Author

ألو.. وينك فيه؟

|
لو فكرنا لوجدنا أن معظم الأقوال والسلوكات الروتينية، التي نقوم بها، قد اكتسبناها من المجتمع، وسرنا معها على طريقة "مع الخيل يا شقرا"، من دون أن نتوقف لنسأل أنفسنا ما إذا كان ما نفعله صحيحا، أو يجب علينا تغييره بطريقة لطيفة على الأقل، أكاد أجزم أنه لا يمر يوم من دون أن تطرح معظم الزوجات والأمهات هذا السؤال التقليدي على أزواجهن وأبنائهن، وأظن أن معظم الأزواج سيبصمون بالعشرة على أن هذا السؤال هو من أكثر الأسئلة، التي تطرحها الزوجات، حين يكون الأزواج خارج منزل الزوجية وكذلك الأبناء. قد أجد بعض العذر للأمهات بحكم خوفهن على فلذات أكبادهن، لكنه سؤال سيشعر الزوج وكأنه تحت تلك الأضواء المخيفة، التي تكون عادة في غرف التحقيق، كما نشاهد في المسلسلات، ومطلوب منه تحديد إحداثيات مكانه، حتى بعض الأصدقاء حين يتصلون بك لأمر ما، فسيسألونك السؤال نفسه: "ألو.. وينك فيه؟"، لا أدري ما الحكمة من معرفة مكان وجودك قبل أن يخبرك المتصل ماذا يريد؟ هذا السؤال الاستفزازي، الذي يتخذ من أسلوب الاستجواب وسيلة له، قد يفسد كثيرا من العلاقات الإنسانية، خصوصا حين يكون الطرف الثاني "قافلة معاه"، أو في وسط زحمة الشوارع، لذلك قبل أن تتصل على أحدهم وتبادره بهذا السؤال: "ألو.. وينك فيه؟"، اعلم أنك أمام ثلاث حالات: الحالة الأولى أن يكون الطرف الثاني في حالة مزاجية سيئة، وعندها سيجيبك بجواب "ينكد" عليك يومك بأكمله "وإنت مو ناقص"، الحالة الثانية أن يكون مزاجه "رايق"، فيقول لك بحنان بالغ "آمرني حبيبي"، والحالة الثالثة أن يرد عليك بالجواب التقليدي المعتاد نفسه، الذي لا يحمل أي مشاعر "قريب وش بغيت؟"، ولو لاحظت - عزيزي المتصل - في كل الحالات الثلاث، لم يفصح الطرف الثاني عن إحداثيات موقعه. أظن أنه حان الأوان للقضاء على هذا السؤال الاستفزازي، الذي قد يفهمه الطرف الآخر، خصوصا الأزواج، على أنه نوع من التشكيك والفضول والتدخل في الخصوصيات، وينبغي إيجاد البديل الذي يتمثل في كلمات ألطف وقعا على النفس، ولا أستبعد أن تشترط إحداهن في عقد زواجها أن "يشغل" الزوج إحداثيات الموقع في جواله حين يخرج من المنزل؛ حتى لا تتعب نفسها وتسأله كل مرة: "ألو.. وينك فيه"؟

اخر مقالات الكاتب

إنشرها