Author

ملاحظات من مبادرة مستقبل الاستثمار

|
كاتب ومستشار اقتصادي


انفض أمس مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار التي نظمها صندوق الاستثمارات العامة في الرياض، وكانت أيامها الثلاثة وجلساتها غنية بالفكر والنقاش والمداخلات والأسئلة، كما شهدت الفعالية توقيع مذكرات تفاهم وعقود كبيرة تضيف لبنات لبناء اقتصادنا الوطني بعد ترسيتها وتنفيذها -بمشيئة الله.
وجاءت الجلسة التي شارك فيها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كأهم الجلسات التي شهدتها الأيام الثلاثة، لأن حديث الأمير شرح وأوضح ما ينتظر اقتصادنا من تغيرات خلال الأعوام الخمسة المقبلة، واستشهد بتحسن أرقام النمو المتوقع للاقتصاد وإقرار أول ميزانية تريليونية في تاريخ البلاد وتضاعف حجم صندوق الاستثمارات العامة، وامتدح ما تشهده دول المنطقة من مبادرات اقتصادية ستنعكس على المنطقة ككل.
بالتأكيد لا يمكن الحديث عن كل فعاليات ولقاءات وأحداث المبادرة، ولكن -ومن وجهة نظري- كانت أبرز الملاحظات كما يلي:
1. رغم الانسحابات المعلنة قبل عقد المؤتمر بأيام لبعض الوزراء ورؤساء بعض الشركات العالمية، إلا أن تأثير هذه الانسحابات لم يكن مؤثرا في المبادرة، حيث حضرتها شخصيات سياسية واقتصادية كبيرة وجرت أحداثها بانتظام جيد وكان عدد الحضور فيها كبيرا جدا.
2. انقسم حضور المبادرة من خارج المملكة- حسب الأحاديث الجانبية مع بعضهم- إلى ثلاث فئات، الأولى فئة المستثمرين والباحثين عن فرصة للاستثمار في المملكة بالشراكة مع صندوق الاستثمارات أو "أرامكو" أو غيرهما، والفئة الثانية وهم رؤساء الشركات الباحثة عن تنفيذ عقود، خصوصا في مشاريع البنية التحتية في المملكة، والفئة الثالثة هم المصدرون الباحثون عن فرص لتصدير منتجاتهم للسوق السعودية، وما يهمنا بالدرجة الأولى في مبادرة كهذه هم الفئة الأولى.
3. أعلن في المبادرة وفي يومها الأول توقيع مذكرات تفاهم بين "أرامكو" و15 شركة عالمية بعقود تبلغ 34 مليار دولار تقريبا حسب تغطية "الاقتصادية"، كما وقع وزير النقل نبيل العامودي اتفاقية تنفيذ المرحلة الثانية لقطار الحرمين الشريفين مع تحالف الشعلة الإسباني. كما أعلن العامودي ووزير المواصلات البحريني كمال محمد خلال المبادرة طرح مناقصة الخدمات الاستشارية لإدارة المرحلة الانتقالية لمشروع الجسر الموازي لجسر الملك فهد الأسبوع المقبل.
4. كان حديث وزير الطاقة المهندس خالد الفالح عن النفط مطمئنا، وذكر أن ثلثي الطاقة ستعتمد على النفط للعقود الخمسة المقبلة وهذا ما يدعم ضرورة الاستثمار في النفط، كما أعلن الإطلاق المبدئي لـ "برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية" الذي يضم 300 مبادرة لتطوير 11 صناعة، وأعلن تحول 70 في المائة من مرافق الكهرباء والماء إلى الغاز خلال السنوات القليلة المقبلة.
5. أعلن رئيس صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان عن تحويل مبادرة مستقبل الاستثمار التي أنهت هذا العام موسمها الثاني إلى مؤسسة غير ربحية مستقلة تدار من قبل مجلس إدارة ورئيس تنفيذي مستقلين عن الصندوق، وسيخرج عن المؤسسة برامج فرعية وجدول عمل على مدار العام مع كبار المسؤولين والمستثمرين في العالم.
والخلاصة أن مبادرة مستقبل الاستثمار نجحت في جمع نحو 4000 مشارك وتحدث فيها نحو 130 مسؤولا ومتخصصا من أنحاء العالم، ورغم الزخم الإخباري السيئ الذي سبقها بانسحاب مسؤولين كبار ورؤساء شركات عالمية إلا أنها حققت نجاحا جيدا خلال أيامها الثلاثة، والأهم أن هذه المبادرة وجدت لتستمر؛ ففيها تعريف كبير بالمملكة وتسويق ممتاز لفرص الاستثمار فيها، ولعل إنشاء مؤسسة مستقلة لإدارتها وتنظيمها بدءا من العام المقبل فرصة لإخراج هذا التجمع بشكل جديد وأن تقام كل عام في مدينة سعودية بدلا من إقامتها في العاصمة الرياض بشكل مستمر.

إنشرها