FINANCIAL TIMES

«خروج بريطانيا» .. رفض ويستمينستر يطرح خيار تنحية تيريزا ماي

«خروج بريطانيا» .. رفض ويستمينستر يطرح خيار تنحية تيريزا ماي

المزاج الثائر في مؤتمر حزب المحافظين الأسبوع الماضي عزز قلقا كبيرا في أوساط مفاوضي "خروج بريطانيا": قد لا يكون الجزء الصعب هو التوصل إلى اتفاق بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في بروكسل، بل ضمان الحصول على موافقة على هذا الاتفاق في ويستمينستر.
سواء من الأشخاص المستائين، المؤيدين لخروج بريطانيا، أو من أعضاء البرلمان عن حزب العمال، التحذيرات الجريئة من جميع أطراف مجلس العموم ستشكل معضلة مهمة أمام قادة الاتحاد الأوروبي – في حال تمت الموافقة على الاتفاق مع لندن.
ماذا سيفعل الاتحاد الأوروبي – وما الذي سيقولونه – إذا تم التصويت ضد الاتفاق في ويستمينستر؟ ستكون الإجابة هي المرحلة الأولى في خطة أوروبا البديلة. يقول أحد الدبلوماسيين البارزين في الاتحاد الأوروبي الذي يعمل في مسألة مغادرة بريطانيا: "لم نصل إلى هناك بعد، لكن القرار سيكون ضروريا".
بروكسل معتادة على المفاوضات المثيرة للقلق التي تتجاوز الموعد النهائي، والتي يبدو أنها تنهار ثم تنجو بأعجوبة.
في كثير مع الأحيان، حتى قبل استفتاء خروج بريطانيا، كان جان كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية، يقول مازحا: مع البريطانيين "تتفاوض دائما ثلاث مرات".
ويقول لأحد زملائه: "هناك دائما ثلاثة أحداث درامية، وفي النهاية يكون هناك ثلاثة بروتوكولات و15 بيانا جانبيا. دائما ما يكون الأمر كذلك".
ويستعد كلا الطرفين لما يمكن أن تكون الأسابيع الحاسمة في المفاوضات: هناك قمة للاتحاد الأوروبي من المقرر أن تعقد في 18 تشرين الأول (أكتوبر) لمناقشة خروج بريطانيا، واجتماع آخر محتمل في تشرين الثاني (نوفمبر).
ومهما كانت المصائب السياسة التي يمكن أن تحدث، يرى مفاوضو الاتحاد الأوروبي جانبا واحدا مقدسا من اتفاقية خروج بريطانيا: اتفاقية الانسحاب.
في حال تم الاتفاق مع رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، على ذلك يرى جانب الاتحاد الأوروبي أن هناك احتمالا ضئيلا لإعادة فتح باب النقاش حول الشروط التي تغطي التسوية المالية، وحقوق المواطنين، وحدود أيرلندا الشمالية.
بالنسبة لبعضهم في بروكسل قد يكون التصويت السلبي في ويستمينستر، في حد ذاته، انتهاكا لالتزامات الاتفاقية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبالتالي الخروج دون اتفاق. يقول دبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي "العقد شريعة المتعاقدين".
يمكن أن يذكر الاتحاد الأوروبي أسبابا عملية كثيرة لرفض المشاركة في التعديلات: سيكون وقت التفاوض قصيرا قبل خروج بريطانيا المقرر في 29 آذار (مارس)، وستجادل كل من فرنسا وألمانيا بأنهما سعتا قدر المستطاع للتوصل إلى اتفاق.
لكن ربما يكون العائق الأكبر سياسيا. سيكون من الصعب مراجعة اتفاق الانسحاب وتعديله على نحو يؤدي إلى إعادة بناء الدعم في ويستمينستر، لأن أي تعديلات قد تؤدي إلى إقصاء دوائر انتخابية أخرى مهمة.
يقول أحد المسؤولين في الاتحاد الأوروبي: "لا توجد خطة بديلة (فيما يتعلق باتفاقية الانسحاب) لأنه ليس هناك مجال للهروب".
سيكون نهج الاتحاد الأوروبي المتبع في الجانب الأخير من اتفاقية خروج بريطانيا هذا الخريف – إعلان سياسي حول العلاقات المستقبلية – مختلفا، لأن هذا البيان ليس ملزما.
تقول لوتا نيمان ليندجرين، الدبلوماسية التي تعاملت مع القضايا الخاصة بفنلندا، المتعلقة بخروج بريطانيا، قبل انضمامها إلى شركة ميلتون الاستشارية: "ليس هناك مجال للمناورة. دائما ما يقول الاتحاد الأوروبي إنه يريد أفضل علاقة ممكنة مع بريطانيا". وأضافت: "سيكون مستعدا أكثر لتوسيع نطاق الطموح بشأن العلاقة المستقبلية، أو تقليصه لأن المفاوضات الحقيقية حول ذلك لم تبدأ فعلا".
لذا يجب أن يكون هناك تغيير في الحكومة في المملكة المتحدة، تغيير قائد، أو ببساطة تغيير رأي، يمكن أن تعود بريطانيا إلى بروكسل لتقول إنها ترغب في تعديل البيان.
ومن المحتمل أن يتلقى هذا الأمر رد فعل إيجابيا، ما دام الطلب ممتثلا لنماذج الاتحاد الأوروبي العامة للاتفاقيات التجارية، مثل الاتحاد الجمركي، أو اتفاقية تقليدية أكثر للتجارة الحرة. "لن تكون هذه المرة الأولى التي يعيد فيها الاتحاد الأوروبي تفسير اتفاقية، أو يضيف بروتوكولا لحل مشكلة محلية بالموافقة. الأمر الأساسي هو أنه لن يغير المحتوى الفعلي لاتفاقية الانسحاب".
يمكن لكلا الطرفين أيضا استخدام رفض مجلس العموم لاتفاقية الخروج للانخراط في سياسة حافة الهاوية. قد يرغب بعض المؤيدين لخروج بريطانيا في تجميد التسوية المالية التي قدمتها للمملكة المتحدة التي تبلغ 45 مليار يورو إلى أن يعرض الاتحاد الأوروبي شروطا أفضل بشأن اتفاقية التجارة الحرة.
يستعد الاتحاد الأوروبي لسيناريو عدم التوصل إلى اتفاق ليستطيع الضغط من أجل اتخاذ تدابير احترازية سريعة. تعتقد المفوضية أنها تستطيع الموافقة على تغيير القواعد الضرورية في أقل من خمسة أيام، وحذرت الدول الأعضاء من أن الترتيبات الخاصة بميزانية الاتحاد الأوروبي، الذي سيخسر مساهما، قد تكون ضرورية.
وفقا لدبلوماسيين في بروكسل، إذا كانت بريطانيا تتطلع إلى المغادرة دون التوصل إلى اتفاق، سيكون لقادة الاتحاد الأوروبي قرار مهم فيما إذا كانوا سيساعدونها في الخروج بصورة منظمة. هذا يشمل إمكانية اتخاذ تدابير من جانب واحد، مثل إلغاء التفتيش الجمركي لقترة مؤقتة، في الجوانب التي ستكون فيها المملكة المتحدة المستفيد الرئيس.
يعتقد بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي أن الحد الأدنى من الشروط المسبقة هو أن تفي بريطانيا بالتزاماتها المالية للاتحاد الأوروبي، وهي خطوة يعتقدون أن بريطانيا قد تدرك أنها أساسية بمجرد ما تتضح فوضى عدم وجود اتفاق.
جيكوب ريس موج، رئيس مجموعة البحث الأوروبية المؤيدة لخروج بريطانيا في حزب المحافظين، حذر من أن مثل هذه الإنذارات الموجهة للحكومة البريطانية ستأتي فقط بنتائج عكسية. "إذا كانت هناك طوابير على طول إم 20 (طريق سريع يؤدي إلى نفق المانش وميناء دوفر) لن تكون هناك أموال"، كما قال.
دومينيك راب، وزير شؤون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حذر بشكل واضح في مؤتمر حزب المحافظين من أن العواقب الوخيمة لخروج بريطانيا دون اتفاق لن تحدث إلا "إذا قرر أحد ما أن يجعلها تحدث".
وقال "حتى إذا لم نتمكن من ضمان التوصل إلى اتفاقية شاملة مع الاتحاد الأوروبي، أجد من الصعب التصديق بأنهم سيعملون من أجل أهداف سياسية محدودة تسعى إلى معاقبة بريطانيا بطريقة شديدة تؤدي إلى نتائج عكسية".
وأوضح قادة الاتحاد الأوروبي مثل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، أن باب العضوية سيظل مفتوحا في حال قررت بريطانيا رفض الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ومن غير المحتمل أن يقول قادة الاتحاد الأوروبي أكثر من ذلك. قال دبلوماسي بارز آخر من إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي: "من الواضح أن الجميع يريد بقاء بريطانيا. لكن انخراطنا في الجدل بين البريطانيين من شأنه فقط أن يسمم القضية. سيكون هذا أسوأ أنوع النيران الصديقة". بموجب معاهدة الاتحاد الأوروبي من الممكن تمديد عملية الخروج الرسمية من الاتحاد الأوروبي التي تتم بموجب المادة 50، في حال وافقت جميع الدول الأعضاء الـ 27 الباقية. لكن الوقت الإضافي قد لا يمنح إلا في ظروف معينة فقط.
ربما ينظر الاتحاد الأوروبي بشكل إيجابي إلى الحاجة إلى مزيد من الوقت لإجراء انتخابات، أو استفتاء، طالما أنه يمكن أن يؤذن بتغيير جذري في سياسة المملكة المتحدة، أو يساعد في التصديق على الاتفاق. في المقابل، إذا طلبت المملكة المتحدة المزيد من الوقت للتفاوض على اتفاق أفضل ستعاني من أجل إقناع الدول الأعضاء.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES