Author

الشائعة

|
لعل أهم عناصر السلبية الاجتماعية التي يعانيها العالم اليوم هي الشائعات التي يطلقها أشخاص لأسباب قد تكون واهية أو مهمة، لكنها في النهاية كذبة ليست من أخلاق المجتمع المسلم. الإشكالية الحقيقية في الشائعة أن مطلقها قد يعلم أثرها السلبي في المجتمع، فهو في الواقع يخطط لأمر ما، وهذا يختص به كثيرون ممن يمارسون العملية كجزء من إيقاع الفتنة في المجتمعات لأعراض خبيثة. هؤلاء لهم "باب وجواب"، ويجب أن نعلم أنهم موجودون في كل الفترات التاريخية، خصوصا أوقات الأزمات، إما لإشعال الفتنة أو الإساءة للمؤسسات والدول والأشخاص كجزء من مخططات استراتيجية. أغلب من يستخدم الشائعات هي الجهات المعادية، كعمليات استخبارية تستهدف الوحدة والانتماء للأوطان، وهي هنا حالة من الحرب النفسية على مستويات عليا. هناك كثير من المخططات التي بدأت بشائعة بسيطة، ثم جرت وراءها مزيدا من الشائعات لتكون قاعدة من القناعة بأمر لا علاقة له بالواقع، هذه الشائعات تكون من النوع الاستنباطي الذي يبني قناعات المؤسسة على شائعات أخرى وقصص قد تصح أو لا تصح. المشكلة في الشائعات التي تبثها الجهات المتخصصة في العمل النفسي، أن أثرها يكون طويل الأجل، ويتراكم مع الوقت لتكوين قناعات بأمور ليست واقعية ولا حقيقية في الأساس. وهو ما نشاهده في كثير من القناعات التي يمكن التعرف عليها بقراءة التاريخ والحروب التي نشأت في العالم لتوجد أحكاما نهائية بحق أبرياء قد يكونون أبعد ما يكونون عن القرار أو التصرف الذي وقع في فترة ما لأسباب لا يهتم لذكرها أو لا يريد ذكرها منشئ الشائعة، لأنها تلغي الهدف منها أساسا. تعد الفترة الحالية من أكثر فترات التسريع بتأثير الشائعة بما يعتمد عليه الناس من وسائل التواصل والصحف الإلكترونية ومنصات وتطبيقات تعتمد على الشائعات في الانتشار، وعندما يكون الناس في حالة من عدم التوازن النفسي والمجتمعي تبدأ هذه الوسائط في تكوين البيئة الخصبة لنقل كل شيء. قارن هذا بكل ما نشاهده يوميا من الشائعات، التي يتبين كذبها خلال أسبوع أو أسبوعين، لأن مطلقها لم يكن محترفا في العملية، ثم لننظر إلى الموضوع من منظور أكبر لنعلم أن الاستغلال للبراءة والبساطة يمكن أن يبلغ مراحل خطيرة عندما يبني عليه المحترفون من أجهزة المخابرات الأجنبية في هذه المرحلة التاريخية المفصلية. المهم أن يتعامل الجميع بعقلانية ويبتعد كل منا عن تبني أي مفهوم أو تعليق مهما كان ومن حيث أتى.
إنشرها