Author

الحرب على التستر والغش التجاري

|

نشر حديث وزير التجارة عن توجه الوزارة لتعديل أنظمتها، ومقاومة البيروقراطية الحماس لدى المستثمرين الذين تحدث إليهم الوزير. الوعد الذي قطعه الوزير على وزارته مهم لأنه بدأ بالاعتراف بأن هناك الكثير مما لا يزال يعيق العمل التجاري وتحسين فرص المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي يسيطر على نشاطها في الأغلب نظام وزارته.
هذا الاعتراف هو المحرك الأهم لما سيأتي من خطوات، فما أن نعترف بأن هناك مشكلة حتى نكون على أول الطريق نحو حل المشكلة. تبقى المرحلة الأهم وهي وضع خطة متكاملة للتعامل مع القضية، حيث تكون أولوياتنا ومبادراتنا متوافقة وتتجه نحو هدف واضح محدد. إن وضع أهداف منطقية وعقلانية ومتماسكة في الاتجاه نفسه، ومتكاملة سيؤدي إلى بروز النتائج بشكل سريع، وهو ما يعرف بتوالي النجاح.
يهتم كثيرون بالنجاحات السريعة وهي وسيلة لضمان الحد من مقاومة التغيير، وتوفير الدعم لمن يشاركون في العمل ليحققوا أكثر، ويتحمسوا للمزيد. لكن الاهتمام غير المنطقي بتلك النجاحات وهو ما يلاحظ في كثير من الخطط الجديدة، يؤدي في أحيان إلى الابتعاد عن الصورة الأكبر والأهداف الأهم. لست ضد النجاحات السريعة ما دامت في سياق النجاح الأكبر والأهم نفسه.
يأتي كلام الوزير في سياق مهم ومرحلة حساسة في تاريخ التجارة والاقتصاد السعودي بعمومه، هنا تظهر أهمية التعامل مع قضية التستر التي أرقت المجتمع السعودي وحدت من نمو السوق وظهور النجاحات المستحقة في البلاد وهي تستغرق السوق وقتا أطول للنمو، خصوصا عندما يقرر المتستر عليه أن يغادر السوق، حاملا معه الأموال والخبرات والموقع مقارنة بالمنافسين في السوق ــ وهي أهم ثلاثة عناصر يحققها صاحب العمل ــ ليخسر السوق ماليا وتقنيا.
ثم يأتي آخرون ليعيدوا تكرار نفس الدور والتجربة لكن بعد أن يتعلموا لفترة ويكسبوا لمدة أطول والنهاية هي المغادرة التي يبقى بعدها المكان شاغرا، وتهاجر بنهايتها الأموال والخبرات. قد يكسب البعض ممن تستروا "ماليا" لكنهم في النهاية أساؤوا إلى اقتصاد البلاد وحرموه من تكوين بنية بشرية قادرة على الاستمرار في العمل وتحقيق نجاحات مستقبلية متكاملة وهي العبارة التي يفقدنا إياها التستر.
جهود الوزارة مع قرارات الدولة الأخيرة قد تبدو في البداية سلبية على السوق، لكنها تضمن أن يستمر النجاح وتبقى الخبرات وتتكامل الأهداف مع بعضها في النهاية.

إنشرها