Author

حديث بليغ بكلماته وغاياته وأفكاره وشفافيته

|
من النادر أن يتحدث مسؤول كبير على مستوى العالم، بالصراحة والوضوح والشفافية، التي تحدث بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، البارحة الأولى، حول كل ما يخص المملكة داخليا وخارجيا، اقتصاديا، واجتماعيا، وسياسيا. كانت صراحة من تلك التي لا تقبل التأويل، ووضوحا من ذاك الذي لا يتطلب شرحا، وشفافية عالية الجودة، إلى درجة أنك ترى كل شيء. وولي العهد اعتاد في الواقع على هذه الوتيرة من الأحاديث، منطلقا من مسؤولياته الكبيرة، ومن التزاماته الأكبر بكل المشاريع والمخططات التي تنفذ، من أجل خير السعودية حاضرا ومستقبلا. فأولوية الوطن لا تقبل النقاش، ودور السعودية الإقليمي والعالمي معروض بكل تفاصيله، وليس هذا فحسب، بل تتحدث نتائج هذا الدور عن نفسها. فمخرجاته الكبيرة تبقى دائما كبيرة. لا مجال للشائعات المريضة التي تظهر بين الحين والآخر، وهذه الشائعات تحولت في الواقع إلى مادة للسخرية لكل متابع، ولا سيما عندما ينكشف أمرها في الحال، ولا أحد يتوقع أن تنتهي هذه الشائعات المريضة، لكن المؤكد أنها تحمل سخافتها معها. ليس هناك عند القيادة في المملكة أسرار، ما يسهم في الواقع في عجز مطلقي الشائعات عن تحقيق مآربهم. الوضع العام في المملكة من حسن إلى أحسن، و"رؤية المملكة 2030" ماضية قدما تنجز المشروع تلو الآخر، في زمن قياسي، والأهداف الموضوعة على صعيد التنوع الاقتصادي تسير وفق مخططاتها، بما في ذلك منح الدور الأكبر للقطاع الخاص، وخفض معدل البطالة إلى مستويات مستهدفة. لا عجز في الإنفاق، بل هناك موازنات أسطورية قادمة بالفعل، ولا سيما عندما بلغ حجم موازنة عام 2019م، 1.1 تريليون ريال. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كان واضحا في حديثه مع «بلومبيرج» بشأن طرح 5 في المائة من «أرامكو» للاكتتاب، وأعلن بوضوح لا لبس فيه أن قيمة هذه الشركة الهائلة لا تقل عن تريليوني دولار. الاكتتاب سيتم، وهذا قرار لا رجعة فيه. وصندوق الاستثمارات يقترب من 400 مليار دولار، والهدف 600 مليار دولار. لا ضرائب جديدة حتى عام 2030، إنه قرار واضح جدا. والاستثمارات ماضية قدما في كل المجالات، والبناء الاقتصادي سيكون مناسبا لما تستحقه المملكة قبل كل شيء. وسط هذه الورشة الاستراتيجية الهائلة، تمضي القيادة في حربها ضد الفساد، لا مكان لفاسد مهما بلغ شأنه، ولا مساحة لمن يحاول أن يحدث ضررا ما في البلاد. إنها سياسة صارمة لا مجال للحديث عنها أصلا، والخطوط الحمراء القانية بهذا الخصوص يعرفها الجميع. كل شيء يسير وفق المخططات التي وضعتها القيادة، لا ثغرات هنا أو هناك، فبحلول عام 2030 تهدف السعودية للوصول إلى 30 في المائة فقط من الرواتب الحكومية التي تدفعها، وانخفضت بالفعل في العامين الماضيين من 50 إلى 42 في المائة. الانفتاح يمضي بيسر وسلاسة، ولا رجعة. إنه كلام واضح من ولي العهد، والكلام الأوضح ذاك الذي شمل الحديث عن العلاقات الدولية للمملكة، فالرياض لا تسمح لأي دولة مهما بلغ شأنها التدخل في الشؤون السعودية، وكل سعودي ثبتت علاقاته بأجهزة مخابرات هنا أو هناك سيواجه العدالة الوطنية، فالمساس بأمن الوطن هو أقصى مستويات الخيانة التي تستحق العقاب العادل فليصمت الجميع حكومات وأفرادا، عندما يتعلق الأمر بخيانة الوطن وما يمس أمنه واستقراره. الأمير محمد بن سلمان، كرر موقف السعودية من النفط، فالخلاصة هي أن السوق تحدد مستويات الأسعار، والمملكة جاهزة في أي وقت لإيجاد التوازن في الإمدادات إذا ما تطلب الأمر ذلك. والعلاقة مع الولايات المتحدة في أفضل حالاتها، وليس غريبا أن تكون هناك بعض التباينات في العلاقات بين الدول، المهم أن السعودية لا تعتمد على أحد في توفير أمنها، ولا تطلب من أحد أسلحة مجانية، بل تقوم بدور محوري في محاربة الإرهاب بكل أشكاله، بالتعاون مع واشنطن وغيرها. إنها سياسات سعودية قديمة تجدد دائما. حوار الأمير محمد بن سلمان، الأخير، يشكل في حد ذاته خريطة طريق جديدة تشمل كل شيء داخليا وخارجيا، حاضرا ومستقبلا. إنه حديث بليغ بكلماته وغاياته وأفكاره.
إنشرها