Author

مستقبل التوظيف عام 2019

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع وكالة «بلومبيرج» كان لقاء مهما في هذه المرحلة المتقدمة في الإصلاحات الاقتصادية للمملكة، وكان فرصة للإجابة عن مجموعة من الأسئلة التي طرأت أخيرا في قضايا مهمة، مؤكدا فيها مسائل تعد من المسلمات للمملكة، ولعل أهمها الإجابة التي ينتظرها العالم عما تحدث به الرئيس الأمريكي فيما يتعلق بالحماية الأمريكية للمملكة، إلا أن رد الأمير كان مختصرا وواضح المعالم بأن المملكة لن تدفع مقابل أمنها، كما أنها تشتري كغيرها في العالم التقنيات المتقدمة للأسلحة وغيرها من احتياجاتها من الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم، مع وجود امتياز لصفقاتها أخيرا في أمرين: الأول أنها تحصل على الأسلحة المتقدمة من الولايات المتحدة، التي لا تقدمها غالبا إلا إلى المقربين من حلفائها في العالم، والأمر الآخر أن المملكة أيضا حصلت على امتياز تصنيع جزء كبير من تلك الأسلحة داخل المملكة تحقيقا لـ"رؤية المملكة 2030" بأن تصنع المملكة في الداخل 50 في المائة من احتياجاتها للأسلحة. كما أن اللقاء لم يخلُ من مجموعة من الإجابات والرؤى المتعلقة بأمور اقتصادية حول النفط وأسعاره، إضافة إلى العمل مع الأشقاء في الكويت لحل مسألة المنطقة المشتركة بين المملكة والكويت؛ ليتمكن الطرفان من الاستفادة منها بصورة أمثل، في إطار حل عادل ومرضٍ للطرفين، ويحقق المصلحة المشتركة بينهما. كما أن المقابلة تناولت موضوعات مهمة تتعلق بطرح شركة أرامكو للاكتتاب، وانتقال حصة صندوق الاستثمارات العامة من "سابك" إلى "أرامكو"، ما يوحي باحتمال إيجاد كيان جديد بين "أرامكو" و"سابك"، كما أن المقابلة أشارت إلى موضوع اقتصادي مهم، وهو حصة رواتب الموظفين من الميزانية، التي كانت تمثل النصف تقريبا، والآن تمثل قريبا من 42 في المائة، ويتوقع أن تصل إلى 40 في المائة عام 2020. لعل إحدى القضايا المهمة التي تحدث عنها ولي العهد، التي تشغل المجتمع محليا، هي مسألة البطالة في المجتمع، وكيف يمكن حل هذه المشكلة، وما سبب زيادة معدل البطالة في ظل سعي الحكومة إلى تخفيضها، وأشار في هذا اللقاء إلى أن ذلك بسبب إعادة هيكلة الاقتصاد محليا، ما قد يتبع ذلك من آثار جانبية يمكن أن تؤثر في الاقتصاد، لكن هذه الآثار يمكن التعامل معها على المدى القريب؛ حيث أشار ولي العهد إلى أن بداية التحسن في مسألة إيجاد الوظائف الجديدة ستبدأ في نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل 2019. وهذا مؤشر إيجابي على حالة النمو والحركة الاقتصادية المتوقعة للسوق، فالبطالة تنشأ عنها آثار سلبية للاقتصاد، مثل زيادة النشاط الاقتصادي في السوق؛ بسبب حالة الإنفاق التي يقوم بها الموظفون، وهذا سيزيد النشاط الاقتصادي، ويعزز من فرص طرح الوظائف في القطاع الخاص. لعل مسألة البطالة تعد معضلة اليوم في المجتمع، ولا يقف السبب فقط في مسألة طرح الوظائف وتحسن الاقتصاد، فسوق العمل التي توظف ما لا يقل عن 12 مليونا من القوى العاملة الأجنبية، تدل على أنها سوق أكثر ديناميكية، وفيها فرص جيدة لتحسين سوق الوظائف، والمعضلة لا تتعلق بقطاعات التوظيف فقط، بل بمجموعة من العوامل التي يتم حاليا العمل على إصلاحها، لعل واحدا من العناصر هو بناء ثقافة عامة في المجتمع؛ للقبول بفرص متنوعة من الوظائف، ليس باعتبارها مسارا مستمرا، لكن مرحلة مهمة للمواطن لبناء مهاراته، والانتقال إلى فرص أفضل، وبناء هذه الثقافة يتطلب إسهاما من المؤسسات التعليمية والتدريب، التي تقع على عاتقها تهيئة القوى العاملة الوطنية لسوق العمل، ولعل مبادرة وزارة العمل بتطوير عمل صندوق الموارد البشرية «هدف» أحد الخيارات التي يمكن أن تزيد من تأهيل القوى العاملة الوطنية لسوق العمل. كما أن المبادرات الخاصة بتوطين مجموعة من الأنشطة لها دور في إيجاد فرص أكثر للمواطنين، وتقضي بصورة أكبر على مشكلة التستر في الأنشطة التجارية. المرحلة المقبلة أظهرت مجموعة من المبادرات والمشاريع الحكومية التي يمكن أن تُوجِد في سوق العمل وظائف نوعية، ولذلك من المهم اليوم في المؤسسات التعليمية والتدريب العمل على مواءمة مخرجاتها لتلك المشاريع؛ إذ إن العنصر البشري المؤهل مهم لنجاح تلك المشاريع العملاقة والنوعية. فالخلاصة هي أن لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كان ثريا من جهة المحتوى، ويجيب عن كثير من الأسئلة التي تشغل المتابعين للإصلاحات والمبادرات والمشاريع النوعية التي تعمل عليها المملكة حاليا، ولعل مسألة البطالة تشغل المجتمع محليا، ومن الواضح أن حكومة خادم الحرمين الشريفين لديها وعي وخطط وبرامج، سيظهر أثرها سريعا - بإذن الله - مطلع عام 2019 وفقا لما أعلنه ولي العهد.

إنشرها