FINANCIAL TIMES

تحذير من «ستار حديدي» يقسم الإنترنت إلى أمريكية وصينية

تحذير من «ستار حديدي» يقسم الإنترنت إلى أمريكية وصينية

كثيرا ما يثير إريك شميت، الرئيس السابق لـ "جوجل"، الضجة. لكن في الشهر الماضي، أحدث ضجة لها أثر يجب أن يلاحظه المستثمرون في أسهم التكنولوجيا، ناهيك عن أي شخص يتتبع العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة والصين.
توقع شميت وهو يلقي كلمة في حدث خاص في وادي السليكون، أن الفضاء الإلكتروني يتجه نحو تمزق تاريخي. حتى الآن، الإنترنت موجودة (في الغالب) بوصفها منصة عالمية متكاملة، تتحرك خلالها المعلومات والأموال والتجارة الإلكترونية بسهولة حول العالم. لكن شميت يخشى من أن هذا على وشك الانهيار.
"أعتقد أن السيناريو المحتمل (خلال السنوات الـ 10 – 15 المقبلة) ليس تقسيم (الإنترنت) بل تشعبها إلى شبكة إنترنت تقودها الصين وشبكة إنترنت غير صينية تقودها أمريكا"، مضيفا، "أعتقد أنكم سترون قيادة رائعة في المنتجات والخدمات من الصين".
هناك عامل آخر يؤدي إلى هذا التمزق هو أن الصين لديها "نظام قيادي مختلف (...) مع رقابة وضوابط ونحو ذلك". انظر، مثلا، إلى "جدار الحماية العظيم" الشهير، وهو نظام الفحص الإلكتروني الذي تستخدمه بكين لحجب محتوى الإنترنت الأجنبي غير المرغوب فيه.
الأمر المهم أيضا، هو طريقة استخدام الصين "لمبادرة الحزام والطريق" والرفع المالي لجعل البلدان الأخرى تحت سيطرتها. لاحظ شميت أن المبادرة تضم 60 بلدا. وفي المستقبل "من المحتمل جدا أن تبدأ هذه البلدان بتبني البنية التحتية التي تملكها الصين" – بدلا من المنصة التي تقودها الولايات المتحدة حاليا. أو بعبارة أخرى: الخطر الآن هو ظهور نسخة القرن 21 من الستار الحديدي الذي كان قائما في العهد السوفياتي، أي حاجز إلكتروني يقسم شبكة الإنترنت العالمية إلى قسمين.
قد يشعر بعض الخبراء في وادي السليكون بالملل من هذا التنبؤ. قبل خمس سنوات شارك شميت في تأليف كتاب مع زميله السابق، جارد كوهين، أثار فيه مخاوف بشأن احتمال انقسام الإنترنت “splinternet”. واليوم أصبحت القضية موضوعا ثابتا للنقاش بين المطلعين على التكنولوجيا. وكما أشار أحد الرؤساء التنفيذيين المؤثرين في التكنولوجيا الشهر الماضي "معظمنا لا يريد قول ذلك علنا، لكننا نتفق مع ما يقوله إريك".
لكن إذا كان وادي السليكون مهتما بهذه القضية منذ فترة طويلة، فإن معظم الاقتصاديين والمستثمرين بدأوا يتنبهون بشكل بطيء للمخاطر – والآثار. لنفكر، مثلا، في فيسبوك. قبل أربع سنوات قال الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لفيسبوك، مارك زوكربيرج، للمستثمرين إن "المنتجات لا تثير ذلك الاهتمام الذي يجعلها تتحول إلى شركات حتى يكون لديها ما يقارب مليار مستخدم".
وقد يكون ذلك منطقيا في عالم فيه ثلاثة مليارات مستخدم يتم ضمهم بسهولة. لكن في حال كان توقع شميت صحيحا، فقد تحتاج الافتراضات الإيجابية بشأن حجم قاعدة مستخدمي الإنترنت في المستقبل – والسوق – إلى المراجعة. "هذه الأرقام، مثل خطط النمو من عديد من المهتمين بوادي السليكون، تستند على الافتراض القائل إن شبكة الإنترنت ستظل منصة عالمية موحدة تصل إلى مزيد ومزيد من الأسواق"، كما قال كريس مونديني، من هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة (أو "آيكان"، وهي جهة عالمية مسؤولة عن الحفاظ على بروتوكولات الإنترنت).
قد يرد بعض المستثمرين في التكنولوجيا المتفائلين بأن شميت يثير المخاوف فقط – أو أنه يلعب بشكل غير واضح لعبة الضغط ليخيف الحكومة الأمريكية حتى تتخذ مزيدا من الإجراءات للدفاع عن الإنترنت. ويتساءل بعض المنافسين حتى حول ما إذا كانت "جوجل" تحاول حماية مصالحها التجارية الخاصة في الصين. كانت الشركة تبحث في الآونة الأخيرة فيما إذا كان يجب عليها أن تطلق محرك بحث خاضعا للرقابة في الصين، أطلق عليه اسم "دراجونفلاي بروجيت" Project Dragonfly.
على أية حال، يجادل المتفائلون، بأن كثيرا من الشركات والمؤسسات في كل من أمريكا والصين لا تزال لديها مصالح مكتسبة من منع انقسام الإنترنت.
في الوقت الحالي تستمر مجموعات مثل "آيكان" في اتخاذ تدابير لضمان بقاء جذور الشبكة متصلة – أيا كان ما سيحدث للمنصات. يقول مونديني "حتى في عالم أصبح قوميا وممزقا بشكل متزايد هناك قدر كبير من التعاون يحدث على المستوى الفني".
في المرة المقبلة التي ستتبادل فيها الصين والولايات المتحدة الضربات، يجب أن يتذكر المستثمرون توقع شميت. الحاجز الإلكتروني لم يخرج إلى الوجود بعد. لكن إذا تحقق ذلك بالفعل، يمكن أن يقلب كثيرا من افتراضات السوق – بدءا من أسهم التكنولوجيا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES