السياسية

ولي العهد للحلفاء والأعداء: لا مجاملات في أمننا القومي

ولي العهد للحلفاء والأعداء: لا مجاملات في أمننا القومي

ولي العهد للحلفاء والأعداء: لا مجاملات في أمننا القومي

أجرت وكالة بلومبيرج الأمريكية لقاء صحافيا موسعا مع الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة أخيرا، وتطرق اللقاء الصحافي إلى محاور عدة، منها الشؤون السياسية الخارجية والوضع الداخلي والاقتصادي والحريات والإنجازات، ومما يبعث في النفس الفخر أن هذا الأمير الشاب تمكن من الإجابة عن جميع الأسئلة بمنطقية ووضوح، على الرغم من زخم الأسئلة التي وُجهت إليه، فالأمير لديه القدرة على التعامل مع قضايا المجتمع السعودي كافة دون كلل أو ملل، ما يبعث الطمأنينة في النفس، بأن هذا الرجل الأمين يسير بالمملكة والعالم إلى بر الأمان، على الرغم من الخلافات السياسية بين الدول وتحديات التطرف والإرهاب.

تعد شمولية ولي العهد غير مسبوقة من قبل، إذ إن عجلة العمل الإصلاحي التي يشرف عليها تحتاج إلى قدرة إنتاجية يومية تفوق الـ 12 ساعة من العمل المتواصل، بوجود فريق عمل قادر ومتمكن من مواجهة التحديات القائمة والمستجدة والطارئة، إذ إن المملكة اليوم ومستقبلها في إيد أمينة، إذ لا يختلف اثنان على قوته وحبه وحرصه على أمن المملكة، وبناء مستقبل واعد ومشرق للأجيال القادمة، بعيدا عن التطرف والمغالاة في ظل دولة معتدلة سمتها الوسطية والاعتدال في المجالات كافة، هذه الأسس التي بنيت عليها المملكة في عصر ما قبل الصحوة ستمكن المملكة من مواجهة التحديات وتخطيها، وتجعل منها في طليعة دول العالم المتقدم في سلم الترتيب، فالمملكة التي اتجهت اليوم نحو الاعتدال والوسطية ستكون لديها القدرة على احتواء كافة الأطياف، ما يجعلها إحدى أهم الوجهات التي يفكر فيها الزائرون من أنحاء العالم كافة.

 

إرادة من حديد

أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في حديثه لـ بلومبيرج، لا شيء سيوقفني عن فعل ما أراه نافعًا لبلدي وشعبي، موضحاً بقوله لا يهمني كيف ينظر العالم إلي بقدر ما يهمني ما يصب في مصلحة البلاد والشعب السعودي، وأي أمر يخدم الشعب السعودي والسعودية كدولة سأفعله بكل قوة، بغض النظر عن الانطباعات التي سيوجدها عني، إذا كان الأمر جيدا فشكرًا، هذا أمرٌ رائع، أما إذا كان سيئاً، فسأحاول توضيح نفسي وإذا نجح ذلك، فهذا أمر طيب، أما إذا لم ينجح، فإنني سأفعل ما هو جيد لبلدي وشعبي.

كما أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن هناك صفقة رائعة للسعودية بعد أسبوعين، ستحمل رقما كبيرا بعيدا عن مجال النفط، وقال سيتم ذلك في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، وهو مجال بعيد عن النفط كليا، وهذه الصفقة هي ما يحدث في المملكة العربية السعودية، لذا هناك صفقة واحدة في مبادرة مستقبل الاستثمار، وهناك صفقات أخرى سيتم إعلانها، ورفض الأمير محمد بن سلمان الكشف عن مجال الصفقة إلا أنه أكد أنها ستكون في السعودية، وستحمل أرقاماً كبيرة، ولا يفصلنا عنها سوى أسبوعين.

وتظهر التصريحات مدى جدية النهج الجديد للمملكة بقيادة الملك سلمان وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان في تحقيق مستوى معيشي عال، يليق بمستوى المواطن السعودي وتاريخه، من خلال سواعد أبناء البلاد للقضاء على البطالة، بتوفير ثقافة عمل إنتاجية، تقوم على العمل ثم العمل بعيدا عن الخمول والكسل، فالشباب السعودي الذي يشغل عديدا من المناصب في أمريكا وأوروبا سواء في المؤسسات العلمية أو الصحية أو الصروح التعليمية بلاده أولى به وبقدراته وخبراته، إذ إن رؤية المملكة 2030 ستعمل على توفير عديد من الفرص التي تنعكس إيجاباً على واقع الشباب في السعودية، إذ إن أبناء الوطن هم أولى الناس به، وعليهم الاقتداء بالأمير محمد بن سلمان الذي سيجعل من المملكة وجهة عالمية متطورة في مجالات الصناعة والحضارة كافة.

 

القيادة الواقعية

يسود الصمت كثيرا من الدول عندما يتعلق الأمر بأمريكا والدول القوية، لكن الأمير محمد بن سلمان تحدث بكل شفافية ومصداقية عن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ولم يتجاهلها، بل تطرق إليها وأجاب عنها بأن المملكة منذ أن وجدت لم تأخذ من أحد شيئا سواء كان دواء أو غذاء أو سلاحا بالمجان، فكل شيء كان بمقابل وثمن، وإن السعودية لن تدفع مقابل أمنها، فهي قادرة على حماية أمنها وصون كرامة شعبها، من خلال جيشها وشعبها، وإنها تدفع ثمن كل طلقة رصاص تدخل البلاد، وإنها لا تأخذ شيئا بالمجان، علما بأن غالبية دول العالم تدفع ثمن الأسلحة التي تحصل عليها سواء من أمريكا وغيرها، وكانت روسيا قد طلبت شراء حاملة الطائرات الفرنسية ميسترال، لكن الصفقة لم تتم وذهبت ميسترال إلى مصر، إضافة إلى أن بريطانيا المملكة المتحدة تشتري الأسلحة من دول عدة، ولا يعد عيبا شراء الأسلحة من الدول، لكن السعودية لا تدفع الإتاوة لحفظ أمنها وأمانها، إذ أكد أن تصريحات ترمب هي للدعاية الانتخابية، وأن صفقات التسليح بين السعودية وأمريكا تجلب المنفعة للطرفين، وهذا يدل على صراحة ومنطقية القيادة في التعامل مع الملفات كافة، إضافة إلى أن السعودية واجهت سياسة الرئيس السابق باراك أوباما التي كانت تسير على عكس أجندة المملكة، إذ دامت فترته الرئاسية ثماني سنوات ليس أسبوعين.

وتواجه السياسة الخارجية للمملكة المحاولات الاستفزازية سواء بالكلام أو الأفعال سواء من الأصدقاء أو الأعداء بالحكمة والهدوء، فالرئيس ترمب المعتاد على الثرثرة، لم يتحدث فقط عن السعودية بل وجه سهام كلامه إلى حلفائه في حلف شمال الأطلسي، وفرض عليهم ضرائب اقتصادية أضرت بمصالحهم الاقتصادية، من خلال رفع الضرائب على الصادرات التجارية، كما أن المملكة المعروفة بتاريخها العريق الضارب في جذور التاريخ منذ بدء الخليقة حتى يومنا هذا قادرة على التعامل مع كافة التحديات، كما أنها تتعامل مع من يحاولون الضغط عليها بمنطق الحسنات يذهبن السيئات، فعلى الرغم من ثرثرة ترمب إلا أن حسناته الكثيرة التي كان آخرها الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني أكثر إيجابية مما يتم ترويجه من أخبار كاذبة من دول معادية، وعلى سبيل الذكر لا الحصر نباح الجزيرة والميادين، إضافة إلى أن القيادة تميز بين من يثرثر تجاهها ومن يحاول توجيه الأوامر والتدخل في الشؤون الداخلية، وهذا ما حصل في الملف الكندي، وما تبعه من تطورات، وإن الحل كما قال الأمير في يد الكنديين بأن عليهم الاعتذار، ونحن مضطرون إلى الصلح حينها، على أن تحترم الشؤون الداخلية للبلاد.

 

التنمية الاقتصادية

تناول نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الجهود الاقتصادية التي يبذلها بالتعاون مع فرق اقتصادية عدة، لتمكين المملكة من الاعتماد على اقتصاد قوي بعيدا عن النفط، من خلال تنمية الصناعة المحلية، واستخدام الطاقة الطبيعية، التي تتلخص في المشاريع الكبيرة التي أقرتها رؤية المملكة 2030، ومنها مشروع مدينة القدية الترفيهية، مشروع البحر الأحمر، ومدينة نيوم التي تعد دولة داخل دولة، إضافة إلى برامج التحول الوطني 2020، من خلال تطوير أداء الوزارات، وتوطين الصناعة، كما تم تأسيس مسك للإبحار نحو المستقبل لدعم الاقتصاد الإبداعي، إذ سيكون لدى المملكة في عام 2019 أكثر من 20 قطاعاً تجارياً قد تمت خصخصتها، وعديد منها سيكون في قطاع المياه، والزراعة، والطاقة وبعضها في الرياضة، كاشفاً ن محادثات تجري الآن مع المستثمرين وبعضهم هنا، والبعض الآخر في الخارج، موضحا أن هدف المحادثات هو التأكد من كفاءة هؤلاء المستثمرين في إدارة الأعمال التجارية، وستتملك الحكومة السعودية قليلا من تلك الشركات من أجل التأكد من جودة الأداء لفترة من الزمن.

وحول ما يتعلق بـ أرامكو قال الأمير محمد بن سلمان لـ بلومبيرج، سنطرح أرامكو بحلول بداية 2021، موضحاً أن قيمة أرامكو لا تقل عن تريليوني دولار، نافياً الإشاعات حول إلغاء طرح أرامكو للاكتتاب العام، أو تأجيله، مؤكداً أن إبرام صفقة شراء أرامكو لحصة صندوق الاستثمارات العامة السعودي في شركة سابك، يعزز الطرح ويرفع من قيمته ويرفع الثقة بأنشطة أرامكو في المستقبل، خاصة ما يتصل بالطلب على المواد البتروكيمياوية.

وقال سمع الجميع الإشاعات حول إلغاء المملكة طرح أرامكو للاكتتاب العام، وتأجيله، وأن ذلك يؤجل رؤية 2030، هذا الأمر غير صحيح. وفي الواقع، في منتصف 2017 واجهتنا مشكلة، ألا وهي: ما مستقبل أرامكو؟ فـ أرامكو اليوم، تنتج النفط، ولا تملك سوى القليل من مشاريع المصب، نسبة إلى إنتاجها الضخم من الزيت الخام، في حال أردنا أن نملك مستقبلا قويًا لـ أرامكو بعد 20 و30 و40 سنة من اليوم، فعلى أرامكو أن تستثمر مزيدا في المصب، لأننا نعلم أن الطلب على النفط بعد 20 عامًا من اليوم سيكون من البتروكيماويات، وإذا ما رأينا الطلب المتزايد على البتروكيماويات، فأنا أعتقد أنه يزداد بنسبة 2 في المائة إلى 3 في المائة اليوم، فحتما أن مستقبل أرامكو يجب أن يكون في المصب.

وأضاف حين تقوم أرامكو بذلك، سيكون هناك تعارض كبير مع سابك، لأن سابك متخصصة في البتروكيماويات والمصب، ومصدر سابك الرئيس للنفط هو أرامكو، لذا فحين تقوم أرامكو باتِّباع هذه الاستراتيجية، فستعاني سابك بكل تأكيد، لذا فقبل أن نقوم بذلك، يجب أن يكون لدينا نوعٌ من الاتفاق لكي نضمن استفادة أرامكو من سابك وأن سابك لن تعاني خلال تلك العملية، لذلك وصلنا إلى نقطة أن صندوق الاستثمارات العامة سيقوم ببيع حصته التي يملكها في سابك البالغة 70 في المائة لمصلحة أرامكو وأرامكو ستقوم بباقي العمل المتعلق بالاندماج أو أيًا كان ما سيفعلونه بـ سابك من أجل الحصول على شركة عملاقة في هذا المجال في السعودية والعالم أجمع.

 

لا لـ «حزب الله» آخر في شبه الجزيرة

تطرق الأمير محمد بن سلمان إلى الحرب في اليمن، مبدياً أمله في انتهائها بأسرع وقت ممكن، حيث قال نحن لا نريد ذلك على حدودنا، لكننا بالطبع لا نريد أن يكون لدينا حزب الله جديد في شبه الجزيرة العربية، هذا خط أحمر ليس بالنسبة إلى السعودية فحسب، إنما إلى العالم أجمع، لا أحد يريد وجود حزب الله في مضيق يمر من خلاله نحو 15 في المائة من التجارة العالمية، وسنواصل الضغط عليهم، نحن نأمل أن يكونوا مستعدين للتفاوض والتوصل إلى اتفاق في أقرب وقت ممكن، وهذا دليل قاطع على جدية المملكة في أن تنهي الحرب لكن ليس على حساب أمن المملكة وأمانها، إذ إنها قادرة على حماية حدودها وشعبها وممتلكاتها، موضحاً ذلك بقوله إنها ليست مسألة مخاطرة بالعلاقة، إنها مسألة متعلقة بالأمن القومي، نأمل أن يتفهموا ذلك أي البريطانيين -، نحن نحاول إقناعهم، ونعتقد أنهم يفهمون مخاطر ذلك على تلك المنطقة، ولكن إذا كان ذلك سيوجد مشكلات فليكن ذلك، لا يمكننا أن نخاطر بأمننا القومي لمصلحة علاقاتنا بدول أخرى.

تقدم الدول كثيرا من المجاملات لإرضاء الحلفاء والأصدقاء، لكن المجاملات لا تكون على حساب الأمن القومي للبلاد، فجماعة الحوثي المدعومة من الملالي تهدف إلى طعن سكين الغدر في خاصرة المملكة، وهذا ما لن ينالوه لو استمرت الحرب إلى يوم القيامة، فالنظام الإيراني العدو الأزلي للعرب وللمملكة يكن الكره والحقد للسعودية وشعبها من منطلق مذهبي وقومي، وهذا من المستحيل أن يكف عن بث سمومه تجاه المملكة من خلال كلابه المسعورة جماعة الحوثي، إذ شهدت الأيام القليلة الماضية هجوماً إيرانيا باليستياً على مدينة البوكمال السورية، بهدف الانتقام لهجوم الأحواز المبارك الذي أوجع صفوف الحرس الإيراني، وما يهم بالتعليق على حادثة القصف، أن الإيرانيين كتبوا على صواريخهم عبارات تتوعد السعودية وولاة أمرها، وهذا يعد دليلاً على حقد وكراهية هذا النظام الساقط الذي يسعى جاهدا لتصدير أزماته إلى الخارج، فاليمن لن تصبح لبنان رقم 2، ولن يتمكن الحوثي من تحقيق أهدافه وستعود الشرعية اليمنية إلى أحضان الشعب اليمني قريباً، من خلال الجهود المباركة التي يقودها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من السياسية