أخبار اقتصادية- عالمية

"الحبة السامة" تثير غضب الصينيين في اتفاقية "نافتا"

"الحبة السامة" تثير غضب الصينيين في اتفاقية "نافتا"

نددت البعثة التجارية الصينية في جنيف بفقرة أطلق عليها اسم "الحبة السامة" وردت في الاتفاقية التجارية الجديدة لأمريكا الشمالية بعد أن اعتبرتها الصين، ضمنا، أن الفقرة استهدفتها حصرا.
وتمنح هذه الفقرة، التي جاءت على شكل بند في الاتفاقية، واشنطن حق النقض (فيتو) على أي محاولة من جانب شريكيها في الصفقة، كندا أو المكسيك، للموافقة على إبرام صفقة تجارة حرة مع "اقتصاد غير سوقي" – وهو حكم اعتبره دبلوماسيون وخبراء تجاريون على أنه يستهدف بكين. 
وذكرت البعثة الصينية في بيان – اطلعت "الاقتصادية" عليه -، أن مادة في الاتفاقية الأمريكية ـ المكسيكية ـ الكندية (يو أس أم كا USMCA) قد صَنعت صُنعا مفهوم بلد اقتصاد السوق وليس بلد لا ينتمي إلى اقتصاد السوق خارج إطار تعريفات منظمة التجارة العالمية، وهذه ذريعة من بعض البلدان للتنصل من التزاماتها ورفض الوفاء بالتزاماتها الدولية. 
والمقصود بـ "اقتصاد السوق" هو "الاقتصاد الحر"، الذي تكون الحرية الاقتصادية مكونا أساسيا فيه. ويأتي في مصطلحات منظمة التجارة بديلا عن مفهوم "الاقتصاد الرأسمالي". 
أما "الاقتصاد غير السوقي"، فإن القوى غير السوقية، كمؤسسات الدولة على سبيل المثال، هي التي تحدد العوامل الاقتصادية من خارج نظام السوق. حيث تقوم بتنظيم وتصحيح العوامل التي توفر النظام للسوق وإصلاح إخفاقاتها.
وفي البيان، ألمحت البعثة الصينية إلى أن بكين غاضبة من "أعمال الهيمنة" الأمريكية وشعرت بالشفقة تجاه كندا لتنازلها عن جزء من "سيادتها الاقتصادية"، حسب نص البيان.
وقال المتحدث الرسمي باسم البعثة يانك يوندونك " ندين أعمال الهيمنة التي تقوم بها الدول المعنية والتي تتدخل علنا في سيادة الدول الأخرى ونشعر بالأسف إزاء السيادة الاقتصادية المدمرة لتلك الدول".
ويمكن اعتبار البيان هذا كأول رد علني من إحدى المؤسسات الرسمية الصينية لهذا البند منذ أن تم التوصل إلى اتفاق (يو أس أم كا) بداية الشهر الجاري.
وينص الاتفاق الجديد، الذي يحل محل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ـ نافتاـ التي تبلغ من العمر 24 عاما، على أن لأي من الأطراف الثلاثة في الاتفاق الحق في الاطلاع في مرحلة مبكرة على أي مفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة مع "اقتصاد غير سوقي" (بمعنى اقتصاد لا ينتمي إلى السوق)، ويمكن مراجعة أي صفقة من هذا القبيل موقعة من قبل عضو آخر.
وإذا وقع أحد الأطراف الثلاثة على صفقة تجارة حرة مع بلد لا ينتمي للسوق، سيكون لأي من الطرفين الآخرين الحق بموجب إحدى المواد في إنهاء الاتفاقية الثلاثية مع إشعار بذلك قبل ستة أشهر وتشكيل اتفاق بالشروط نفسها مع الطرف الثالث.
واعتبر محللون اقتصاديون أن الاتفاق الجديد هو ليس أكثر من "نافتا 2" وهو يشبه إلى حد كبير اتفاق "نافتا" القديم مع فرق واحد حاسم جعل من كندا والمكسيك أكثر التزاما بالسياسات التجارية للرئيس دونالد ترمب.
وتحتاج هذه الاتفاقية إلى الموافقة عليها من قبل حكومات الدول الثلاث، بما فيها الكونجرس الأمريكي، الذي لا يتوقع أن ينظر فيها قبل أوائل العام المقبل.
وفي حين أن الفقرة الخاصة لا تسمي الصين مباشرة، إلا أنها يمكن أن تعرقل بشكل كبير محادثات الصين التجارية المقبلة مع كندا أو المكسيك لأن الولايات المتحدة رفضت تصنيف الصين على أنها "اقتصاد سوق" في إطار منظمة التجارة العالمية.
ولم تخف الولايات المتحدة مطلقا استهدافها الصين في هذه الاتفاقية، إذ قال وزير التجارة الأمريكي، ويلبر روس، في الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) إن البند ( 32.10 ) يعد "حبة سامة" مع الصين كهدف مقصود، وأن واشنطن قد تكرر هذا الأمر في صفقات تجارية مع شركاء تجاريين آخرين. 
وأكد روس أيضا أن هذا البند هو "خطوة أخرى لمحاولة سد الثغرات" في الصفقات التجارية التي يسرت الممارسات التجارية الصينية الخاطئة، خاصة ما يتعلق بسرقة التقنية، ودعم المنشآت التابعة للدولة.
والولايات المتحدة الآن في المراحل الأولى من محادثات تجارية مع اليابان والاتحاد الأوروبي حول إمكانية إبرام صفقات مستقبلية للتجارة الحرة. 
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد فرض رسوما جمركية على ما يقرب من نصف الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة كوسيلة للضغط على بكين لتغيير عدد من الممارسات التجارية التي تراوح بين ما تسميه الولايات المتحدة "سرقة التقنية" و"دعم الشركات المملوكة للدولة". وردت الحكومة الصينية على التعريفات التي وضعتها واشنطن وأصرت على أنها لم تفعل شيئا خاطئا وهي عادة ما ترسم نفسها في مناقشات منظمة التجارة العالمية على أنها مدافعة عن التجارة الحرة والنظام التجاري متعدد الأطراف.
وفي استطلاع لـ"الاقتصادية" شمل عددا من الدبلوماسيين في منظمة التجارة حول ما يمكن أن يترتب على البند 32.10، قال البعض إن من شأن هذا البند أن ينهي بشكل فعال أي احتمال لإبرام صفقة تجارة حرة بين كندا والصين. وكان البلدان قد بدآ مباحثات بشأنها – وكندا هي ثاني أكبر شريك تجاري للصين بعد الولايات المتحدة. 
وكانت الصين وكندا قد اتفقتا في 2016 على دراسة جدوى مثل هذا الاتفاق، على الرغم من أنه لم يتم اتخاذ المزيد من الخطوات لتحقيقه، وأن الحكومة الصينية لم تشر إلى كندا في آخر تعليقاتها حول صفقات التجارة الحرة المحتمل إبرامها في المستقبل.
واعتبر دبلوماسي آخر أنه بهذا البند تكون الصين قد خسرت أمريكا الشمالية في غضون أقل من عامين من تولي دونالد ترمب الرئاسة الأمريكية، وبضعة أشهر من بدء حرب التعريفات الجمركية، والحرب التجارية ما زالت في بدايتها. 
وقال إنه إذا وافق الاتحاد الأوروبي، واليابان، والهند على صفقات تجارية مماثلة مع الولايات المتحدة، هي الآن تحت التفاوض، فإن الصين ستخسر هذه الأسواق الكبيرة المربحة. غير أن آخرين رأوا أن السوق الصينية التي تضم مليارا و400 مليون شخص، مع طبقة متوسطة كبيرة وأكثر من 100 مليون مليونير، لا يمكن أن تخسر. 
وعلى الرغم من أن البند 32.10 يعطي حق النقض لكندا والمكسيك، إلا أنه نظر إليه على أنه مصمم للولايات المتحدة ضد الصين، حسب رأي دبلوماسي آخر. 
وقال دبلوماسي إن القاعدة التي يمضي عليها الرئيس الأمريكي هي: إذا كانت الصين غير مرتاحة لهذا الاتفاق، فهو إذن اتفاق جيد للغرب، وهو يكشف أيضا أن الصين لا تزال تمثل أكبر تهديد للولايات المتحدة.
وأكد بيان البعثة أن بكين ستنفتح بقوة على العالم الخارجي بالسرعة التي تراها وتسعى إلى الحصول على صفقات تجارية "مربحة للجانبين" مع جميع الدول الصديقة للصين "بغض النظر عن القيود التجارية التي اعتمدتها الدول الأخرى ضد الصين مرة أخرى". وذهب محلل تجاري للقول إن كندا والمكسيك قد تخلتا عن سيادتهما في هذا البند.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية