FINANCIAL TIMES

إرهاب اليمين المتطرف يزداد جرأة في أوروبا

إرهاب اليمين المتطرف يزداد جرأة في أوروبا

في الوقت الذي اعتقلت فيه الشرطة الألمانية سبعة رجال الأسبوع الماضي، متهمة إياهم بتشكيل جماعة يمينية إرهابية تسمى "ثورة كيمنتز"، قال ممثلو ادعاء إنهم أحبطوا مؤامرة متطرفة تهدف إلى ضرب قلب مؤسسة الدولة في ألمانيا.
بعد صيف من الاشتباكات العنيفة والتوترات المتصاعدة في مدينة كيمنتز الألمانية الشرقية التي أصبحت مرادفا للعنف الشديد وكره الأجانب، ألقت الاعتقالات ضوءا جديدا على توسع الإرهاب اليميني وانتشاره على نطاق أوروبا.
سجلت "يوروبول"، وكالة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد الأوروبي، زيادة بمقدار الضعف تقريبا في عدد الأفراد الذين اعتقلوا بسبب جرائم يمينية متطرفة العام الماضي، وهو توجه يقول عنه محللون إنه مدفوع بوسائل الإعلام الاجتماعية وبمزيج خطير من السياسات الشعبوية وعدم المساواة الاقتصادية وعدم الرضا عن النخبة الليبرالية والمؤسسات.
يقول نيك رايان، من منظمة "أمل وليس كراهية" Hope not Hate، وهي حملة بريطانية لمناهضة العنصرية: "لا شك في أن هناك جوا يمكن لشرارة ما أن تفسد فيه الأمور".
ومع ذلك، فإن الارتفاع في عدد الاعتقالات وسط اليمينيين لا يزال صغيرا مقارنة بعدد الأفراد المعتقلين للاشتباه بهم في التطرف الجهادي أو العنف. سجلت يوروبول 20 حالة اعتقال لعناصر يمينية في الاتحاد الأوروبي، باستثناء المملكة المتحدة، في عام 2017 مقارنة بـ 705 من حالات الاعتقال للجهاديين، و36 للإرهاب اليساري والفوضوي.
لكن محللين أمنيين والشرطة يقولون مع أن الأرقام منخفضة وشن الهجمات الخطيرة أمر نادر، إلا أن الجماعات أصبحت أكثر تطورا في تخطيطها وأكثر ميلا لاستخدام الأسلحة والعنف الخطير. وثبتت تلك النقطة من خلال اعتقال مجموعة من عشرة متطرفين يمينيين في فرنسا هذا الصيف ممن خططوا لقتل مسلمين.
مارك رولي، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب السابق في شرطة لندن، قال في وقت سابق هذا العام: "تهديد اليمين المتطرف لم يكن منظما في السابق. من حين إلى آخر كان هناك فرد تحفزه تلك اللغة ويرتكب عملا إرهابيا، لكن لم يكن لدينا تهديد يميني متطرف منظم كما هو موجود الآن".
جاءت الاعتقالات يوم الإثنين الماضي في كيمنتز في الوقت الذي بدأ فيه العنف اليميني المتطرف التراجع في ألمانيا. بعد بلوغها الذروة في عام 2016، عندما كان اللاجئون لا يزالون يتدفقون على البلاد، تراجعت الهجمات على بيوت المهاجرين وتراجعت أيضا الاحتجاجات والمظاهرات المتطرفة المعادية للأجانب بشكل حاد في العام الماضي.
وفقا لتقرير عن العنف السياسي من وكالة الاستخبارات المحلية الألمانية، BfV، كان هناك 1054 حالة من أعمال العنف اليميني المتطرف في ألمانيا العام الماضي، مقابل 1600 في عام 2016 – أي أنها انخفضت 34 في المائة.
ويلاحظ خبراء أن عدد الإرهابيين اليمينيين في ألمانيا لم يزد بالضرورة في السنوات الأخيرة، إلا أنهم أصبحوا يتمتعون بثقة أكثر. ويرجع هذا إلى حد كبير إلى نجاح حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب يميني متطرف مناهض للهجرة، يحصل في استطلاعات الرأي الآن على تأييد نحو 18 في المائة من الألمان على المستوى الوطني. ودخل الحزب البوندستاج (البرلمان الاتحادي الألماني) للمرة الأولى في العام الماضي.
قال جواكيم كراوز من جامعة كيل: "لقد حظي المشهد الإرهابي اليميني المتطرف بدفعة قوية من حزب البديل من أجل ألمانيا. أنهم يشعرون بأن الرياح في أشرعتهم".
وبحسب مارسيل ديرسوز، من مؤسسة كونراد أديناور، وهي مؤسسة فكرية: "حزب البديل من أجل ألمانيا يضفي نوعا من الشرعية على مظالم الناس ما يزيد من غضبهم وسخطهم. هذا ربما يؤدي إلى تشجيع اليمينيين أصحاب وجهات النظر اليمينية على اللجوء إلى العنف لتحقيق أهدافهم السياسية". ومع أن أحداث الصيف في كيمنتز أدت إلى التركيز مجددا على مشكلة ألمانيا مع اليمين المتطرف، إلا أن المملكة المتحدة لديها أكبر عدد من الاعتقالات للمتطرفين اليمينيين في أوروبا العام الماضي، إذ قفزت من 61 إلى 75 خلال 12 شهرا حتى نهاية حزيران (يونيو).
ولا يزال هذا منخفضا نسبيا مقارنة بالإرهاب الدولي - الذي يشكل في معظمه جرائم إرهابية مستوحاة من المتطرفين الإسلاميين - لكنه أعلى بكثير من دول أخرى في أوروبا مثل فرنسا التي اعتقلت 15 شخصا بسبب جرائم اليمين في عام 2017.
قال راسل فوستر، من كلية كينج في لندن: "نعم، نشهد زيادة بسيطة في الاعتقالات وتتخذ الحكومات بعض الإجراءات، لكن الأكثر أهمية هو زيادة العنف المحتمل الناتج عن طريق الإنترنت".
واستخدم نشطاء يمينيون بارزون، مثل زعيم "رابطة الدفاع الإنجليزية" السابق، تومي روبنسون، وسائل الإعلام الاجتماعية لحشد عدد هائل من المتابعين على الإنترنت ولجمع الأموال.
في فرنسا، استخدمت الحركة القومية اليمينية المتطرفة "جيل الهوية" Génération Identitaire حملات إعلامية مخادعة عبر الإنترنت من أجل جمع الأموال وللمساعدة في تشكيل مجموعات فرعية عبر أوروبا.
في الوقت الذي يقول فيه روبنسون و"جيل الهوية" إنهما يستخدمان فقط الوسائل السلمية والديمقراطية من أجل التأثير على الرأي العام، يقول نقاد إن هؤلاء النشطاء يشعلون التطرف العنيف.
ولمواجهة هذا، يقول الاتحاد الأوروبي إنه يكثف جهوده لمواجهة التطرف على الإنترنت، ويهدد بفرض غرامات مالية كبيرة ضد المجموعات التكنولوجية الأمريكية الكبرى ما لم تتم إزالة أي محتوى متطرف خلال ساعة واحدة.
وأخبر جوليان كينج، مفوض الأمن في الاتحاد الأوروبي، "فاينانشيال تايمز" أن بروكسل كانت على علم بالمشكلة المتنامية من اليمين المتطرف، إلا أن الإجراءات الجديدة التي يجري اتخاذها صممت لتستهدف كل المجموعات وكل أنواع التطرف.
وأضاف: "معظم الهجمات التي وقعت في السنوات الأخيرة جاءت من التطرف المرتبط بالجهاديين، لكننا لم نقل أبدا أن هذا هو المصدر الوحيد للتطرف الذي نسعى إلى مواجهته".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES