عادت إيطاليا إلى صدارة المشهد الأوروبي على صعيد الأزمات الاقتصادية. وكانت قبل عدة سنوات إلى جانب اليونان وإسبانيا وإيرلندا والبرتغال، الدول التي وصل بعضها إلى حد الانهيار الاقتصادي التام، ولا سيما اليونان. لكن الأمور تحسنت عبر تدخل الاتحاد الأوروبي في حل المشاكل التي كانت تواجه هذه البلدان، على الرغم من مرارة الحلول بالنسبة لليونان على وجه الخصوص. إيطاليا عادت إلى الأضواء مجددا على صعيد العجز في الميزانية العامة، وهي مختلفة عن أي دولة أوروبية من تلك التي أشرنا إليها؛ لأنها ببساطة تمثل ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو؛ أي أنها ليست دولة تتمتع باقتصاد متوسط يمكن السيطرة على مشاكله. كما أن إيطاليا حاضرة في المشهد العالمي كونها من أكبر الاقتصادات في العالم.
المهم جرس الخطر قرع في المفوضية الأوروبية، بعد أن وصل الدين العام الإيطالي إلى 2.8 تريليون دولار. وفي الميزانية التي أعلنت لعام 2019 وصل عجز الإنفاق إلى 2.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. والمفوضية الأوروبية على وجه الخصوص انفجرت غضبا من الحكومة الإيطالية التي تسلمت الحكم أخيرا، لماذا؟ لأنها كانت تأمل أن تعلن روما خفضا مقبولا لديونها وليس ارتفاعا مرعبا لها. والأزمة لا تكمن هنا فقط، بل تستمر لتشمل معدل البطالة، الذي بلغ قرابة 10 في المائة، في حين وصل إلى 31 في المائة في أوساط الشباب. ناهيك عن ارتفاع شريحة أولئك الذين يعيشون تحت خط الفقر، ويقدرون بـ 11 في المائة. فالوضع في إيطاليا ليس جيدا، بل الأحرى أن نقول إنه سيئ وفق المعايير الوطنية والأوروبية.
لا شك أن وصول ديون إيطاليا إلى أكثر من 130 في المائة من ناتجها المحلي، سيفرض حقائق أخرى على الساحتين الإيطالية والأوروبية. فمنطقة اليورو لا تتحمل في الواقع وضعية اقتصادية كتلك التي تعيشها روما، بينما "يحتفل" العالم بشبه انتهاء آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، علما بأن بعض هذه الآثار يحتاج إلى فترة أخرى كي يختفي نهائيا. واللافت هنا، تنامي مشاعر شعبية إيطالية ضد وجود البلاد ضمن نطاق الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو. وفي الانتخابات الأخيرة، ظهرت هذه التحولات التي أدت إلى وصول حكومة يمنية إلى السلطة. في الوقت نفسه، لا يمكن لإيطاليا المضي قدما في هذا السياق؛ لأنها لو كانت تحتاج إلى عملية إنقاذ اقتصادية، فليس هناك إلا الاتحاد الأوروبي يقوم بذلك. حدث هذا مع عدد من الدول في السابق.
وإيطاليا - كما أشرنا - محورية على الساحة الأوروبية، وهي رغم ديونها المتعاظمة، إلا أنها تتمتع باقتصاد مرن، يمكن أن يحقق قفزات نوعية في مدة زمنية قصيرة، ناهيك عن الإمكانات التي تتمتع بها البلاد. غير أن مشكلة الحكومة الحالية تكمن في أنها لم تعد بعد خطة واقعية لخفض المديونية الحكومية، أو على الأقل السيطرة على الدين العام. وهذا الأمر أول ما تطلبه قيادات منطقة اليورو على وجه الخصوص. فالاتحاد الأوروبي الذي يشهد أزمة خروج بريطانيا منه بكل مشاكلها وعقباتها ومنغصاتها، ليس متفرغا لأزمة ديون كتلك التي تضرب إيطاليا، كما أن أي تدخل أوروبي مباشر في هذه المسألة سيقلب الأوضاع السياسية في البلاد كثيرا؛ لأن الإنقاذ أو المساندة الأوروبية لها تكاليفها الشعبية أيضا. هذه هي الحقيقة المجردة بالفعل.
- شركة "بويري" لـ"الاقتصادية": هناك مجال لاستيعاب مليون برميل يوميا من الإنتاج الإضافي في الربع الثالث دون زيادة المخزونات
- الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية في ظل "الرؤية" .. 11.5 ألف منشأة صناعية بصادرات 277 مليار ريال في 2023
- السعودية توقع مذكرة تفاهم تنموية لدعم مشروع إنشاء مدينة المضيبي الصناعية في عمان بقيمة 40 مليون دولار
- برنامج خدمة ضيوف الرحمن لـ "الاقتصادية": تأهيل 28 موقع تاريخي وإثرائي وأعداد قياسية لمعتمري الخارج
- الرؤية تحول موانئ السعودية إلى مركز لوجستي عالمي .. ربط للقارات و37 خطا ملاحيا جديدا في 2023
- قطار الرؤية السعودية يقترب من محطة 2030 .. وتقرير حكومي يؤكد: 87 % من مبادراتها مكتملة أو على المسار الصحيح