FINANCIAL TIMES

«فيسبوك» بلاط قيصر التواصل الاجتماعي .. زوكربيرج

«فيسبوك» بلاط قيصر التواصل الاجتماعي .. زوكربيرج

«فيسبوك» بلاط قيصر التواصل الاجتماعي .. زوكربيرج

«فيسبوك» بلاط قيصر التواصل الاجتماعي .. زوكربيرج

«فيسبوك» بلاط قيصر التواصل الاجتماعي .. زوكربيرج

يجلس مارك زوكربيرج مبتسما ابتسامة عريضة حول كعكة عيد ميلاد غير حقيقية على هيئة لحوم - صممت لتبدو كحامل لضلع من الأضلاع المدهنة، وشريحة لحم ثلاثية الأطراف، وساق ديك رومي ضخمة - محاط بابتسامات دائرته الداخلية.
هذه الصورة المنشورة على موقع فيسبوك، الملتقطة في أيار (مايو) من العام الماضي، تظهر الرئيس التنفيذي للشركة وهو يحتفل مع أقرب مساعديه، بمن في ذلك بعض الذين عمل معهم لمعظم سنوات حياته.
كريس كوكس وأندرو بوزويرث كانا يقدمان النصح والمشورة إلى زوكربيرج في شركة فيسبوك، منذ أن كان عمر الشركة عامًا واحدًا فقط. في ذلك الحين، كانت مشاكلها تدور حول تسجيل المستخدمين الجدد من غرفة إلى أخرى في السكن الجامعي.
الآن، بات أكبر تحد تواجهه فيسبوك مختلف تمامًا: كيف نمنعها من إتلاف الديمقراطية.
المفارقة الآن، هي أنه إلى هذين الشخصين المقربين يلجأ زوكربيرج مرة أخرى. أما الأشخاص من الخارج الذين كانوا يتمتعون بأكبر قدر من القوة في المجموعة، فهم الأشخاص الذين أسسوا أكبر الشركات التي استحوذ عليها زوكربيرج: من شاكلة إنستجرام وواتساب وآوكيولاس.
اعتبارا من هذا الأسبوع، ذهب كل هؤلاء التنفيذيين، كأنما عادت العجلة إلى الوراء.
لطالما كان زوكربيرج ملكا على الشبكة الاجتماعية التي أسسها عندما كان في التاسعة عشرة من عمره، فهو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي والمساهم المسيطر في شركة فيسبوك.
إلا أنه مع تعرض الشركة للضغط، سواء كان ذلك بسبب تباطؤ نمو الإيرادات أو التدخل الروسي، فإن زوكربيرج يشدد قبضته بتحويل مزيد من المسؤوليات إلى أقرب حاشيته.
يقول ديفيد كيركباتريك، مؤلف كتاب "مفعول فيسبوك": "الأدلة تشير إلى أن السيطرة المطلقة التي يمارسها مارك زوكربيرج في شركة فيسبوك لا تزال في ازدياد، وهو أمر يصعب تخيله بالنظر إلى القدر الكاسح الذي كانت عليه تلك السيطرة من قبل".
على الرغم من تراجع الأسهم بعد الإعلان عن رحيل مؤسس تطبيق إنستجرام، إلا أن مؤسس شركة فيسبوك قد يستخدم الآن سيطرته الكبيرة، لاعتصار مزيد من النمو من تطبيق إنستجرام لمشاركة الصور، بالذات.
يوم الإثنين خرج كيفن سيستروم ومايك كريجر، مؤسسا تطبيق إنستجرام، من شركة فيسبوك، بعد ست سنوات من بيع تطبيق مشاركة الصور إلى الشركة مقابل مليار دولار، وسط إشارات بأنهما يشعران بالاستياء من سيطرة شركة فيسبوك المتزايدة على الخدمة.
آدم موسيري، وهو من قدامى المحاربين في شركة فيسبوك بخدمة 10 سنوات، أُحضِر من قبل لرئاسة منتجات إنستجرام. ومنذ (أيار) مايو الماضي، أبلغت "إنستجرام" عن وصول كوكس، المسؤول الرئيس الجديد عن المنتجات في شركة فيسبوك، الذي يشرف على جميع المنتجات، بما في ذلك تطبيق واتساب، بعد أن غادر مؤسسوه هذا العام أيضًا.
عندما استحوذت شركة فيسبوك على "إنستجرام" في عام 2012 و"واتساب" في عام 2014، كانت تتبع استراتيجية "المحافظ". كان من المنطقي الحفاظ على استقلالية التطبيقات: يمكنهم استخدام بعض الخدمات المركزية، لكنهم يستمرون في بناء علاماتهم التجارية الأولى وخدمة جماهيرهم المكملة والمختلفة: مستخدمين أصغر سنا على تطبيق إنستجرام ومستخدمي الأسواق الناشئة على تطبيق واتساب.
استراتيجية "فيسبوك" الجديدة الآن هي جلب جميع التطبيقات معًا تحت رئاسة كوكس والدفع بها نحو تكامل أكبر. على سبيل المثال، يمكن الآن نشر إنستجرام ستوريز، أي مجموعة الصور التي تنتهي صلاحيتها بعد 24 ساعة، على موقع فيسبوك.
يخضع تطبيق واتساب لضغوط لبدء المساهمة في الإيرادات. أخبر براين أكتون، المؤسس المشارك له، شركة فوربس هذا الأسبوع أنه فشل في معركته في منع شركة فيسبوك من وضع إعلانات مستهدفة في تطبيق المراسلة.
وقد سبق أن اقترح أن يُطلب من المستخدمين دفع رسوم بسيطة بعد نشر عدد معين من الرسائل - وهي الفكرة التي تم إسقاطها من قبل شيريل ساندبيرج، الشخص الثاني بعد زوكربيرج.
قالت ساندبيرج، كبيرة الإداريين التشغيليين، إن الشركة لن "تتوسع"، وهو ما يعتقد أكتون أنه لن يحقق القدر نفسه من المال.
في شأن تطبيق إنستجرام، تظل الإيرادات عالية. تطبيق مشاركة الصور، الذي نما من 30 مليون مستخدم عند الاستحواذ عليه إلى أكثر من مليار مستخدم اليوم، هو محرك إيرادات حقيقي لدى شركة فيسبوك، حيث تتوقع شركة الأبحاث إي ماركتر E-Marketer أنها ستولد ثمانية مليارات دولار من عائدات الإعلانات في عام 2018، وستنمو الإيرادات لترتفع حصتها من أرباح إعلانات الجوّال في شركة فيسبوك من 18 في المائة هذا العام إلى 23 في المائة في عام 2019.
وكما يقول أحد التنفيذيين السابقين في شركة فيسبوك، كان على تطبيق إنستجرام بلوغ أهداف طموحة، في الوقت الذي تتجنب فيه أسوأ الاقتراحات من "الأسياد" في شركة فيسبوك.
ويضيف: "تضع شركة فيسبوك ذلك في الميكروويف. ثم تسرع الطهي بشكل عجيب، لكن الجانب السلبي هو أنك تعرِّض شيئا للإشعاع، وهو ما يعني أنه سوف يتشوه وقد تنمو له ذراع ثالثة".
هذه العملية ونمو تطبيق إنستجرام اللاحق، جعلت الأمر حتى أكثر أهمية بالنسبة إلى شركة فيسبوك، في الوقت الذي أصبح فيه المستثمرون قلقين بشأن آفاق الأعمال الأساسية.
في تموز (يوليو) الماضي، خسرت الشركة 120 مليار دولار من رسملتها السوقية في التداول بعد الإقفال، بعد مكالمة للأرباح أبلغت فيها الشركة عن نقص في نمو المستخدمين في الولايات المتحدة وأوروبا، وتوقعت تباطؤ الإيرادات وانخفاض هوامش الربح.
الآن، يقول التنفيذي السابق إن الإدارة العليا في شركة فيسبوك قد أطلقت "صرخة استغاثة" لإنقاذ منصة فيسبوك الرئيسة: "يجب على الجميع في فريق القيادة أن يكونوا بالقرب من مهد ’الطفل الفائز بالجائزة‘، مشيرًا إلى أنه من أجل تعزيز النمو في شركة فيسبوك، ستحاول الشركة توجيه الجماهير من التطبيقات الأخرى، الأمر الذي قد يكون ضارا على المدى الطويل، أو على حد قوله: "هذه العقلية هي بمنزلة أن تقتل وتأكل أطفالك الآخرين من أجل إنقاذ طفلك الثمين".
لا يزال المستثمرون غير متأكدين مما إذا كان دمج التطبيقات معًا هو الاستراتيجية الصحيحة. انخفضت أسهم شركة فيسبوك بنسبة 3.2 في المائة في التعاملات المبكرة، بعد أن أكدت الشركة رحيل المؤسسين المشاركين لشركة إنستجرام.
يقول برايان ويزر، المحلل في "بيفوتال ريسرتش"، إن رحيلهما يُنظر إليه على أنه "خسارة" لأنهما ماهران فيما يقومان به. ومن رأيه أن شركة فيسبوك سوف تُبقي تطبيق إنستجرام على المسار نفسه، لكن مع مزيد من التحكم المركزي. ويضيف قائلا: "من الصعب تحديد ما إذا كان ذلك سيكون ذلك مفيدا أو ضارا".
ومع ذلك، فإن هيمنة دائرة زوكربيرج الداخلية - والحلفاء المعروفين داخليًا باسم "فوس" أو "أصدقاء شيريل ساندبرج" - يمكن أن يشكلوا مشكلة ذات أهمية أكبر.
وعلى الرغم من مرور عامين من الضغط السياسي، منذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، لم يوظف "فيسبوك" خبرات خارجية لفريق الإدارة العليا التابع له، ولم يقلص من رؤسائه الحاليين.
ازدادت المخاوف بشأن الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة إلى مستويات عالية بعد انتخاب الرئيس دونالد ترمب، والقلق بشأن الخصوصية بعد الكشف عن تسرب بيانات ضخم في شهر آذار (مارس) الماضي، إلى شركة كامبريدج أناليتيكا للبيانات التي عملت في حملة ترمب.
لم يتم الإعلان عن أي رحيل شخص لتحمل المسؤولية عن الفضائح في الشركة. وقد كشف إليوت شراج، نائب الرئيس للسياسة والاتصالات، عن خطط لذهابه، قائلا إنه ينوي المغادرة منذ وقت طويل.
وقد غادر دان روز، وهو مخضرم ونائب رئيس للشركة، وكولين سترتش، المحامي العام للشركة، لأسباب شخصية شركة فيسبوك.
هناك بعض الوجوه الجديدة خارج الدائرة الداخلية: انضم أنطونيو لوسيو ليكون كبير الإداريين التسويقيين في "فيسبوك" من شركة هيوليت باكارد Hewlett-Packard؛ وانضم جون ديفين من شركة أوث Oath، وهي وحدة تابعة لشركة فاريزون Verizon التي جمعت بين شركتي أمريكا أونلاين وياهو، كرئيس لعمليات المجتمع.
وتم تعيين أجيت موهان، الرئيس التنفيذي السابق لمنصة بث الفيديو هوتستار Hotstar في الهند، ليكون العضو المنتدب عن الهند.
حتى الآن لم تكن هناك أي تعيينات خارجية كبيرة لإظهار أن شركة فيسبوك تسعى إلى إيجاد عقول جديدة لمساعدتها على فهم مشاكلها من منظور خارجي. "إنه طاقم الشخصيات نفسه بحسب التنفيذي السابق في شركة فيسبوك: "من المضحك أنه لم يتغير شيء في الجناح التنفيذي".
يصف تنفيذي سابق آخر في شركة فيسبوك كيف تتضح آثار هذه العزلة في أزمة، والتي كان هناك كثير منها. ويقول: "مارك لديه دائرة داخلية ضيقة من الناس الذين يشاركون في كل قضية ملحة. كثير من هؤلاء الأشخاص موجودون معه منذ ثماني سنوات أو أكثر، واقتحام هذه الدائرة شبه مستحيل لأي تنفيذيين يتم تعيينهم أو استقطابهم من الخارج".
أسفل التسلسل الهرمي، كثير من كبار المديرين لديهم خبرة في مجالاتهم: انضمت مونيكا بيكرت، رئيسة إدارة السياسة العالمية، من وزارة العدل الأمريكية منذ ست سنوات.
بريان فيشمان، رئيس سياسة مكافحة الإرهاب، كان مدير الأبحاث في مركز مكافحة الإرهاب التابع للأكاديمية العسكرية في وست بوينت. وكان لدى ساميد شاكرابارتي، الذي يرأس المشاركة المدنية، دور مماثل في شركة جوجل.
في القمة، يقدّر زوكربيرج الولاء. تقول كيت لوسي، وهي موظفة سابقة في شركة فيسبوك ومؤلفة كتاب "الملوك الصبيان"، إنه يبحث عن التزام طويل الأجل داخل الشركة، مع إيمان بشركة فيسبوك، وبعض الرزانة والألفة في مساعديه.
وتقول: "كلما كبرت شركة فيسبوك وازداد حجمها وتزايد العزل بين زوكربيرج والعالم الخارجي، يصبح الحفاظ على العلاقات التصالحية إلى حد كبير أمرا مفهوما لمثل هذه الشخصية القوية، ولكنه قد يؤدي ذلك أيضًا إلى الافتقار إلى المنظور اللازم".
يمكن النظر إلى فريق فيسبوك المستمر منذ فترة طويلة على أنه ميزة، حيث يتم انتقاد بعض الشركات بسبب الدوران الكثير للموظفين.
الشركة المنافسة سناب، مالكة تطبيق سناب شات، خسرت عددا من كبار التنفيذيين هذا العام، حيث انخفض سهمها إلى مستوى أقل بكثير من سعر الطرح العام الأولي.
أدركت شركة فيسبوك أنها بحاجة إلى سماع أصوات خارجية حول بعض القضايا: فتحت بياناتها للباحثين من خلال مشروع جديد يسمى: سوشيال ساينس ون Social Science One، وأطلق تحقيقان من قبل جهات خارجية: أحدهما في تأثير الشركات في الحقوق المدنية، خاصة في المجتمعات غير الممثلة بشكل كاف، وآخر حول مزاعم التحيز ضد النزعة المحافظة.
يؤمن زوكربيرج بشكل واضح بتثقيف نفسه: في جولته عبر أمريكا في عام 2017، شوهد وهو يقابل جميع أنواع مستخدمي تطبيق فيسبوك، وزار كنائس وفرقا رياضية ومزارع ألبان. وبشكل أقل علانية بكثير، كان يستضيف على العشاء الخبراء في مجالات مثل تخفيف المحتوى، حيث طُلِب من المشاركين التوقيع على اتفاقات عدم الكشف.
إلا أن كيركباتريك يعتقد أن زوكربيرج بحاجة إلى المضي أبعد من ذلك بكثير. ويقول إن شركة فيسبوك نمت لتصبح "تهديدا خطيرا للديمقراطية على نطاق عالمي.
حين تنظر إلى مختلف التحديات التي يواجهها شركة فيسبوك حاليا، فمن الصعب تماما بالنسبة لي أن أتخيل فردا يمسك كامل السلطة بيديه، يمكن أن يتمتع بفهم وأرضية كافية لاتخاذ القرارات السليمة".
ويضيف أنه ينبغي لمساهمي شركة فيسبوك أن يشعروا بالتخوف من انعزالية زوكربيرج.
ويقول: "سيطرة زوكربيرج المطلقة يمكن أن يُنظر إليها بشكل متزايد على أنها نقطة المقتل بالنسبة لشركة فيسبوك".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES