Author

تطوير الصناعة وتنويع مصادر الدخل

|
تظل الصناعة مرتكز ثروة الأمم، واليوم أضيف إلى هذه الثروة مسألة رأس المال الفكري، والعلاقة بين الأمرين أصبحت بمنزلة العلم المستقر، فالتكامل بين الأركان الاقتصادية هو الفرصة الحقيقية من أجل الاستدامة والنمو، وتقف عدة مسارات استراتيجية في المملكة، تعمل بشكل متناسق لتحقيق الدمج الفعال بين مكونات الصناعة الحديثة. وقد جاءت تصريحات الأمير محمد بن سلمان في حديثه الموسع مع صحيفة "بلومبيرج" بما يوضح الاتجاه المستقبلي للمملكة، ودور الصناعة التحويلية فيه، من خلال بناء قطاع خاص يرتكز على رأس المال الفكري والتطور المستمر، كما جاءت تصريحات وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، أثناء تدشين الهوية الجديدة للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" لتضيف كثيرا حول هذه القضايا. تأتي صفقة "أرامكو" و"سابك"، كأهم الخطوات الاستراتيجية للاقتصاد السعودي؛ لتحقيق استقرار في مواجهة تقلبات أسعار النفط، والتكامل بين قطاعين أساسيين، وهو ما يسهم في بناء صناعات تحويلية ونوعية قي قطاعي الهيدروكربونات والبتروكيماويات، فالشركتان تسعيان إلى تعزيز قدراتهما، خاصة في مجال الأبحاث والتطوير، من أجل التكامل الذي ينشأ عنه حل مشاكل الإمدادات القائمة، وتحسين المناولة، كما أن العلاقة التشاركية الآن، التي تنتهي بتعزيز الأرباح للشركة الموحدة ستعزز من أساليب تخفيض التكلفة، وتحسين نوعية المدخلات ووقت التسليم، وأيضا توجيه الصناعات التحويلية في قطاعي الهيدروكربونات والبتروكيماويات. وكما أشار ولي العهد إلى أن المملكة تسعى إلى إنشاء عملاق صناعي في هذا المجال، وهذا يتحقق مع تكامل رأس المال بين الشركتين، خاصة في مجالات الأبحاث والتطوير. تأتي الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" في مقام المسار الثاني، الذي يرتكز عليه الاقتصاد السعودي اليوم لتحقيق التحول المنشود، فالاستراتيجية القائمة على تمكين القطاع الخاص ترتكز على الدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به "هيئة المدن" في دعم وتوجيه قطاع الصناعة التقليدية، أو ذات قيمة مضافة عالية، وربط هذه القطاعات من خلال خدمات لوجستية متميزة وتقنية، بما فيها الثورة الصناعية الرابعة من رقمية أو مصانع ذكية. وقد أكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ورئيس مجلس إدارة "هيئة المدن"، أن المدن الجديدة تستهدف المستثمر التقليدي والشركات الكبرى في السعودية، حيث يوجد طموح لاستقطاب استثمارات من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وفي المسار الثالث يأتي التعدين لإعطاء قاعدة تنافسية قوية لتحقيق رافعة اقتصادية للصادرات ذات قيمة مضافة عالية، إلى جانب الفرص الوظيفية والاستثمارية للشركات الرائدة. ومن المهم هنا الإشادة بالجهود والإنجازات الكبيرة في هذا المسار، ومن أهمها استراتيجية التعدين؛ حيث تمت الموافقة على مصهرين للنحاس في الساحلين الشرقي والغربي، ومن ذلك إعداد نظام التعدين الذي يُنتظَر إقراره، ومشاريع إعادة هيكلة قطاع الحديد لتنويع منتجاته، والصناعات المعدنية لتكون أكثر تنافسية، وإطلاق "استراتيجية التعدين"، التي تضمنت برنامج تطوير الصناعة والخدمات اللوجستية، ودمج القطاعات بأنواعها التقليدية والمتجددة، ولتحسين سلاسل الإمداد والتعدين مثل "الألمنيوم، النحاس، الذهب، الفوسفات" أو معادن جديدة يتم اكتشافها. أما في المسار الرابع فيأتي تطوير صناديق ومصارف جديدة، مثل بنك الاستيراد والتصدير؛ لتمكين المصنعين في المدن الصناعية من الوصول إلى الأسواق العالمية، وهذه خطوة جديدة على الاقتصاد السعودي، وهي رائدة فعلا، من حيث تمويل المصدرين السعوديين لمواجه أعباء الوصول إلى الأسواق العالمية، وتشجيع الاستثمار في هذا الاتجاه، خاصة أن مثل هذه التوجهات تواجه معوقات رأسمالية، من حيث بناء وتوفير المناخ المناسب للقطاع الصناعي، وزيادة المحتوى المحلي، وتنويع مصادر الدخل في المملكة، واستيعاب وتعزيز قدرات أبناء وبنات الوطن، وتوفير فرص العمل لهم.
إنشرها