FINANCIAL TIMES

مطبخي مكتبي .. طاولة الطعام مكان العمل المشترك المقبل

مطبخي مكتبي .. طاولة الطعام مكان العمل المشترك المقبل

عشية يوم الخميس وأنا أنظف بالمكنسة الكهربائية بهمة عالية، كنت أحاول أن أحقق التوازن الصحيح الذي يجعل المكان نظيفا ومريحا في آن معا. هل لدي وقت كاف لشراء البسكويت؟ فات الأوان على ذلك، هناك أحد يطرق على الباب. ضيفتي التي تعرفت عليها عن طريق تطبيق، وصلت.
انتابني بعض التوتر. في الواقع، أنا أستضيف شخصا غريبا لنعمل معا في مطبخي، لتجربة مفهوم جديد يسمى العمل المشترك من المنزل. وهذا المفهوم يجذب العاملين المستقلين الوحيدين الذين يأملون في العثور على روح الجماعة دون أن يتحملوا أعباء أماكن العمل المشترك الرسمية - فكروا فيها وكأن موقع "إيربنب" يقابل "وي ويرك".
التطبيق الذي تعارفنا من خلاله يسمى "كيتشن تيبل" (طاولة المطبخ). فكرته أنه يطابق مضيفات مع ضيوف نساء، في آخر نسخة من اتجاه العمل المشترك من المنزل.
بعد أن عرفنا القواعد الأساسية، شريكتي في العمل، التي لا تريد أن يذكر اسمها في "فاينانشيال تايمز"، قالت لي ونحن نحتسي الشاي إنها هنا لأنها أرادت أن تغير المكان في الشركة الناشئة التي تعمل فيها. ولأنها المرة الأولى التي تزور فيها لندن، هي حريصة على مقابلة الناس. كان من السهل التحدث معها – من السهل جدا، كما يبدو، حتى أننا قضينا معظم وقتنا في تجاذب أطراف الحديث.
التواصل في أجواء مريحة هو أحد الأسباب التي جعلت ليلى دوبوي، وهي محامية سابقة تحولت إلى العمل المستقل، تنشئ "كيتشن تيبل". قال لها العديد من النساء اللاتي يعملن بشكل مستقل "إنهن وحيدات".
التطبيق الذي تم إطلاقه تجريبيا في أيار (مايو)، يتقاضى من المضيفات 10 في المائة من الرسوم، التي ظلت ـ في الوقت الذي يحاول فيه التطبيق بناء قاعدة مستهلك ـ منخفضة نحو 5 ـ 15 جنيها استرلينيا لليوم الواحد (الرقم يتفاوت حسب الخدمة المقدمة). إحدى المضيفات في ولاية تكساس تقاضت 100 دولار في اليوم، اشتملت على استخدام بركة سباحة ومرافق تنس. في المقابل، "وي ورك"، شركة العمل المشترك العالمية، تتقاضى ما بين 200 و500 جنيه استرليني في الشهر لمكتب عمل مشترك في لندن.
"كيتشن تيبل" ليس المشروع الأول الذي يشجع على العمل المشترك في المطابخ وغرف المعيشة. تطبيق "جيلي" Jelly أنشأته في 2006 مجموعة من الأشخاص في نيويورك يعملون بشكل مستقل، رتبوا لقاءات عمل منتظمة في المنازل، بينما كانت اللقاءات الأخرى في جميع أنحاء العالم في المقاهي والحانات وردهات الفنادق وأماكن العمل المشترك.
كان من أوائل الذين اعتمدوا هذه الفكرة كريستوفر جاردين فرانزين، وهو اختصاصي نفسي سويدي. قبل أربع سنوات نزل عليه الإلهام عندما أدرك أن حياته الخاصة والمهنية لا تعكس ما يتبناه: أهمية الذكاء الجمعي في العمل.
يقول: "كنت بشكل عام أجلس وحدي في المقاهي وفي مساحات العمل المشترك وفي المنزل".
مكاتب العمل المشترك، مثل تلك التي تديرها "وي ورك" تعد ببناء مجتمع، لكن هذا أمر وهمي، كما يقول فرانزين "المجتمع يولد من مجموعة من الأقران الذين يشعرون بأن لديهم دافعا للانتماء والمساهمة".
وهو يعتقد أن مجتمع العاملين الذي يسهل التعاون في المشاريع ويشجع على تبادل الأفكار والمهارات لا يمكن تشكيله من خلال صفقة مالية. الدفع مقابل العضوية يجعل من المرجح أن يتخلى العاملون عن المسؤولية لمقدم الخدمة.
دعا فرانزين، مع صديق له، أشخاصا يعملون بشكل مستقل للعمل في منزله في ستوكهولم ـ تطور ليصبح شبكة تعرف باسم "هوفيس". كون الجلسات لم تكن ربحية كانت فكرة جذابة بالنسبة إليه. يقول إن هذا هو المعنى الحقيقي لاقتصاد المشاركة؛ باستخدام المنازل "غير المستغلة" في أوقات العمل.
وكما وجدت مع ضيفتي، أحد المآزق التي واجهتنا هو إغراء الدردشة. حتى لا يحدث "انجراف في العمل"، يمضي المشاركون في "هوفيس" 45 دقيقة في العمل المركز تتبعها 15 دقيقة للاجتماع مع الآخرين والحديث معهم قبل العودة إلى العمل مرة أخرى.
قابلت ضيفتي التي سأعمل معها مرتين. مرة لكسر الجمود ولنرى ما إذا كنا نريد العمل معا. والمرة الثانية (بعد أن قررنا أن نعمل معا) لنعمل في فترة ما بعد الظهر. كنت قلقة، لكن ربما كنت سأكون قلقة أكثر إذا دعيت رجلا غريبا إلى منزلي. وقد منعت زوجي الذي يعمل أحيانا من شقتنا من الحضور، لأنني لا أريد أن تشعر ضيفتي بأننا نفوقها عددا.
ولكي نركز، ذهبت إلى غرفة أخرى، وكنت من حين إلى آخر أصرخ قائلة "هل أنت بخير؟"، بينما كانت ضيفتي عاكفة على كتابة تقرير في مطبخي.
لم أفرض عليها مبلغا مقابل الوقت. لكن المسؤولية الاجتماعية كانت مهمة. كان من الصعب أن أقوم بتأجيل العمل بطرقي المعتادة من خلال غسيل الأواني وتناول الوجبات الخفيفة. لقد استمتعت بالتجربة وبعد ذلك أرسلنا إلى بعض رسائل عبر البريد الإلكتروني. لكن كوني موظفة لا أعمل في المنزل إلا أحيانا، يصعب أن أمثل حياة العمل المستقلة لذلك من غير المحتمل أن أفعل ذلك بانتظام.
من جانبها قالت الضيفة: ربما وجدت صعوبة في إنجاز الكثير من العمل لو أننا بقينا (في الغرفة نفسها) لأنني سأكون مهتمة أكثر بالدردشة. أفكر في تجربتي (باعتبارها) طريقة مثيرة للهروب من الروتين اليومي الذي غالبا ما يكون مملا.
لقد أحسست بالراحة بشكل عام فقد كان تغييرا لطيفا للروتين ولمست بعض الاختلاف عن كونك في مكان عمل حيث الأشخاص حولك هم زملاؤك. شعرت براحة وسهولة تامة.
وأتساءل أيضا إذا أصبحنا أصدقاء جيدين في المستقبل، لست متأكدة كيف سيبدو الأمر عند الدفع مقابل أن تكون موجودا في بيت إيما. كانت تجربة إيجابية تماما، ربما أعيدها لمعرفة كيف يبدو المضيفون الآخرون.
أماندا براون، صاحبة مشاريع تعمل من المنزل منذ أكثر من 20 عاما وهي مؤلفة Homepreneur، وهو كتاب عن العمل من المنزل، تدير جلسات منتظمة من منزلها خارج لندن. تقول: "هناك قليل من ضغط الأقران. فهو يضيف التنوع، والتركيز، والانضباط (...) نوعا ما الأمر يشبه وجودك في المدرسة".
كيرين بوتس، مستشارة وسائل إعلام اجتماعية تعمل لحسابها الخاص ومقيمة في لندن، تخلط العمل المشترك في منزل أحد الأصدقاء مع دار حضانة غير رسمية. يسهم الضيوف بتكلفة جليسة الأطفال حتى يتمكنوا من التركيز على العمل في مكان آخر في المنزل. "هذا يساعدك لتكون أكثر إنتاجية. أنت تدفع مقابل هذا. إنه أكثر مرونة من الحضانة ويدخل ضمن عقود العمل المشترك".
في تجربة فرانزين هناك نوعان من الأشخاص الذين يرغبون في الحضور: الذين يجدون صعوبة في التركيز، والذين ينغمسون في العمل وبحاجة إلى التواصل الاجتماعي للحصول على المزيد من الطاقة.
يقول إن الجلسات تنجح بشكل أفضل مع مجموعات مكونة من ثلاثة إلى ستة أشخاص. المجموعات الأكبر تتطلب مرافق أكثر ما يجعل من الصعب أكثر على المضيف التركيز على عمله. الثقة مهمة: "في المجموعات التي تنمو بسرعة، يصبح الأشخاص خائفين بعض الشيء من دعوة الناس. هذا ينبغي أن ينمو ببطء".
الأمن هو أحد المخاوف. تطبيق كيتشن تيبل ليس لديه إجراءات تدقيق متينة – تشجعت على استضافة ضيفتي لأنها سبق أن التقت بمؤسِّسة التطبيق. السيدة براون لا ترحب إلا بالعاملين الذين تمت تزكيتهم من قبل أناس تعرفهم.
لكن إذا كان الضيف دمثا – وإن كان هناك انسجام – فإن هذه طريقة رائعة للاتصال بالناس الذين هم، مثلي، يكرهون العمل من الشبكات. في الواقع، الجانب السلبي الوحيد هو أننا أردنا أن نستمر في الدردشة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES