل من "جوجل" و"أمازون" ضغطت على الأسهم مرة أخرى. وليس من الصعب العثور على الأسباب التي جعلت البورصة الأمريكية، التي كانت تبدو منيعة، تنخفض الآن لتواكب بذلك أداء غير براق لأسواق الأسهم في أماكن أخرى.
بعض اللوم يلقى على عائدات السندات المرتفعة. هناك أيضا أدلة متزايدة على كيف أن الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين، والدولار القوي، والنمو العالمي الضعيف تشكل عوامل تلحق الضرر بالشركات – وهو ما سلطت عليه الضوء الأسبوع الماضي شركتان صناعيتان عملاقتان، وهما "كاتربيلر" و"3 إم". وقد أدى هذا إلى تمسك المستثمرين بالرواية القائلة إن أرباح الشركات الأمريكية بلغت ذروتها، وإن الرياح المواتية من تخفيض الضرائب ستتلاشى كما ينبغي. بعبارة أكثر صراحة، هذا يعني أن التقديرات غير مستدامة في الوقت الذي تنخفض فيه الأرباح العام المقبل، ما يؤدي إلى تعديل فوضوي في "وول ستريت" يؤثر في شعور المستثمر العالمي.
إذا كان يمكنهم إعداد قائمة أمنيات، سيود المستثمرون في رؤية مزيد من التحفيز من الصين المثقلة بالديون، وحل بشأن النزاع التجاري مع الولايات المتحدة. وكذلك اتفاقية بشأن الميزانية بين بروكسل وإيطاليا، واتفاقية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأي علامة على أن الاحتياطي الفيدرالي قد يتوقف مؤقتا عن رفع أسعار الفائدة، ما يقوض الدولار، سيكون بمنزلة زينة علوية على كعكة المخاطر.
ومع أن حدوث هذه التطورات أمر ممكن، إلا أن التوتر الحالي في الأسواق يعكس تغيرا أكثر عمقا: نهاية قمع استمر عقدا كاملا لعوائد السندات وللتقلبات من جانب المصارف المركزية. كانت الولايات المتحدة في الصدارة في الوقت الذي انتشر فيه أثر الدولار القوي وتكاليف التمويل المرتفعة – أذون الخزانة لثلاثة أشهر تبلغ نحو 2.3 في المائة – حول العالم. فقط انظر إلى أسهم الأسواق الناشئة التي يتم تداولها اليوم بأدنى مستويات الخصم مقابل أسهم العالم المتقدم من حيث السعر إلى القيمة الدفترية.
وتتسارع حاليا وتيرة نهاية دعم المصارف المركزية لأسعار الأصول. في بداية تشرين الأول (أكتوبر)، خفض البنك المركزي الأوروبي عمليات الشراء الشهرية للسندات إلى 15 مليار يورو، وأكد الأسبوع الماضي أن نهاية التسهيل الكمي ستكون في كانون الأول (ديسمبر). ومن جانبه، يعكف الاحتياطي الفيدرالي على تخفيض ميزانيتيه العمومية بأقصى وتيرة تبلغ 50 مليار دولار شهريا، وهو في طريقه لمواصلة رفع أسعار الفائدة ليوم واحد. لا تخطئ، سيتطلب الأمر صدمة سوقية أكبر – صدمة لها القدرة على إلحاق ضرر كبير بالاقتصاد الأمريكي – لجعل الاحتياطي الفيدرالي يتوقف.
كل هذا يعني أن المعادلة السحرية في الأعوام الأخيرة التي اعتمدت على الشراء عند الانخفاض، والبيع عند التقلبات، والبقاء مع القطيع من خلال اتباع استراتيجيات الاستثمار السلبية، تبدو في مشكلة الآن. الأداء الضعيف جدا لأسهم شركات إدارة الأصول بعد مسارها الممتاز خلال فترة التسهيل الكمي هو أحد المجالات التي يمكن أن نرى فيها هذه المخاوف وهي تتبلور.
أحد التطورات الرئيسة بالنسبة للمستثمرين هو كيف تسبب هبوط الأسهم الأمريكية الحاد الأسبوع الماضي في مرحلة ما في سحق العائد الإجمالي على مؤشر إس آند بي 500، ما جعله قريبا بنسبة 1 في المائة من ذروة بلغت 12 في المائة في أيلول (سبتمبر). تاريخيا، عامل الموازنة الذي يساعد في تعويض فترات الأداء الضعيف للأسهم هو امتلاك السندات الحكومية طويلة الأجل. لكن ليس هذا العام. المشكلة بالنسبة لكثير من المحافظ هي أن سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل تُظهر إجمالي عوائد سالب بنسبة 7.8 في المائة لعام 2018.
وعلى الرغم من الألم الذي تعانيه الأسهم الأمريكية، مازالت عائدات سندات الخزانة قريبة من ذروتها الأخيرة – وهو أمر يعكس الجانب الأقل إيجابية في القيادة الأمريكية. لا يزال الاقتصاد الأمريكي قويا، لكن الهبات المالية مثل التخفيضات الضريبية يجب الدفع مقابلها من خلال المبيعات الضخمة من سندات الخزانة الأمريكية. وبحسب فريق الدخل الثابت في "سيتي"، الربع الأخير من عام 2018 سيشهد مبيعات سندات خزانة بحدود 350 مليار دولار، أي أكثر من ثلث العرض السنوي.
نحن في المرحلة الأولى من الفترة التي ستصبح فيها عوائد الاستثمار أكثر صعوبة، الأمر الذي سيتفاقم إذا انهارت العلاقة الطويلة بين السندات والأسهم، أو على الأقل أصبحت غير واضحة. وتعتقد "كيه كيه آر" أن "التحوّل طويل الأمد في تخصيص الأصول" يبدو كأنه تحوّلات تحفيزية من السياسة النقدية نحو المالية العامة.
الجانب السلبي من ارتفاع العجز الأمريكي يشكل بيئة أكثر تقلبا للأسهم، لكن هذا ينبغي أن يكون جيدا للمديرين النشطين ومنتقي الأسهم. وهذا خبر أقل إثارة للإعجاب بالنسبة للاستراتيجيات الآلية التي تستخدم الصناديق المتداولة في البورصة.
بمجرد انخفاض ضغط البيع الحالي سيعود المستثمرون إلى الأمور التي كانت ناجحة من قبل. فنحن لا نزال بعيدين إلى حد ما عن السوق الهابطة الحقيقية التي تميز نهاية كل دورة، لكن توليد أداء أسهم قوي سيكون أصعب اعتبارا من الآن.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES