FINANCIAL TIMES

الأسهم الخاصة تفاضل بين «الكراسي الموسيقية» و«الروليت الروسي»

الأسهم الخاصة تفاضل بين «الكراسي الموسيقية» و«الروليت الروسي»

الأسهم الخاصة تفاضل بين «الكراسي الموسيقية» و«الروليت الروسي»

كانت لورين كيلي تذهب إلى قاعة جالا للعبة البينجو (لعبة كشط الأرقام عن البطاقات) في ستراتفورد في معظم عطلات نهاية الأسبوع، على مدى العقدين الماضيين.
وتقول إنه على الرغم من أن الشركة صاحبة القاعة في شرق لندن شهدت عدة مالكين خلال تلك الفترة، إلا أن المكان بقي على حاله إلى حد كبير.
وتضيف كيلي، التي فازت ذات مرة بمبلغ ألف يورو في لعبة بينجو في إحدى الأمسيات: "أحيانا، تحصل على تذاكر مجانية للقدوم واللعب، عندما يتولى ملاك جدد إدارة المكان، وهذا يشجعك على أن تلعب أكثر".
في الوقت الذي ربما لم يشهد فيه الزبائن كثيرا من التغيير، لا يمكننا قول الشيء نفسه بالنسبة لنموذج الأعمال. شركة جالا التي تم دمجها مع شركة كورال المنافسة في عام 2005، كانت مركز واحدة من عمليات الشراء التام بالرفع المالي المثيرة للجدل، والأقل نجاحا في أوروبا، في الوقت الذي كانت تتنقل فيه بين شركات الأسهم الخاصة، في حركة مالية تشبه لعبة تمرير الطرود التي استمرت على مدى عقد من الزمن.
كان المالكون المتعاقبون يدفعون لأنفسهم عائدات مرتفعة، بمساعدة التمويل السهل، قبل بيع الشركة إلى بيت الأسهم الخاصة التالي. في الإجمالي، تم شراء شركة جالا وبيعها خمس مرات من قبل شركات مختلفة من عام 2002 إلى عام 2015. خلال العملية بأكملها، استمر الارتفاع في مستويات الديون الواقعة على عاتق الشركة، التي تقاس كمضاعِف من أرباحها.
كان أداء الشركة جيدا في العقد المنتهي في عام 2008، مع نمو قوي في المبيعات وتوسع نشط، لكن مالكي الأسهم الخاصة السابقين لشركة جالا أمضوا وقتا كبيرا من العقد الماضي في تراجع، حيث كانوا يقلصون حجم المتاجر ويسرحون الموظفين، بعد أن طغى عليهم مزيج سام من ظروف السوق الصعبة، والمستويات العالية من الاقتراض.
مع مرور الوقت، أصبح عبء الديون غير قابل للاستدامة. كادت شركة جالا كورال أن تتعرض للإفلاس، قبل أن يتم الاستحواذ عليها في نهاية المطاف من قبل شركة لادبروكس المنافسة في عام 2016، التي بدورها اشتريت من قبل شركة جي في سي القابضة في وقت سابق من هذا العام.
ربما كان يتبين أن قصة جالا كورال هي تجربة مفيدة حول مخاطر مثل هذا الأسلوب في إبرام الصفقات الذي يقوم على تمرير الطرود. مع ذلك، ما حدث كان على العكس تماما من ذلك.
العام الماضي، حققت الصناعة رقما قياسيا في عدد الصفقات التي تسمى بالثانوية بلغ 576 صفقة، فعندما يتم بيع شركة أو حصة في شركة من قبل إحدى شركات الأسهم الخاصة إلى شركة أخرى، وفقا لشركة بريكين لتزويد البيانات. وهذا يقارن بـ 394 عملية من هذا القبيل، في ذروة طفرة الصفقات التي حصلت في عام 2007، قبل الأزمة المالية مباشرة.
يشعر مستشارو الأسهم الخاصة بالقلق المتزايد من أن القطاع يمكن أن يشهد تكرارا لتجربة شركة جالا كورال، في الوقت الذي بدأت فيه أسعار الفائدة بالارتفاع، ما يزيد من مدفوعات الديون ويزيد من احتمال الركود.
الصفقات الثانوية يمكن أن تكون في الغالب أكثر ضعفا عندما تتغير الظروف، إما لأن لديها مستويات ديون أعلى وإما لأنه كان قد تم بالأصل أخذ مزيد من المال من الشركة من قبل مالكين سابقين.
أظهر تحليل أجري أخيرا لأداء 2137 شركة مملوكة من قبل 121 شركة أسهم خاصة من قبل كلية سعيد لإدارة الأعمال في جامعة أكسفورد، أن التعاملات الثانوية تتسم بعائدات أدنى من الصفقات الأخرى، عندما تقوم بها شركة تتعرض للضغوط من أجل نشر رأس المال.
يشبه بعض التنفيذيين هذا الموقف بأحد أشكال "الكراسي الموسيقية" في الأسهم الخاصة، حيث تنكشف الشركات عندما تتحول السوق ضدها.
يقول نيل ساكديف، شريك تمويل الرفع المالي في الشركة القانونية كيركلاند آند إيليس، التي قدمت المشورة لشركة أبولو في الاستحواذ على ديون شركة جالا كورال في عام 2009: "في كل مرة يتم فيها بيع شركة ما بين صناديق الأسهم الخاصة، يكون هنالك خطر انتزاع بعض الجوانب الإيجابية المحتملة على اعتبار أن الشركة ربما تكون قد تم تحسينها من خلال عمليات الاستحواذ أو التحسينات التشغيلية. لذلك قد تكون هنالك إيجابيات محتملة أقل في كل مرة يتم تمرير الشركة".
يضيف سكاديف: "الخطر يكمن حقيقة في أنه ليس هنالك كثير من الفوائد التي يمكن جنيها".
شركة جالا كورال ليست عملية الاستحواذ الثانوية الوحيدة، حيث نفذ لدى مجموعات الأسهم الخاصة الفوائد التي يمكن الاستفادة منها. في الولايات المتحدة، شركة صناعة الفراش سيمونز بيدينج، التي تم شراؤها وبيعها من قبل مالكي شركات أسهم خاصة سبع مرات خلال 20 عاما، تقدمت بطلب بموجب الفصل الـ 11 من قانون الحماية من الإفلاس في عام 2009، وتم تسريح أكثر من 25 في المائة من الموظفين.
مع ذلك، حقق مالكوها السابقون، بمن فيهم ثوماس لي بارتنرز، أرباحا بلغت 750 مليون دولار من خلال عائدات خاصة، وفقا لتحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز.
في أوروبا، انهارت شركة الهواتف فونز فور يو، متاجر التجزئة لبيع الهواتف المحمولة البريطانية، في عام 2014 بعد ثماني سنوات في أيدي الأسهم الخاصة.
الأمثلة الحديثة لصفقات تمرير الطرود تشمل عملية استحواذ شركة سنفين هذا العام على شركة جيه إل إيه لأعمال خدمات الغسيل من شركة إتش جي كابيتال، وعملية بيع شركة كيه كيه آر مزودة الورود إلى شركة سان بارتنرز الأوروبية العام الماضي.
يقول بير سترومبيرج، أستاذ التمويل والأسهم الخاصة في بيت التمويل السويدي، وهو مركز أبحاث: "جماعات الاستحواذ التام تحب عمليات البيع الثانوية لأنها تشتري أصولا من قريناتها، وتشعر أنه ليس لديها أعمال كثيرة يجب إنجازها، لكن غالبا ما يؤدي ذلك إلى أن يدفعوا ثمنا عاليا فوق الحد".
الصفقات الثانوية غالبا ما تزيد من الحوافز المقدمة لمالكي الأسهم الخاصة من أجل تحميل الشركة مزيدا من الديون. ويقول: "إن اشتريت شركة خضعت لعملية تحسين من قبل أحد مالكي الأسهم الخاصة السابقين، وإن لم يكن هنالك كثير مما يحتاج إلى تحسين، حينها ستكون إحدى الطرق لرفع العائدات هي إضافة مزيد من الرفع المالي لها".
يقول المدافعون عن صفقات تمرير الطرود إن انهيار شركة جالا كورال وغيرها في ظل الملكية المتعددة للأسهم الخاصة، هو مجرد سوء حظ، لأن الظروف الخاصة بتلك الصناعات سرعان ما تدهورت.
يقول بول دولمان، شريك في شركة ترافيرس سميث القانونية في مقرها في لندن، الذي يقدر أنه عمل نحو 60 معاملة مالية تتضمن تمرير الطرود خلال السنوات الـ 15 الماضية، إن الصفقات الثانوية ليست المسؤولة أساسا فيما لو حصل أي خطأ.
ويضيف: "النقطة الأساسية تتضمن تحديد السبب في البيع. إن كان السبب هو التعرض لضغوطات لإعادة الأموال إلى المستثمرين، حينها يمكن أن نفهم أن ذلك سبب موثوق. إن كان السبب هو أنهم يعتقدون أن السوق على وشك التحول وهم قاموا باستنزاف الشركة، حينها من الواضح أن ذلك ليس بالسبب الوجيه".
يقول أنصار مثل هذه الصفقات إن جماعات الشراء التام تجلب التدفقات اللازمة من رأس المال لتمويل نمو الشركة من خلال عمليات الاستحواذ أو التوسع. كما يشيرون أيضا إلى الصفقات الناجحة، بما فيها شركة تأجير المركبات زينيث، التي كانت مملوكة من قبل أربعة ملاك مختلفين للأسهم الخاصة وحققت نتائج قوية.
في حالة زينيث، ضاعف أحد المالكين استثماراته الأولية ثلاثة أضعاف قبل بيعها بنجاح لبيت الأسهم الخاصة التالي.
ويقولون إن عمليات الشراء التام الثانوية تشكل جزءا من التطور الذي تشهده صناعة تمتلك مزيدا ومزيدا من الشركات، وتكون غارقة بالأموال النقدية ليتم صرفها على الصفقات.
شراء الشركات المملوكة بالأصل من قبل شركات أسهم خاصة أخرى أصبح طريقة جذابة لاستثمار أموالها، خاصة أن تلك الشركات تواجه أيضا تزايدا في المنافسة من شركات متعطشة للحصول على أصول جديدة.
كانت مثل هذه الصفقات غير موجودة إلى حد كبير في بداية القرن. تقدم لنا ملحمة جالا كورال مثالا متطرفا يبين كيف يمكنها أحيانا أن تصاب بالاختلال خلال فترة زمنية قصيرة.
كان أول ما اجتذب مشتري الأسهم الخاصة إزاء هذه الصناعة في مطلع القرن الـ 21 هو الشعبية المتزايدة للمراهنة، وحصول تخفيف في القيود المفروضة على الإعلانات.
قبل عملية الاندماج مع شركة جالا، تم تمرير شركة كورال نفسها ثلاث مرات بين الرعاة الماليين منذ أواخر التسعينيات، إلى أن بيعت للمرة الرابعة لمجموعة من مشتري الأسهم الخاصة، شملت شركتي كاندوفر وسنفين في عام 2003.
تم تمويل الصفقة إلى حد كبير بالديون وبلغت القيمة 1.3 مليار جنيه استرليني أو نحو تسعة أضعاف الأرباح قبل اقتطاع الفائدة والضريبة والاستهلاك والإطفاء. بين صفقات الأسهم الخاصة، السعر الذي يعادل عشرة أضعاف قبل اقتطاع الفائدة والضريبة والاستهلاك والإطفاء يعد مرتفعا.
كانت الأعمال آخذة في الازدهار وحقق المالكون الجدد توسعا كبيرا. بعد مضي عامين، حققت بيوت الشراء التام عائدات تبلغ 275 مليون جنيه للمساهمين – ما يعادل سبعة أضعاف ديون الشركة.
كان مالكو شركة كورال قد راهنوا على السلطات البريطانية سوق تنفذ مزيد من التخفيف في القواعد المفروضة على الإعلان عن المراهنات، وساعات عمل أطول. تبين بعد ذلك أن افتراضاتهم كانت متفائلة، في الوقت الذي تعرضت فيه الآفاق للدمار بسبب فرض حظر على التدخين، في صناعة كان يستمتع كثير من العملاء فيها بتدخين سيجارة خلال ممارسة لعبة البينجو.
على الرغم من التكهنات حول فرض أنظمة أكثر صرامة، لم تكن هنالك أي دلالة على تراجع الاهتمام من شركات الأسهم الخاصة.
في عام 2005، اشترى مالك جديد للأسهم الخاصة، أي شركة بيرميرا، حصة نسبتها 30 في المائة، بحيث أعطت قيمة للشركة قيمة مقدارها 15.1 مرة ضعف الأرباح قبل اقتطاع الفائدة والضريبة والاستهلاك والإطفاء مع ديون تعادل 9.75 مرة قبل الاقتطاع. واصل المالكون الجدد البحث عن عمليات استحواذ، ما أدى إلى عملية دمج شركتي جالا وكورال. ثم حُمِّلت الشركة مزيدا من الديون. وخلال العامين التاليين زادت إيرادات الشركة بأرقام عالية من خانة واحدة.
جاءت بعد ذلك الأزمة المالية وفترة من النمو الهزيل. مع نهاية عام 2008، تم شطب قيمة حقوق الملكية في شركة جالا كورال إلى الصفر من قبل شركات كاندوفر وسنفين وبيرميرا.
جماعات الشراء التام مثل شركتي أبولو وسيربيروس وغيرها من جهات الإقراض المتخصصة الأخرى رأت وجود فرصة سانحة وبدأت في شراء ديونها بخصومات كبيرة، أصبحت فيما بعد الجهات الدائنة الرئيسة للشركة. في نهاية المطاف، خسر داعمو الشركة من الأسهم الخاصة ملكيتها لمصلحة جهات الإقراض، وانفك اندماج شركتي جالا وكورال في عام 2015. وتعود ملكيتهما الآن إلى شركة جي في سي، حيث تجري تداولات كل منهما منفصلة عن الأخرى.
كانت مستويات الديون المرتفعة هي الأساس في المتاعب التي تعرضت لها شركة جالا كورال. يكتب سيباستيان كانديرل، مؤلف كتاب مصيدة الديون، وهو كتاب حول كيفية تأثير الرفع المالي على أداء صفقات الأسهم الخاصة، أن "ما جعل جالا تقترب من حافة الإفلاس، كان مستوى الرفع المالي العالي بشكل عبثي مقارنة بأقرانها".
في الوقت الذي عانت فيه الشركات الكبرى الأخرى في القطاع في الفترة التي تلت الأزمة المالية، لم تواجه أي منها مخاطر الإعسار أو الخضوع للإدارة القضائية. "وكما تبين من حالة منافسي شركة جالا، من دون ذلك العبء الكبير من الديون، والواضح في الميزانية العمومية أن الشركة لم تكن بحاجة إلى إعادة الهيكلة المالية".
تشهد صناعة الأسهم الخاصة الآن زيادة في النشاط، مدعومة بعمليات قياسية في جمع الأموال. مع ذلك، يقول بعض كبار الشخصيات في الصناعة إنهم يبتعدون عن التعاملات الثانوية.
قال ليونيل أسانت، رئيس الأسهم الخاصة في أوروبا لدى شركة بلاكستون، إن 1 في المائة فقط من الصفقات العالمية تمثل تعاملات ثانوية، بسبب المخاوف من أنها ربما تحقق عائدات هزيلة. أحد الاستثناءات: في وقت سابق من هذا العام، أن شركة بلاكستون اشترت شركة أفيريز لصناعة حلول التخزين والتعقب في المستودعات، من الشركة المنافسة إيكويستون.
ويقول: "إن تباطأ الاقتصاد قليلا، تتقلص المضاعِفات وأعتقد أن المستثمرين سيحصلون على عائدات عادية جدا، خاصة في الصفقات الثانوية. فكرة كونك قادرا على رفع الشركة ماليا بنحو ست أو حتى سبع مرات قبل اقتطاع الفوائد والضرائب اليوم بتكلفة ديون رخيصة جدا، وأنك ستعيد الرفع المالي بتكلفة ديون رخيصة بعد خمس سنوات من الآن، هي فكرة من الواضح أنها مضحكة".
ما يُطلِق عليه "لعبة الكراسي الموسيقية"، حيث تجري شركات الأسهم الخاصة بعض "التغييرات السريعة"، قد تستمر لعدة سنوات، إن لم يكن هنالك ركود، إلا أنه بحسب ما يضيف: "نحن لا نريد المشاركة في هذه اللعبة".
تحذر جوانا روتشا سكاف، رئيسة الأسهم الخاصة الأوروبية في شركة إدارة الاستثمارات نُويبيرجر بيرمان، من أن مبرمي الصفقات يقللون من أهمية المخاطر المتعلقة بالهياكل المثقلة بالديون، التي تأتي مع عمليات الاستحواذ الثانوية.
كما تقول: "عندما ترتفع أسعار الفائدة، الرجاء الانتباه لأن ذلك قد يفرض ضغوطات سيولة كبيرة على تلك الشركات. في بعض الحالات، لا يجري تفهم تلك السيولة بشكل تام. يبدي الأشخاص تركيزا كبيرا على هيكل رأس المال، لكن أين هي الأموال النقدية؟"
مع ذلك، قلة من الخبراء هي التي تتوقع توقف تلك الصفقات قريبا. يتوقع لادوفيك فاليبو، أستاذ التمويل في كلية سعيد لإدارة الأعمال، حصول زيادة في تعاملات تمرير الطرود.
ويقول: "ستتسارع وتيرة تلك الصفقات لأن الأشخاص المعنيين بالأسهم الخاصة، لديهم كثير من (رؤوس الأموال غير المستخدمة)، ويجب عليهم الاستمرار في نشرها".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES