FINANCIAL TIMES

تشديد السياسة النقدية .. «الفيدرالي» يرفع الفائدة الأمريكية للمرة الثالثة هذا العام

تشديد السياسة النقدية .. «الفيدرالي» يرفع الفائدة الأمريكية للمرة الثالثة هذا العام

اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، أي ذراع صنع السياسة النقدية الأمريكية، ضمن مجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي"، عززت نطاق الهدف لمعدل سعر الفائدة الرئيسي بربع نقطة مئوية أخرى إلى 2-2.25 في المائة، في الزيادة الثامنة لسعر الفائدة في الدورة الحالية، بينما تستعد لزيادة أخرى في كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة الأمريكية قصيرة الأجل للمرة الثالثة هذا العام، وأشار إلى أنه سيمضي قُدماً بخطط لتشديد السياسة النقدية، حتى في الوقت الذي يواجه فيه مسؤولو البنك المركزي الأمريكي الضغط من البيت الأبيض لخفض تكاليف الاقتراض، فضلاً عن المخاوف بشأن الحرب التجارية.
تخلى البنك المركزي عن تأكيدات سابقة أن السياسة "تميل إلى التيسير النقدي" في الوقت الذي كان يقلل فيه التحفيز الاقتصادي الذي وضعه خلال الأزمة.
تشير التوقعات المتوسطة لأسعار الفائدة التي أصدرها صناع السياسة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة أخرى هذا العام، تليها ثلاث زيادات في عام 2019 وأخرى في عام 2020 - تماشياً مع التوقعات السابقة.
في مؤتمر صحافي، جاي باول، رئيس "الاحتياطي الفيدرالي"، قدّم نبرة متفائلة حول الأداء الاقتصادي الأمريكي. وقال "اقتصادنا قوي، والنمو في مسار صحي، ومعدل البطالة منخفض، وعدد الأشخاص العاملين يزيد بثبات، والأجور مرتفعة. التضخم منخفض وثابت. كل هذه علامات جيدة جداً".
وأضاف باول أنه "في حين كانت هناك "جوقة مرتفعة" من المخاوف بشأن التجارة من الشركات في جميع أنحاء البلاد، إلا أن من الصعب تحديد أي تأثير في الأداء الكلي للاقتصاد الأمريكي".
كان من الممكن أن يتم تحميل الرسوم الجمركية على المستهلكين من خلال الأسعار، لكن لم يكُن هناك دليل في البيانات. وقال "نحن لا نرى ذلك حتى الآن - لا نفعل. ونحن نراقب ذلك بحذر شديد".
"الاحتياطي الفيدرالي" على المسار المؤدي إلى تشديد السياسة النقدية، في الوقت الذي يتوجه فيه معدل البطالة نحو مستويات منخفضة لعدة عقود، ويتسارع نمو الأجور إلى أسرع وتيرة له منذ تسعة أعوام، وتُشير التقديرات إلى نمو سنوي في الربع الثالث بنسبة تزيد على 4 في المائة.
قرار دونالد ترمب هذا الشهر لفرض رسوم جمركية على واردات صينية إضافية بقيمة 200 مليار دولار أضعف الثقة بين بعض الشركات الأمريكية، لكن الاحتياطي الفيدرالي لم يُشر إلى المخاوف التجارية في بيانه بعد الاجتماع.
بدلاً من ذلك، قدّم تحديثاً متفائلاً عن الاقتصاد، الذي يتوقع أن ينمو بنسبة تزيد على 3 في المائة هذا العام، قائلاً "إن النمو ومكاسب الوظائف كانا قويين، كما كان الإنفاق والاستثمار من الشركات". وقال مجلس الاحتياطي الفيدرالي "إن المخاطر بشأن الآفاق لا تزال شبه متوازنة".
احتمالات أن تصل أسعار الفائدة إلى مستويات محايدة - تلك التي لا تُعزز الاقتصاد ولا تعوقه - فتحت جدلاً حول إلى إي مدى سيرغب المسؤولون في التشديد على الاقتصاد من خلال زيادتها أكثر.
جادل بعض المسؤولين في "الاحتياطي الفيدرالي" أنه ينبغي رفع أسعار الفائدة بسرعة أكبر في الوقت الذي يستجيبون فيه للأسواق المالية القوية، والنمو فوق مستوى الاتجاه، والتشديد الثابت في سوق الوظائف، والتضخم الذي عاد إلى حد كبير إلى هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة.
آخرون يريدون رؤية وقفة عندما تكون أسعار الفائدة محايدة. قال باول "إن إزالة عبارة "التيسير النقدي" من بيان مجلس الاحتياطي الفيدرالي لا تشير إلى تغيير في مسار السياسة المحتمل، الذي كان يسير كما هو متوقع". جاءت هذه الخطوة بدلاً من ذلك لأن المصطلح تجاوز فائدته حين تعزز وضع الاقتصاد.
أشار بعض المسؤولين إلى ارتفاع قيم الأصول واقتراض الشركات كدليل على أن مخاطر الاستقرار المالي ترتفع، ما يُضيف إلى الحجج المؤيدة لمزيد من التشديد.
يُشير متوسط التوقعات الأخيرة إلى أن متوسط نطاق هدف مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيبلغ ذروته عند نسبة 3.4 في المائة في عام 2020، وسيبقى عند هذا المستوى في عام 2021.
هذا أعلى من تقديرات "الاحتياطي الفيدرالي" لمستوى أسعار الفائدة على المدى الطويل، الذي ارتفع إلى نسبة 3 في المائة. قال باول "إن من الممكن جداً أن أسعار الفائدة ستتحرك إلى منطقة مقيدة"، لكنه شدد على عدم اليقين حول التقديرات الخاصة بموقع أسعار الفائدة المحايدة.
أدى قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة الأمريكية في فترة ما بعد الظهر في نيويورك، بسبب زيادة توقعات المستثمرين أنه سيزيد وتيرة الزيادة المتوقعة لأسعار الفائدة بعد عدم تحقق نمو الأجور القوي في آب (أغسطس) الماضي.
انخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية القياسية لأجل عشرة أعوام خمس نقاط أساس إلى 3.05 في المائة، ما أدى إلى انخفاض الأسهم المالية الحساسة لأسعار الفائدة، مع انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقاً بنسبة 0.3 في المائة.
قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بزيادة أسعار الفائدة جاء على خلفية الشكوى من ترمب، الذي قال يوم الأربعاء "إنه ليس سعيداً بقرار الاحتياطي الفيدرالي". ما يزيد من تعقيد الخلفية هو السياسات التجارية للبيت الأبيض التي تفرض رسوما جمركية بنسبة 10 في المائة على منتجات صينية إضافية بقيمة 200 مليار دولار، إضافة إلى الرسوم السابقة على الواردات من الصين، وكذلك على واردات الصُلب والألمنيوم.
يحاول مجلس الاحتياطي الفيدرالي تفكيك آثار زيادة الرسوم الجمركية لكل من التضخم والنمو. التوقعات الاقتصادية المتوسطة الأخيرة للبنك المركزي، التي كُشف النقاب عنها مع خطوته بشأن أسعار الفائدة، لا تُشير إلى أي ضرر واضح.
يُنظر إلى الولايات المتحدة الآن أنها تنمو بنسبة 3.1 في المائة هذا العام، بارتفاع من 2.8 في المائة في السابق، قبل أن يتراجع التوسع إلى 2.5 في المائة في عام 2019 و2 في المائة في عام 2020 - أي أسرع قليلاً من وتيرة التوقعات على المدى الطويل بنسبة 1.8 في المائة.
توقع صناع السياسة في مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن التضخم الأساسي سيرتفع إلى نسبة متوسطة بمقدار 2.1 في المائة العام المقبل، دون تغيير عن التقديرات السابقة، وتستمر بتجاوز هدف البنك المركزي قليلاً حيث ستبقى في نفس المستوى في عام 2020 وعام 2021.
أظهرت التوقعات المتوسطة الأخيرة أن "الاحتياطي الفيدرالي" يتوقع الآن أن ينخفض معدل البطالة إلى 3.5 في المائة، أيضاً تماشياً مع التوقعات السابقة. هذا سيكون أقل بكثير من توقعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي البالغة 4.5 في المائة لمعدل البطالة على المدى الويل.
تمت المصادقة على القرار بزيادة أسعار الفائدة من قِبل جميع الأعضاء الحاليين في لجنة السوق المفتوحة، بما في ذلك ريتشارد كلاريدا، نائب رئيس مجلس الإدارة الذي تم تعيينه حديثاً في البنك المركزي.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES