FINANCIAL TIMES

ماكرون يفقد الذخيرة الحية في معركة الإصلاح

ماكرون يفقد الذخيرة الحية في معركة الإصلاح

صوت تسعة من أصل 10 ناخبين في نانت العام الماضي ليكون إيمانويل ماكرون رئيسا لهم. بعد أقل من 12 شهرا، أحرق المتظاهرون تمثالا له.
مثل الكثير من مدن فرنسا، هذه المدينة المليئة بالأشجار والغنية على نهر اللوار تغير رأيها بشأن رئيسها الشاب والمتصلف في بعض الأحيان، على الرغم مما يتمتع به من طموحات نبيلة لدفع الإصلاحات من مقعد "جوبيتر" في قصر الإليزيه، وهي التي تواجه مقاومة وشكوكا على نحو متزايد.
قال مانو، الطالب في جامعة نانت، حيث تم تنظيف الكتابات المناهضة لماكرون عن الجدران، إن الاستياء الذي عُبّر عنه في مظاهرة نيسان (أبريل) الماضي ظل عالقا: "في البداية اعتقدت أنه من الجيد وجود رئيس شاب لأنني ظننت أنه سيفهم الناس بشكل أفضل، والشباب الذين يعانون المشاكل في الواقع. في الواقع هو يستغل مهنته في المجال المصرفي أثناء توليه الرئاسة. بالنسبة لي هذه في الواقع حالة رئيس يتصرف كمصرفي".
جيرمي فان دي فورد، البالغ من العمر 20 عاما، الذي يدرس التاريخ في الجامعة وكان يغادر المكتبة، قال ببساطة: "ماكرون مزهو بنفسه فوق الحد". فرانسوا هولاند، الرئيس الاشتراكي السابق، كان "أقل وضوحا، ولربما كان لينا نوعا ما، لكنه كان أقل استبدادا من ماكرون".
ماكرون، مصرفي بنك روتشايلد السابق ووزير المالية لمرة واحدة، الذي لم يترشح لمنصب سياسي قبل محاولته الجريئة والناجحة للوصول إلى قصر الإليزيه، فاز بسهولة في انتخابات العام الماضي ضد المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبن.
منذ توليه المنصب، ودعمه من قبل أغلبية تشريعية كبيرة، مرر عددا من الإصلاحات المؤيدة للأعمال بهدف استنهاض ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وخلق الوظائف.
على أن معظم الفوائد من الإصلاحات لم يشعر بها الناس بعد: النمو الاقتصادي تباطأ ومعدل البطالة لا يزال أعلى من 9 في المائة بعناد، أي أعلى بكثير مما هو في المملكة المتحدة أو ألمانيا.
التقدم البطيء يؤدي إلى تآكل رأس المال السياسي لماكرون، في الوقت الذي يحول فيه حماسه الإصلاحي إلى مجالات مثيرة للجدل، مثل تبسيط نظام التقاعد وخفض الآلاف من وظائف الخدمة المدنية.
تراجعت شعبية الرئيس إلى مستوى منخفض قياسي بلغ 29 في المائة في أيلول (سبتمبر)، وذلك وفقاً شركة الاستطلاعات آيفوب Ifop.
ازداد موقف ماكرون سوءا بسبب الزلات مثل قضية بينالا، وهي فضيحة تحيط بحارس أمنه الشخصي، الذي انتحل صفة ضابط شرطة، ولكم المتظاهرين أثناء أعمال الشغب في يوم العمال في الأول من أيار (مايو) الماضي.
هذا الشهر تعرض الرئيس للانتقاد بأنه ليس متصلا بمشاكل الناس عندما أخبر بستانيا شابا عاطلا عن العمل، أنه ببساطة عليه "عبور الشارع" للعثور على وظيفة.
هذا الحادث أثار تصورا بأن الرئيس يشعر بأنه متفوق، كما قال صامويل بارو، مدير الموارد البشرية البالغ من العمر 31 عاما في إحدى شركات البناء في نانت. "نرى أنه متكبر قليلا".
منطقة بايي دو لا لوار التي تضم مدينة نانت لديها قدر من أدنى معدلات البطالة في فرنسا، لكن حتى هنا تبقى سوق الوظائف هشة. تسعة من أصل عشرة عروض عمل هي عقود محددة المدة، وذلك وفقا لجاي ليتيرتر، مدير وكالة بول أمبلوا للبطالة الوطنية في منطقة لوار-أتلانتيك. ثلاثة أرباع هذه العقود هي لمدة تقل عن شهر و30 في المائة منها هي لمدة يوم واحد.
قال فابيان بيسارد، الذي يعمل في مستشفى عام في نانت، ويتمشى في وقت مبكر من المساء عبر المدينة القديمة: "ماكرون لا يدافع عن الطبقة العاملة. ظروف العمل تتدهور أكثر وأكثر. الجميع بحاجة إلى المال، لكنه يوزعه بشكل سيئ. نحن نقوم بعمل أكثر مقابل موارد أقل".
مشكلة صورة ماكرون تهدد بحجب الإنجازات المبكرة مثل خفض الضرائب، وإصلاح شركة السكك الحديدية الحكومية إس إن سي إف، وإصلاح سوق العمل المتصلبة. كما تقوض أيضا الجهود لإظهار نفسه وحركة إلى الأمام، بأنه يمثل تجديدا للطبقة السياسية.
"كل الأمور الصغيرة مثل قضية بينالا هي التي تذكرنا جماعيا بالماضي. يقدم ماكرون نفسه بأنه العالم الجديد، لكنه يعيش كل هذه الأمور الصغيرة تماما مثل العالم القديم"، كما قال بارو، أثناء الإشادة بإصلاحات ماركون لسوق العمل، ولا سيما تحسين العلاقات بين أصحاب العمل والنقابات.
يؤكد أنصار ماكرون أن التحول العميق لفرنسا سيستغرق بعض الوقت. "نحن نضع كل الأركان اللازمة لإصلاح مجتمعنا"، كما تقول آن فرانس برونيه، المبتدئة السياسية النشطة والمؤيدة في وقت مبكر لحركة ماكرون الوليدة الشعبية، التي هي الآن واحدة من ضمن مجموعة من الأعضاء الجدد في الجمعية الوطنية.
"في عام واحد وضعنا الأساسات، ووضعنا المشاريع والقوانين. لدينا ميزة القيام بالأشياء حتى لو لم يكن ذلك بالسرعة الكافية بالنسبة للبعض. لا نستطيع القول إن هذا مخيب للآمال، لأنه لم يمض سوى عام فحسب".
في حديثه مع الصحافيين هذا الأسبوع، اعترف برونو لو مير، وزير المالية، بالفجوة بين الإصلاحات التي وضعت والنتائج المحققة، حيث قال: "لدينا منذ الآن الفوائد الأولى من الإصلاحات، لكن هذه في الوقت الحالي محدودة. الفرنسيون متشككون، يطلبون نتائج ملموسة للغاية، وأعتقد أن الأمر سيستغرق بعض الوقت قبل الحصول على الفوائد الكاملة للإصلاحات".
في حين أن شعبية ماكرون في أدنى مستوياتها، إلا أن هناك علامات على أن الناس لا يزالون يرون أنه يستطيع تغيير فرنسا. في استطلاع أجرته شركة Ifop ونشره موقع أتلانتيكو هذا الشهر، قال 55 في المائة من الفرنسيين إنهم مقتنعون أن الرئيس سيواصل "إصلاح البلاد بعمق".
في الجامعة، قالت فيكتوريا صديقة مانو إنها تتفق مع ذلك - حتى وإن لم تكن مقتنعة بأسلوبه، حيث قالت: "لا أشارك بالضرورة طريقته بالعمل وبعض تعليقاته، لكن صحيح أنه عندما يقول إنه سيفعل شيئا ما فإنه يفعله بالتأكيد. ربما سيجلب المستقبل بعض الأمور الجيدة. ربما".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES