FINANCIAL TIMES

«جنرال إلكتريك» تبتلع «ألستوم» .. الجوهرة الفرنسية السامة

«جنرال إلكتريك» تبتلع «ألستوم» .. الجوهرة الفرنسية السامة

«جنرال إلكتريك» تبتلع «ألستوم» .. الجوهرة الفرنسية السامة

«جنرال إلكتريك» تبتلع «ألستوم» .. الجوهرة الفرنسية السامة

«جنرال إلكتريك» تبتلع «ألستوم» .. الجوهرة الفرنسية السامة

كان ولا يزال على شركة جنرال إلكتريك أن تحفر عميقا للفوز بمعركة اقتناص قسم الطاقة في شركة ألستوم.
الشركة الأخيرة، كانت قطعة من جواهر التاج في الصناعة الفرنسية، ومثل بيعها إلى شركة منافسة أمريكية أمراً غير مستساغ للحكومة في باريس.
عندما أصبح خطاب شركة جنرال إلكتريك علنياً في نيسان (أبريل) من عام 2014، أمضى التنفيذيون في الشركة شهوراً طويلة في التنقل بين الولايات المتحدة و"غرفة الحرب" في الشركة، في قاعدتها الصغيرة في وسط باريس، لنيل الدعم من أجل خطتها.
بعض مفاوضات حاسمة جرت بين إيمانويل ماكرون، وزير الاقتصاد في فرنسا في ذلك الحين، والآن رئيسها، وجون فلانيري، الذي كان في ذلك الحين يشغل منصب النائب الأعلى للرئيس، لتطوير الأعمال في العملاقة الأمريكية، أي شركة جنرال إلكتريك.
عندما وقفت شركة جنرال إلكتريك في وجه محاولة منافسة من "سيمنز"، وحصلت على الموافقات من الحكومة الفرنسية وسلطات المنافسة في الاتحاد الأوروبي، ما مهد الطريق للصفقة التي كانت بقيمة 10.1 مليار دولار في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2015، كان يُنظر إلى ذلك أنه نجاح مشترك لفلانيري، وستيف بولز، رئيس قسم الطاقة في شركة جنرال إلكتريك، وجيف إيملت، الرئيس التنفيذي للشركة.
خلال ثلاثة أعوام، خرج الرجال الثلاثة جميعا. تم الإعلان عن رحيل إيملت في حزيران (يونيو) الماضي، عندما حل محله فلانيري.
وغادر بولز بعد ذلك بيومين، بعد أن فشل في الفوز بالوظيفة العليا.
بعد ذلك أصبح فلانيري الرئيس التنفيذي في أقصر فترة ولاية في تاريخ شركة جنرال إلكتريك، حيث دامت 14 شهراً فقط، قبل أن يستبدله المجلس هذا الأسبوع بلاري كولب، أحد أعضاء مجلس الإدارة المستقلين في المجموعة.
في الوقت الذي أعلنت فيه تعيين كولب، حذرت شركة جنرال إلكتريك أيضاً أنها ستتحمل تكاليف غير نقدية لكي تشطب "فعلياً كامل" مبلغ الـ 23 مليار دولار، من اسم الشهرة على الميزانية العمومية لقسم الطاقة فيها، الذي أصبح معظمه مستحقاً في عملية الاستحواذ على شركة ألستوم.
اعترف فلانيري العام الماضي بأنه لو كان بإمكانه العودة بالزمن، لكانت شركة جنرال إلكتريك قد دفعت "سعرا أقل على نحو لا يستهان به" مقابل تلك الأعمال.
المبرر المنطقي لصفقة شركة ألستوم كان أنها ستجعل قسم معدات الطاقة في شركة جنرال إلكتريك قوة عالمية مهيمنة، على السوق. في غضون عامين من إبرام الصفقة، أصبح واضحاً أن القسم كان يتجه نحو هبوط حاد.
يقول سكوت ديفيس، المحلل في وكالة ميليوس ريسيرش "قسم الطاقة في شركة جنرال إلكتريك على باب الموت. سيتطلب إصلاحه تغييراً هائلاً في الاستراتيجية".
صفقة شركة ألستوم أبعد ما تكون عن الخطوة الاستراتيجية السيئة الوحيدة في شركة جنرال إلكتريك، لكنها تمثل رمزاً لاثنين من عيوب الشركة: الضعف في صنع الصفقات، وعدم القدرة على الاستجابة بفعالية لسوق متغيرة.
معاً، هذان العيبان يقطعان شوطا طويلا لتفسير السبب في أن واحدة من أكبر الأسماء في الشركات الأمريكية، العضو الأصلي في مؤشر داو جونز الصناعي عند إنشائه في عام 1896، خسرت أكثر من 80 في المائة من رسملتها السوقية منذ عام 2000.
في عهد جاك ويلش، الرئيس التنفيذي الذي قاد الشركة لمدة عقدين من الزمن حتى عام 2001، كان لدى شركة جنرال إلكتريك ميل لرؤية صنع الصفقات بأنه الحل لكل مشكلة.
في عهد ويلش كانت ثقافة الاستحواذ هي معادلة فائزة. ارتفعت أسهم شركة جنرال إلكتريك 50 مرة من وقت توليه المنصب إلى وقت ذروتها في عام 2000.
هذا كان جزئياً دلالة على الأداء المتفوق الحقيقي: كان بإمكان شركة جنرال إلكتريك شراء الشركات، وتطبيق انضباطها الإداري وزيادة الأرباح.
لقد كان ذلك أيضا دلالة على المجد الممنوح لويلش من قِبل البورصة. ثقة المستثمرين بقدراته جعلت من السهل عليه عقد صفقات ترفع سعر السهم، الأمر الذي ساعده في المقابل على عقد مزيد من الصفقات.
كانت النتيجة أنه بحلول وقت تنحيه في عام 2001، كان ويلش قد بنى تكتلاً كبيراً ومترامي الأطراف يمتد من الترفيه إلى الطيران ومن البلاستيك إلى التأمين، مع نحو 40 في المائة من أن تأتي أرباحها من الخدمات المالية.
انطلق إيملت بعملية طويلة لتبسيط الشركة، لكنه اختار إعادة تدوير معظم العائدات في مزيد من عمليات الاستحواذ. بعضها كان ناجحاً؛ أخرى لم تكن كذلك، بما في ذلك عملية توسع بتوقيت سيئ في معدات حقول النفط قبل فترة وجيزة من تراجع الصناعة. بدون مزايا سمعة ويلش اللامعة، كان من الصعب جعل أي من تلك الصفقات رابحة للمستثمرين.
كانت صفقة شركة ألستوم تبدو كأنها واحدة من الصفقات الأفضل، بالنسبة إلى كثير من المحللين فضلاً عن التنفيذيين في الشركة.
لقد استوعبت شركة جنرال إلكتريك شركة منافسة رئيسية لها، لديها أعمال في مجال توليد الكهرباء ومعدات الشبكات التي أكملت أعمالها الحالية.
جيف بورنشتاين، كبير الإداريين الماليين في ذلك الحين، قال في ذلك الوقت "إنه يرى أن شركة جنرال إلكتريك في وضع جيد لدمج عمليات شركة ألستوم، مما هو لأي صفقة أخرى في تاريخها".
وكانت شركة ألستوم لديها أيضاً قاعدة من المعدات التي تم تركيبها، التي كان المتوقع أن تولد إيرادات الخدمات لعقود مقبلة.
واحد من كل أربعة مصانع فحم وغاز وطاقة نووية في جميع أنحاء العالم يستخدم تكنولوجيتها.
في ذلك الحين، كان قادة شركة جنرال إلكتريك يركزون على صفقة، ربما كانت مثالية قبل عشر سنوات أو 20 عاماً، إلا أنهم كانوا يقللون من حجم التغييرات التي تُصيب صناعة الكهرباء. مع انخفاض تكاليف طاقة الرياح والشمس، أصبحت قادرة على التنافس ضد محطات توليد الكهرباء، التي تعمل بالغاز والفحم، وهي موطن قوة شركتي جنرال إلكتريك وألستوم، معاً، قبل ومن بعد الاستحواذ.
يقول كينجسميل بوند من مبادرة كاربون تراكر "إنه من الخطأ أن تقوم الشركات في بعض الأحيان بالتغيير الهيكلي: اختلط عليهم حجم السوق الحالية مع النمو المستقبلي لنفس السوق".
تراجعت مبيعات التوربينات، تماماً في الوقت الذي أخذت فيه شركة جنرال إلكتريك نحو 63 ألف موظف جديد من شركة ألستوم، وبدا أن التنفيذيين غير مدركين لخطورة الوضع.
في آذار (مارس) من عام 2017، قدّم بولز عرضاً توضيحياً يُشير إلى أن أرباح قسمه في ذلك العام، يُمكن أن ترتفع بنسبة تزيد على 10 في المائة.
على أنه، في الواقع، انخفضت بنسبة 45 في المائة، واستمر التراجع هذا العام. في سوق شديدة المنافسة على توربينات الغاز الكبيرة، انخفضت الأسعار، فخسرت شركة جنرال إلكتريك لمصلحة منافستها اليابانية "ميتسوبيشي هيتاشي" لأنظمة الكهرباء.
مع اتساع حجم المشكلة، قرر فلانيري خفض التكاليف. وأعلن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي أن 12 ألف وظيفة ستخرج من قسم الطاقة.
بيد أن خفض عدد الموظفين عمل بطيء في أوروبا، خاصة في فرنسا، حيث كان إيملت قد تعهد بإنشاء ألف وظيفة إضافية بحلول نهاية عام 2018.
طفرة الطاقة المتجددة كانت مفيدة لعمليات توربينات الرياح في شركة جنرال إلكتريك، إلا أنها رابع أكبر شركة تصنيع في العالم في ذلك القطاع.
حاول إيملت لفترة من الوقت دخول صناعة الطاقة الشمسية، لكنه فشل في تأسيس أعمال قابلة للحياة بسبب انخفاض سعر الألواح.
تبلغ إيرادات شركة جنرال إلكتريك من الطاقة المتجددة أقل من ثُلث تلك التي تجنيها من بقية أعمال توليد الكهرباء فيها.
ضعف قسم الطاقة مُثير للقلق بشكل خاص بالنسبة إلى شركة جنرال إلكتريك، لأنه كان من المفترض أن يكون أحد الأعمدة التي تدعم كامل المجموعة.
الخطة لجعل تركيز الشركة أكثر وضوحاً، التي وضعها فلانيري وأيّدها كولب، تتضمن بيع الحصة المُسيطرة لشركة جنرال إلكتريك، في مجموعة خدمات حقول النفط بيكر هيوز، وفصل قسم الرعاية الصحية الناجح.
إذا تم المضي قُدماً في تلك التنظيمات، سيبقى لدى شركة جنرال إلكتريك عمليات مهمة في قطاعين فقط: الطيران والأعمال التي بدأت الشركة بها أول مرة قبل 126 عاماً، الكهرباء.
لا تزال الخطة تبدو منطقية، وذلك وفقاً لجاستن بيرجنر، المحلل في وكالة جابيلي. يقول "شركة جنرال إلكتريك تحاول أن تُصبح أصغر حجماً، وأكثر رشاقة وأقل تعقيداً. في عالم سريع الحركة، هياكل التكتلات لا تؤدي إلى صُنع القرار الأفضل". إذا على أنه إذا استمر قسم الطاقة في تحقيق أداء ضعيف، فستكون هناك أقسام أخرى أقل لدعمه.
وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال خفضت التصنيف الائتماني لشركة جنرال إلكتريك هذا الأسبوع، وقالت وكالات أخرى "إنها تنظر في القيام بنفس الشيء".
إلحاح الأزمة يتيح فرصاً لإجراء تغييرات جذرية. مجموعة من المستثمرين، بما في ذلك السير كريستوفر مدير صندوق التحوط هون من صندوق استثمار الأطفال، نشرت يوم الجمعة الماضي رسالة إلى كولب، تحثّه على تقليص الاستثمار في توليد الكهرباء بالغاز والفحم واحتضان الطاقة النظيفة.
موقّع آخر، إيون ياديجار أوجلو من مجموعة الاستثمار المستدام كابريكورن، قال "إن الاستثمار في الوقود الأحفوري يعني تدمير قيمة حملة الأسهم ومواصلة فرص عدم النمو".
يجادل دافيس بأنه على الرغم من أنه قد تكون هناك حاجة إلى محطات جديدة لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز والفحم لعقود مقبلة، إلا أن السوق تنافسية للغاية، وتعاني قدرا كبيرا من المخاطر وهوامش الربح المنخفضة إلى درجة أن شركة جنرال إلكتريك قد تكون أفضل حالاً خارجها.
التخلي عن بيع التوربينات الجديدة للتركيز على أعمال الخدمات الأكثر ربحية، سيكون خطوة بالغة الأهمية، لكن دافيس يرى أن شركة جنرال موتورز في وضع شبيه لما كان أيام الأزمة المالية عام 2008، لذا فإن الأعمال بحاجة ماسة إلى إعادة تفكير جذرية.
لم يمنح كولب كثيرا من نفاذ البصيرة لتفكيره: لم يقل شيئاً علناً للمحللين أو المستثمرين منذ الإعلان عن تعيينه يوم الإثنين قبل الماضي.
من المؤكد أنه يملك الحافز: ستوفر له حزمته أسهماً بقيمة تزيد على 230 مليون دولار، إذا تمكن من رفع سعر السهم مرة أخرى إلى أعلى من 31 دولارا، وهو السعر الذي كان عليه في بداية عام 2017.
تعد شركة جنرال إلكتريك في خطوة كبيرة من حيث الحجم مقارنة بشركة داناهر، مجموعة التصنيع التي صنع اسمه فيها كرئيس تنفيذي ناجح للغاية بين عام 2001 وعام 2014.
في نهاية السنة الماضية كان لدى شركة جنرال إلكتريك 313 ألف موظف، أي نحو خمسة أضعاف العدد الذي كان لدى شركة داناهر.
سجل كولب في شركة داناهر استفاد من استراتيجية للاستحواذ، جلبت شركات بقيمة نحو 25 مليار دولار، فيما كان على الأرجح أقرب شبيه هذا القرن بفترة ويلش في شركة جنرال إلكتريك. على أنه لن يكون قادرا على تكرار الاستراتيجية المذكورة في وظيفته الجديدة.
في حديثه إلى المحللين بعد أسبوعين من إبرام صفقة شركة ألستوم في عام 2015، وصف بولز المعركة للفوز بالأصول بأنها "رحلة ملحمية".
الدرس المستفاد من السنوات الثلاث السابقة في شركة جنرال إلكتريك، هو أنه، من الناحية النسبية، كان ذلك هو الجزء السهل، لا أكثر، أي أن المعركة قد بدأت الآن، إلى حين.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES