Author

سياسة نفطية متوازنة لأسعار عادلة

|

تلتزم المملكة بسياسة نفطية وضعتها لنفسها منذ سنوات طويلة، وهذه السياسة تعتمد أساسا على الحفاظ على استقرار السوق العالمية، وتوفير الأدوات اللازمة لسد ثغرة هنا أو حل مشكلة هناك، كي تستمر عجلة الاقتصاد العالمي في الدوران دون منغصات أو مكابح أو أزمات. وهذه السياسة النفطية تلقى أيضا تقديرا كبيرا على الساحة الدولية؛ لأنها بالفعل حققت كثيرا من الإنجازات، خصوصا في أوقات الأزمات العالمية. حتى عندما بلغت أسعار النفط مستويات متدنية كثيرا، باشرت العمل مع شركائها في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك"، والدول خارج المنظمة؛ لإعادة الأسعار إلى المستويات العادلة، وفي الوقت نفسه توفير الإمدادات اللازمة للسوق العالمية من هذه المادة الحيوية. والجميع يعرف، كيف وقفت المملكة في وجه بعض الجهات التي حاولت تخريب اتفاق خفض الإنتاج.
اليوم، تعتزم السعودية رفع إنتاجها لأسباب تتعلق أيضا بالسوق العالمية، وبسياستها النفطية المتوازنة. والأسباب عديدة، في مقدمتها - بالطبع - مواصلة التزام الرياض بتلبية الطلب الهندي على النفط، وهذا الطلب - كما هو معروف - يرتفع مع الارتفاع المطرد للنمو الاقتصادي في الهند. والحق أن الهند تعاني بعض المشاكل على صعيد ارتفاع أسعار النفط، مع تراجع في قيمة عملتها، غير أن ذلك كان متوقعا وواضحا. ولذلك، سعت السعودية، ليس فقط إلى رفع مستوى الإمدادات النفطية للهند، بل إلى الحفاظ على أسعار بترولية عادلة للمنتجين والمستهلكين في آن معا. وباختصار، تعمل المملكة على تجنب حدوث أي صدمات في السوق النفطية، لا على صعيد انخفاض الأسعار ولا ارتفاعها بصورة غير مقبولة.
وتستطيع السعودية الإيفاء بوعودها في هذا المجال، وكذلك التزامها الكامل بسياستها النفطية التي وضعتها لنفسها دون أي تأثير فيها. ولذلك، تشهد منذ انطلاق "رؤية المملكة 2030" ارتفاعا ملحوظا في استثماراتها في الطاقة بشكل عام، بما في ذلك النفط. ووفقا للمهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، فإن الحكومة استثمرت عشرات المليارات من الدولارات؛ لبناء طاقة فائضة بين مليونين وثلاثة ملايين برميل يوميا على مر السنين. وهذا الحجم من الطاقة الفائضة يعادل - في الواقع - الحجم الكلي لعدد من كبار منتجي البترول. هناك استراتيجية معلنة وواضحة للاستثمار المتواصل في قطاع الطاقة بشكل عام في المملكة، وحقق هذا الاستثمار خطوات عملية في الآونة الأخيرة.
والسعودية جاهزة - كما هو معروف - لتعويض أي نقص في الإمدادات العالمية من البترول. وقد أكدت في غير مناسبة أنها مستعدة لتعويض خروج أو نقص إنتاج بعض الدول لأسباب مختلفة، بما فيها ليبيا وفنزويلا، فضلا عن خروج النفط الإيراني - بصورة شبه نهائية - من السوق، في أعقاب إطلاق الموجة الثانية من العقوبات الأمريكية على النظام الإرهابي الإيراني، كما أنها أكثر البلدان النفطية قدرة على الإنتاج وقت الأزمات وفي الأزمنة العادية. ولذلك، لا خوف على الإمدادات العالمية، كما لا خوف على ارتفاع أو انخفاض الأسعار بصورة غير مقبولة لكل الأطراف المعنية بهذه السلعة الاستراتيجية. فالأسعار ستبقى في الحدود المطلوبة، بفعل الاتفاق العالمي الذي تقوده السعودية - في الواقع - لخفض الإنتاج، كما أن هذا الاتفاق بات مستداما ومتجددا، الأمر الذي يوفر الضمانات المطلوبة، كما أن المشاكل التي تصيب بعض الدول النفطية حاليا، لن تؤثر في الإمدادات العالمية بفضل القدرة السعودية على سد الثغرات في السوق.

إنشرها