Author

سماسرة الأقساط وإشغال المحاكم

|
قبل ثلاثة أسابيع تقريبا تدخل الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير لإخراج أرملة من السجن بعد أن ورطها أحد سماسرة الأقساط في التوقيع على سندات مالية مقابل إقراضها مبلغا من المال لسداد التزاماتها، وحين فشلت في السداد رفع عليها قضية وتم إيداعها السجن لعدم قدرتها على السداد. هذه القصة واحدة من عشرات القصص يوميا التي تشغل المحاكم والقضاة وأبطالها تجار السمسرة والمؤسسات الوهمية التي تعمل في هذا المجال بلا ضوابط ولا رقابة، مستغلة أزمات الناس واحتياجاتهم الطارئة لتوقعهم في فخ خادع من المطالبات المالية المضاعفة التي تنتهي عادة بعجز المدين عن السداد وإيداعه السجن وإيقاف خدماته، ومع الأسف تحولت المحاكم إلى سكرتارية تنفيذية لهذه المؤسسات المخالفة التي تعمل تحت مسميات مختلفة وكلها وهمية، ولا تحظى بموافقة مؤسسة النقد أو تتبع المصارف الرسمية، ولا تعمل وفق نظام المؤسسات المالية التي أقرتها مؤسسة النقد وما زالت تتكاثر بشكل مريب، وفي كل شارع هناك مؤسسة تتخذ مكتبا صغيرا لها وتقوم بالإقراض تحت مسميات مختلفة مثل بيع بطاقات سوا، أو بيع المكيفات، أو بيع أجهزة إلكترونية أو بيع سيارات بالتعاون مع معارض السيارات، وامتد نشاطهم إلى ما يسمى تسديد القروض واستخراج قروض جديدة من المصارف، وكل ما على المقترض هو التوقيع على السندات التنفيذية التي تخول المحاكم إيقاف خدماته وسجنه في حال عجزه عن السداد. ورغم وجود تعليمات سابقة من مؤسسة النقد ومن وزارة العدل بعدم السماح لهؤلاء الأفراد المخالفين بالعمل وإغلاق مكاتبهم المخالفة ومؤسساتهم الفردية وكذلك تعميم من وزير العدل بعدم استقبال المعاملات المالية من المؤسسات المالية غير المرخصة، إلا أن المخالفات مستمرة، والمحاكم تستقبل، والمتورطون مواطنون بسطاء قذفت بهم ظروف الحياة في أيدي هؤلاء المخالفين الجشعين الذين استغلوا ظروفهم أسوأ استغلال. فينبغي عدم السماح بالتعامل مع هذه المؤسسات المخالفة، من خلال السماح بالمضي في عملية تسديد القروض واستخراج قروض جديدة وإطالة أمد السداد على المقترضين وزيادة نسبة الفوائد، وهي كلها ذات أثر سلبي من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، ولعل الأرقام التي تؤكد ارتفاع نسبة القروض الاستهلاكية إلى 300 مليار وارتفاع معاملات إيقاف الخدمات لأكثر من 900 ألف مقترض خلال عامين هي واحدة من نتائج مثل هذه المخالفات. وهذا يستدعي من الجهات العليا في وزارة العدل ومؤسسة النقد والجهات الأمنية تكثيف حملاتها الرقابية وتطبيق النظام بصرامة للحد من هذه الممارسات المخالفة التي انتشرت بشكل مزعج وتسببت في تضرر المجتمع وإشغال المؤسسات القضائية والأمنية.
إنشرها