FINANCIAL TIMES

البرازيل .. ارتفاع الأسواق المفاجئ يدفع اليميني بولسونارو إلى الرئاسة

البرازيل .. ارتفاع الأسواق المفاجئ يدفع اليميني بولسونارو إلى الرئاسة

الارتفاع المفاجئ في الأسواق البرازيلية، ليس العامل الوحيد الذي يرفع الروح المعنوية ومشاعر الثقة لدى كبار رجال الأعمال والممولين في ساو باولو هذا الأسبوع.
احتمال فوز عضو الكونجرس اليميني جايير بولسونارو بالرئاسة وتنفيذ برنامج اقتصادي تحرري، أثار الآمال بين كثيرين في أن عقودا من السياسات الحكومية البرازيلية على وشك أن تنعكس.
علّق أحد كبار المصرفيين على أداء بولسونارو القوي في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، التي جرت يوم الأحد قبل الماضي، والتي حصل فيها النقيب السابق في الجيش، على الرغم من أنه امتدح الديكتاتورية العسكرية في البرازيل، على 46 في المائة من الأصوات، وكاد أن يخطف المقعد الرئاسي من الجولة الأولى: "أول شيء عليك القيام به هو أن تأخذ نفسًا عميقًا. هو لم يكن خياري الأول، ولكن بالتأكيد كثير من زبائني سعداء".
ويذكر أن باولو جويديس، المستشار الاقتصادي لبولسونارو، وهو مصرفي استثماري درس في جامعة شيكاغو، يسعى إلى الحصول على ممولين آخرين من ذوي النجاح الكبير للانضمام إلى الفريق الانتقالي، في حالة فوز بولسونارو على فيرناندو حداد من حزب العمال اليساري في الجولة الثانية من الانتخابات في 28 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري.
فاز حداد بـ 29 في المائة يوم الأحد قبل الماضي، ويقدر المحللون أنه يحتاج إلى اجتذاب أكثر من 85 في المائة، من جميع الناخبين الذين لم يختاروه ولم يختاروا بولسونارو للفوز - وهي مهمة شبه مستحيلة.
قال مصرفي كبير آخر: "هناك شعور بالأمل الحذر. قد لا يكون بولسونارو محفز التغيير الذي سأختاره، لكنه نتاج الديمقراطية البرازيلية. يتساءل كثير من زملائي كيف يمكنهم المساعدة. البرازيل بحاجة إلى ذلك".
العجز في الموازنة الآن 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، والدين الوطني وصل عنان السماء، ومناخ الأعمال الحاصل على المرتبة 125 من قبل البنك الدولي من أصل 190 بلدا، ويقول الاقتصاديون إن البرازيل بحاجة إلى جرعة حادة من الانتظام التقليدي لإخراجها من الضيق الاقتصادي.
من بين الممولين الذين تتحدث عنهم إدارة بولسونارو، ألكسندر بيتاميو، رئيس قسم أمريكا اللاتينية لدى بنك أوف أميركا ميريل لينش، وجواو كوكس، رئيس مجلس إدارة الوحدة البرازيلية في شركة تليكوم إيطاليا، وروبرتو كامبوس نيتو، رئيس الأسواق العالمية في بنك سانتاندر البرازيل. وذلك كما أفادت صحيفة فولها دي ساو باولو Folha de S.Paulo في يوم الثلاثاء قبل الماضي. على أنهم رفضوا جميعا التعليق على ذلك.
اختيار بولسونارو لمساعدين من القطاع الخاص، الذي يطلق عليه أحيانًا "زعيم الشعبوية المدارية" بسبب تعليقاته الصارمة، وسياساته المحافظة، ومنبره المؤيد للكنيسة، من شأنه أن يكرر خطوات مماثلة اتخذها الرئيس الأمريكي بعد فوزه في انتخابات عام 2016.
كذلك قام موريشيو ماكري، الرئيس الأرجنتيني، بتوظيف كبار المصرفيين وقادة الأعمال بعد فوزه عام 2015، مع التعهد بعكس السياسات التي اتبعتها سلفته.
وأشاد سيباستيان بينيرا، الرئيس التشيلي ورجل أعمال من أصحاب المليارات، هذا الأسبوع بالغرائز الاقتصادية لدى بولسونارو، واصفا إياها بأنها "تسير في الاتجاه الصحيح".
تشير الزيادة البالغة 5 في المائة في سوق الأسهم البرازيلية هذا الأسبوع، وزيادة 3 في المائة في سعر الريال، إلى أن كثيرا من المستثمرين يتفقون على ذلك، على الرغم من سمعة بولسونارو باعتبار أنه عضو باهت في الكونجرس، لم يرع سوى اثنين من التشريعات الناجحة خلال 28 سنة في برازيليا.
وقد خفت المخاوف من أن بولسونارو سيكافح من أجل الحكم بعد أن حصل حزبه الاجتماعي الليبرالي الوليد على 52 مقعداً من أصل 513 مقعداً في الكونجرس.
يمكن للحلفاء المحتملين، مثل "الحزب الجديد" من يمين الوسط، أن يساعدوا على تشكيل ائتلاف الأغلبية.
قد يقدم الضباط العسكريون المتقاعدون أيضًا قوة الإدارة، وهو تشابه آخر مع ترمب. رفيق بولسونارو هو الجنرال المتقاعد، هاملتون موراو.
ومع ذلك، ومع وجود أكثر من 30 حزباً في الكونجرس، حذر المحللون من أن قابلية الحكم يمكن أن تظل مشكلة بالنظر إلى مزاج بولسونارو التصادمي، وقلة معرفته بتشغيل جهاز الدولة في البرازيل. كافح ترمب أيضا في الولايات المتحدة وسط تقارير عن الفوضى داخل إدارته.
قال باولو سوتيرو، مدير معهد البرازيل في مركز وودرو ويلسون: "لدى بولسونارو قدرة غير مؤكدة على اختيار فريق تنفيذي كفء، وإدارة ائتلاف كبير ومتنوع من الأحزاب. قد يكون بولسونارو قادراً على الفوز، لكن يبقى أن نرى ما إذا كان سيتمكن من الحكم بفعالية".
ربما كان الخوف الأكبر بين منتقدي بولسونارو الكثيرين هو تزايد العنف، نظراً لتعليقاته الكارثية المتكرّرة الكارهة للنساء وكراهية غير الأسوياء في الحملة الانتخابية، وحله المفضل لتزايد الجريمة البرازيلية المتمثل في تحرير ملكية السلاح.
حزب العمال، الذي حكم البرازيل في معظم هذا القرن، وحل الركود العميق في البلاد وأكبر فضيحة فساد في عهده، يصور في هذه الأثناء بولسونارو باعتباره سلطويا قادرا على إعادة البرازيل إلى عهد الديكتاتورية.
البرازيل بحاجة إلى تغييرات واسعة للغاية. فهل سيتمكن بولسونارو من ذلك؟ هناك كثير من الأعذار والاستثناءات. في النهاية، يجب أن تثق بمؤسسات البلد. أنا أفعل ذلك" حسب زعمه.
ليس كل أصحاب الشهرة والقوة في ساو باولو يؤيدون بولسونارو. تسببت الطاهية المشهورة هيلينا ريزو في إثارة ضجة كبيرة بين زبائنها من النخبة، حيث هدد كثير منهم بمقاطعة مطعمها ماني، بعد أن نشرت صورة على إنستاجرام لموظفي مطبخها وهم يرفعون أصابعهم، وهاشتاق يعني "ليس هو" (#nothim) مكتوبا على ذراعها.
قال أحد التعليقات: "من يستطيع أن يضمن.. أن طاهية بهذه الأخلاق لا تبصق على أطباق زبائنها".
لقد أُجبرت ريزو على نشر ملاحظة توضح أن هذا التعليق كان رأيًا شخصيًا ولا يهدف إلى الحكم على سياسة عملائها.
وقالت: "لفتتي هي احتجاج ضد التحيز، والغلو في الوطنية، والعنصرية، والرهاب من الآخر المختلف وكراهية النساء".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES