Author

سياق حضاري مستمر

|
في هذا الوقت نحن في أشد الحاجة إلى استحضار تفاصيل تاريخنا الثري. هو قوتنا، وهو مادتنا التي تحمل بصمتنا وإيقاعنا الأجمل في العالم. وهو الأساس الذي تنبني عليه تعاملاتنا ومبادئنا وعدالتنا وصورتنا الناصعة منذ تأسيس هذا الكيان الشامخ على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه. نحن نتكئ على إرث حضاري عميق. جزء من هذا الإرث إسلامي، باعتبار أن الله اختار هذه الأرض مهبطا للوحي. قبل ذلك كانت هذه الأرض محطة رسالات، ومعبر حضارات، وأماكن لممالك قديمة، وملتقى لعرب الجزيرة العربية النبلاء وقبائلها وشعرائها وأبطالها في عدة مناسبات وأسواق، من بينها سوق عكاظ. هذه الأصالة والعراقة، عبرت إلى خارج الجزيرة العربية من خلال موجات عدة، وصلت إلى مشارف أوروبا والصين وبلاد فارس والهند والسند وما وراءهما. جزء من هذه الموجات كانت قبل الإسلام، وبعضها بعده. بعضهم قد ينظر إلى هذه الحقائق والفرضيات بنوع من اللامبالاة. وهذا خطأ. محصلة الكلام، أن الأثر الذي تركه ابن هذه الأرض منذ آلاف السنين، على الصخور وشواهد القبور وفي المدن القديمة التي أظهرتها التنقيبات الأثرية، كل هذه الأمور تعزز التأكيد على الدور الحضاري والإنساني. الإلحاح على هذه الحقيقة، والتأكيد على شخصية وهوية الإنسان والمكان، تزداد ضرورتها، مع محاولات التجريف المتوحش التي تتعرض لها شخصيتنا، نتيجة عمل ممنهج تمارسه قوى خارجية شريرة، ترى أن المملكة بكل عمقها وحضارتها واقتصادها وقيادتها وشعبها هي التي تتصدى لمطامعها ومؤامراتها المريضة. السعي إلى إضعاف المملكة ودورها، هدفه الأخير إعلاء قيمة القوى التي تتصدى لوجود قوة عربية حقيقية. والبديل الذي يتم طرحه يتماهى مع مشروعات إقليمية غير عربية. من المهم أن نستحضر هذا العمق، خاصة في هذا الوقت، الذي نواجه فيه تحديات كبرى. إن نجاح "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول الوطني 2020 سيكون ردا عمليا يؤكد الاستمرارية التي يتميز بها مشروعنا الحضاري. هذا النجاح قوامه أبناء وبنات المملكة. وطننا أمانة.
إنشرها