default Author

العدوانية تقرب الناس

|
نعم، أحيانا الحزم واتخاذ موقف عدواني إيجابي خير من الوقوف في منتصف الطريق ومحاولة إرضاء الأطراف دون التوصل لحلول قطعية. في الخلافات العائلية والنزاعات الشرسة بين الشركات التي نقف عاجزين عن حلها يلجأ الناس إلى تحكيم وسطاء لفضها، وهذا الوسيط يجب أن يتسم بصفات معينة منها أن يكون منصتا لكل الأطراف، وأن يعبر عن تعاطفه مع وجهات نظرهم بغض النظر عن مدى اختلافهم. دون تفضيل لطرف عن الآخر، وأن يشعر كل الأطراف بالارتياح والثقة، وهذه الطريقة تعتبر “أفضل ممارسة” يتم تبنيها بشكل شائع لاكتساب الثقة وحل الخلافات، لكن جاءت دراسة حديثة لتنفي هذا الاعتقاد وتثبت عكسه. وتشير إلى أن الوسطاء ينبغي عليهم تبني موقف عدائي عند حل النزاعات وليس موقفا داعيا إلى التهدئة. لقد توصلت الدراسة إلى أن الوسيط العدواني يحقق نتائج أفضل من الوسيط لطيف المعشر. ما النفع الذي قد ينتج عن إضفاء مزيد من السلبية أو الغضب إلى موقف تملؤه المشاعر العدائية بالفعل؟ انظر إلى طريقة رد فعل الآباء في العادة عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على إثناء أطفالهم عن الشجار: “لا يهمني من بدأ الشجار، ليذهب كل واحد منكما إلى غرفته”، للوهلة الأولى قد يبدو اتباع طريقة أكثر هدوءا وتلطيفا للأجواء أكثر فاعلية. لكن، وكما يعلم كل مَن له إخوة، يمكن لتعامل الأبوين مع الموقف بطريقة تبدو غير متعاطفة أن يكون له تأثير غير معتاد؛ فالإخوة الذين كانوا قبل لحظات يشكل بعضهم تهديدا على حياة بعض يصبحون فجأة أكثر عقلانية في مواجهة آبائهم المستبدين، بل وينتهي بهم الأمر إلى اللعب بهدوء وقد ينقلبون ضد آبائهم. توصل الباحثون في هذه الدراسة إلى أن استخدام طريقة مشابهة في حل النزاعات المستعصية وإيجاد طرف ثالث عدواني يحسن من مستوى استعداد الناس للتوصل إلى اتفاق، أجريت الدراسة على نحو 246 شخصا شكلوا 79 مجموعة كل مجموعة مكونة من ثلاثة أشخاص، ويلعب الوسيط دورين إما أن يكون عدائيا أو ودودا، وكانت النتائج مثيرة للدهشة والاستغراب فقد تبين أن 85 في المائة من المفاوضين الذين تعاملوا مع وسطاء عدوانيين توصلوا إلى اتفاق مع نظرائهم، مقارنةً بـ59 في المائة فقط من أولئك الذين كان لديهم وسطاء تميزوا باللطف. وقد يعزى السبب في ذلك إلى أن العدوانية توجد عدوا مشتركا للأشخاص الذين لا يتوافقون فيما بينهم. وهذا يساعد في إيجاد التآلف بينهم.
إنشرها