FINANCIAL TIMES

دعكم من «خروج بريطانيا» نحن متجهون إلى «برينو»

دعكم من «خروج بريطانيا» نحن متجهون إلى «برينو»

لا أحد يعرف كيف ستتطور مسألة "خروج بريطانيا" من الآن حتى آذار (مارس) المقبل. من الممكن أن تفشل المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق، أو تسقط تيريزا ماي، أو يتم انتخاب جيريمي كوربين رئيسًا للوزراء، أو يتم تأجيل خروج بريطانيا، أو يتم إجراء استفتاء ثانٍ. وكما يقول شعار شركة أديداس: "ليس هناك شيء مستحيل". لا تصبح الأمور أكثر وضوحًا إلا عندما تنظر إلى المستقبل. لقد أجريت مقابلات مع كثير من المشاركين في "خروج بريطانيا" في المملكة المتحدة وفي القارة، وتوصلت إلى أن الاحتمالين اللذين يجري النقاش حولهما بلا انقطاع - أن يكون خروج بريطانيا بلا اتفاق، أو أن يتم إجراء استفتاء ثان يلغي الخروج – لا يحتمل حدوثهما تقريبا. حتى لو لم يكن هناك اتفاق لفترة وجيزة، أو لو تم إجراء تصويت ثانٍ، فلن يستمر أي منهما. على المدى الطويل، النتيجة الأكثر احتمالا هي "برينو"Brino (خروج بريطانيا بالاسم فقط) أو "خروج ناعم".
دعونا نتناول أولا احتمال أن يكون خروج بريطانيا بلا اتفاق. سيسعد الكثير من مؤيدي الخروج بهذا. تشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن ثلث البريطانيين يؤيدون عدم التوصل إلى اتفاق - أي ضعف نسبة الذين يريدون التوصل إلى اتفاق تفاوضي. أخبرتني بريتي باتيل، وهي عضوة برلمان مؤيدة لخروج بريطانيا، قضت عطلتها الصيفية وهي تخاطب الناخبين المحليين: "سمعت كثيرا من الحديث شديد اللهجة". ويعتقد ناخبوها أن على الحكومة أن تقف في وجه بروكسل. ويرفضون ما يعتبرونه خططا ضعيفة لتخزين الغذاء والدواء في حال عدم التوصل إلى اتفاق. وتتفق باتيل معهم إلى حد كبير، قائلة: "إن اللغة الرجعية حول عدم التوصل إلى اتفاق أدت إلى بعض السيناريوهات السخيفة عن نهاية العالم". المتقاعدون المؤيدون لخروج بريطانيا على وجه الخصوص سوف ينجون من أي ضربة تصيب الاقتصاد بسبب عدم التوصل إلى اتفاق.
مشكلتهم هي أن معظم البريطانيين لن ينجوا من ذلك. وفقا لكل استطلاع للرأي منذ أواخر آذار (مارس)، أكثر من نصف البريطانيين بقليل يعتقدون الآن أن المملكة المتحدة يجب أن تبقى في الاتحاد الأوروبي. وعلى الأرجح أن نحو 15 إلى 20 في المائة آخرين غير مستعدين للمعاناة من أجل خروج بريطانيا، بالتالي ثلثا البريطانيين سيكونون غاضبين إذا أصبح هناك تخزين، وانتظار في طوابير عند الحدود، ومنع تحليق الطائرات وما إلى ذلك. سيلقي الكثير من الناخبين اللوم على بروكسل، لكنهم سيلومون المحافظين أيضا - ربما لعقود من الزمن. قضى حزب العمال 18 عامًا في المعارضة بعد أن كان مسؤولا عن "شتاء الاستياء" الذي انتشرت فيه الإضرابات في عام 1978 / 1979.
الأعمال التجارية، والنقابات العمالية، وحتى "ديلي ميل" تحت إشراف جوردي جريج، رئيس تحريرها الجديد المتشكك في خروج بريطانيا، لن يرغبوا أيضا في عدم التوصل إلى اتفاق. لذا إذا فشلت مفاوضات ماي مع بروكسل، أو إذا صوت البرلمان برفض صفقتها المقترحة، فإن المملكة المتحدة لن تستقر ببساطة على حياة من غير اتفاق. في الواقع، يقول قانون خروج بريطانيا في حالة عدم التوصل إلى اتفاق يجب أن يقرر البرلمان ما ينبغي فعله. معظم أعضاء البرلمان يشعرون بأنهم ملزمون أخلاقيا بتنفيذ خروج بريطانيا، لكنهم يرون أن عدم وجود اتفاق أمر مضر للغاية. لذا، إما في كانون الثاني (يناير)، وإما خلال أسابيع من فوضى وخراب يحدثهما عدم التوصل إلى اتفاق اعتبارا من 29 آذار (مارس) 2019، من المحتمل أن يرسلوا رئيس الوزراء أيا كان إلى بروكسل "لإعادة التفاوض" - وهو تعبير ملطف لقبول أي صفقة يرغب الاتحاد الأوروبي في تقديمها. باختصار، عدم التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى صفقة سريعة.
في حين أن عدم التوصل إلى اتفاق هو الحلم الصعب لمؤيدي خروج بريطانيا، فإن النظير لمعارضي الخروج هو تصويت ثانٍ يبقي بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. لنتخيل أنه في حالة الفوضى بعد فترة وجيزة من عدم التوصل إلى اتفاق، يصوت البرلمان على الاستفتاء الثاني، على الرغم من أن قيادات الأحزاب لا تريد ذلك. لنتخيل أن خيار "البقاء" موجود على ورقة الاقتراع. لا يزال من المحتمل ألا يفوز: حتى عديد من معارضي الخروج يعتقدون أن على المملكة المتحدة الالتزام باستفتاء عام 2016.
لنتخيل مع ذلك أن خيار البقاء يفوز في التصويت الثاني. معارضو الخروج جماعة واحدة فقط من بين الجماعات السياسية المتحاربة في بريطانيا. الانتصار المحدود لهم لن يؤدي إلى محو الاستفتاء السابق. سوف يظهر فقط (وبشكل مهم) أن قضية خروج بريطانيا الصعبة التابعة للمحافظين ليست "إرادة الشعب" وأنها تحتاج إلى التخفيف من حدتها بصورة كبيرة. من ناحية أخرى، سيكون الاتحاد الأوروبي غاضبا من المراهنة على استمرارية معارضي الخروج. إذا سمحت بروكسل للمملكة المتحدة بالبقاء، سيلقي مؤيدو الخروج باستمرار اللوم في كل مشكلة بريطانية على ما سيعتبرونه قرارا غير قانوني بالبقاء. سيكون خروج بريطانيا هو الحكة التي لن تذهب أبدا. وعلى أي حال، هناك عدد قليل من المسؤولين الأوروبيين يريدون الآن عودة بريطانيا. لقد تلاشت الثقة، مع مقارنة وزراء خارجية بريطانيين متعاقبين الاتحاد الأوروبي بهتلر أو الاتحاد السوفياتي.
يريد معظم صناع القرارات الأوروبيين خروج بريطانيا، لكنهم لا يريدونها أن تتصرف بمفردها في ظل عدم وجود اتفاق. كابوسهم هو أن تتحول بريطانيا بعد الخروج إلى عامل تقويض للاتحاد الأوروبي بأن تصبح ملاذا ضعيف التنظيم يأوي مصانع السُخرة، والمشتقات غير الواضحة، والدجاج المعالج بالكلور. وبما أن المملكة المتحدة ليس لديها خطة لخروج بريطانيا، فقد يفرض الاتحاد الأوروبي في النهاية خطته: "خروج ناعم" أو "برينو"، بحيث تصبح بريطانيا دولة أفقر من النرويج، وتقبل جميع القواعد الأوروبية، بما في ذلك حرية الحركة للحفاظ على تدفق التجارة والسفر.
سيكون "برينو" عملا لا جدوى منه ومؤذيا للذات، لأن بريطانيا ستفقد كل مقدرتها في إبداء آرائها بشأن القواعد التي تعيش عليها. مؤيدو الخروج الصعب سيكرهون ذلك. لكن "برينو" سيحل جميع المشاكل الأخرى تقريبا: سيحترم نتيجة الاستفتاء، ويترك الحدود الإيرلندية مفتوحة، ويقلل الأضرار الاقتصادية، ويرضي معظم أعضاء البرلمان وقطاع الأعمال والاتحاد الأوروبي. يمكن أن يتظاهر مؤيدو الخروج بأن "برينو" مجرد معسكر في الطريق إلى وضع الخروج في جبل حلوى السكر. في نهاية المطاف، يعيد الجيل التالي من محبي أوروبا المملكة المتحدة إلى أوروبا، لكن بشروط أسوأ من قبل. بحسب معايير خروج بريطانيا، هذه نهاية سعيدة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES