FINANCIAL TIMES

«إنستجرام» يفقد مؤسسيه الغاضبين من هيمنة «فيسبوك» المتزايدة

«إنستجرام» يفقد مؤسسيه الغاضبين من هيمنة «فيسبوك» المتزايدة

في الأشهر الأخيرة غادر موكب من كبار المديرين التنفيذيين شركة فيسبوك. في كل مرة كانت الخطوات متشابهة، بما في ذلك نشر رسالة وداعية على موقع التواصل الاجتماعي، حيث يمكن لزملائهم السابقين أن يتمنوا لهم التوفيق.
عندما استقال كيفين سيستروم فجأة الأسبوع الماضي، لم ينشر مثل الرسالة في صفحته على "فيسبوك". بدلاً من ذلك، توجه مؤسس "إنستجرام"، موقع مشاركة الصور الذي اشترته شركة فيسبوك قبل ست سنوات، إلى "تويتر" و"إنستجرام" لإصدار بيانه. هذا الازدراء الخفي لن يمر مرور الكرام على مقر "فيسبوك" في مينلو بارك، فهو يشير إلى توترات خلف رحيل سيستروم ومايك كريجر، المؤسس المشارك لـ "إنستجرام".
مارك زوكربيرج، مؤسس "فيسبوك"، أصدر بيانًا موجزًا يشيد بـ "قادة المنتجات الاستثنائيين" في "إنستجرام". لكن مع أن لحظة رحيلهما في وقت واحد ربما كان لها وقع الصدمة، يقول المطلعون في "فيسبوك" والمُقرّبون من الثنائي المتماسك "إنهم يستغربون أن الأمر استغرقهما وقتًا طويلاً قبل اتخاذ قرار المغادرة".
بقي الثنائي في الشركة حتى تجاوزا فترة "المكاسب" الممتدة أربعة أعوام، التي تعتبر أنموذجية لصفقات وادي السيليكون، حيث ازدهر "إنستجرام" تحت ملكية "فيسبوك". لكن في الأشهر الأخيرة، عندما فرضت "فيسبوك" سيطرة أكبر على موقع مشاركة الصور توترت العلاقة.
في أول سنتين بعد أن باع شركته، كان سيستروم يحقق نجاحات متواصلة في "فيسبوك". تسارع نمو تطبيق "إنستجرام" بعد ربطه بالبنية التحتية الأكثر فعالية والشبكة الاجتماعية الأكبر لـ "فيسبوك".
زاد عدد المستخدمين النشطين شهريًا عشرة أضعاف، من نحو 30 مليون مستخدم وقت الاستحواذ إلى 300 مليون بنهاية عام 2014. سرعان ما تحول "إنستجرام" من تطبيق مفضل لدى المؤثرين في وادي السيليكون إلى تطبيق ضروري لأي شاب يمتلك هاتفًا ذكيًا. لكن الديناميكية تحولت بعد أن دفعت "فيسبوك" 22 مليار دولار لتطبيق المراسلة "واتساب" في عام 2014. فجأة تضاءلت عملية شراء "إنستجرام" مقارنةً بـ "واتساب"، على الرغم من استمرار ارتفاع عائدات صفقة سيستروم وكريجر القائمة على الأسهم. قال أحد الأشخاص المقربين "بدأ ندم البائع في ذلك الوقت".
تفاقمت هذه المسائل في السنوات التالية، وأخذ نفوذ "فيسبوك" يصبح تدريجيا أكثر وضوحًا على "إنستجرام". لفترة طويلة كانت إدارة "إنستجرام" تتم بعيدا عن الشركة الأم، مع التزام زوكربيرج في وقت الاستحواذ بـ "بناء وتنمية "إنستجرام" ككيان مستقل".
النجاح الأولي لهذا الترتيب كان بمنزلة أنموذج لزوكربيرج يقدمه لأصحاب المشاريع الأخرى التي يرغب في الاستحواذ عليها. ناضل سيستروم بشدة للحفاظ على مبنى منفصل لـ "إنستجرام" داخل حرم شركة فيسبوك. لكن موظفي الشركة الناشئة الذين انتقلوا إلى مقر مينلو بارك بعد عملية الاستحواذ تعرضوا إلى صدمة ثقافية عندما وصف أحدهم بيئة "إنستجرام" بأنها بيئة "إبداعية وفوضوية".
ألمح سيستروم الذي سعى لفترة طويلة على إبقاء ثقافة "إنستجرام" متمايزة عن "فيسبوك"، إلى تغيير في بيان الوداع الذي ألقاه مساء الإثنين الماضي.
وبينما يصر على أنه وكريجر "لا يزالان متحمسين لمستقبل "إنستجرام" و"فيسبوك" في السنوات المقبلة"، قال أيضا "إنه كان عليهما المغادرة لاستكشاف فضولنا وإبداعنا مرة أخرى".
نيل كامبلنج، المحلل لدى شركة ميرابود سيكيوريتيز، اعتبر أن الرسالة تشير "ضمنا إلى أن مثل هذا الابتكار أصبح مكبوتًا وخاضعًا لحدود شركة فيسبوك". وأضاف "في الآونة الأخيرة حدث تحول في ديناميكية السلطة بين منصة التواصل الاجتماعي وتطبيقها لمشاركة الصور".
في مواجهة المنافسة المتنامية من "سنابشات" في عام 2016، وظف سيستروم مدير منتج سابق لتطبيق "تويتر"، كيفين ويل، لترميم منصة "إنستجرام". وسرعان ما أصبح تقديم ميزات متتالية "مثل خاصية القصص المؤقتة" شائعًا إلى حد كبير ونجح في التغلب على تهديد "سنابشات". حتى مع توقف نمو تطبيق "فيسبوك" الأساسي في الأسواق المتقدمة مثل أمريكا الشمالية وأوروبا، استمر "إنستجرام" في الازدهار، متجاوزًا مليار مستخدم في حزيران (يونيو).
انتقال ويل في وقت سابق من هذا العام ليُصبح نائب رئيس المنتجات في وحدة البلوكتشين في "فيسبوك" اعتبره بعضهم بداية حقبة جديدة في "إنستجرام". لكن في وقت لاحق استُبدِل به آدم موسيري، النجم الصاعد في "فيسبوك"، التابع مباشرة لكريس كوكس، أحد أفراد دائرة زوكربيرج الداخلية.
دفع ذلك سيستروم بعيدًا عن مركز السلطة في "فيسبوك". وعلى الرغم من احتفاظه بمسمى الرئيس التنفيذي، إلا أنه كان أبعد ما يكون عن السيطرة النهائية على منتجه الإبداعي.
قال أحد المقربين من الشركة "لم يكن كيفين يتخذ القرارات المتعلقة بالمنتج، بل شركة "فيسبوك" نفسها هي التي تقرر. لم يكن كيفن ذا صوت مسموع".
شخص آخر يعرف سيستروم بشكل جيد منذ بدايات "إنستجرام"، وصفه بأنه "شخص مسطير (...) أنا متأكد من أنه لم يعجبه أن يكون تحت إمرة رئيس آخر". تشير تقديرات شركة نيلسن لتزويد البيانات إلى أن متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدمون الأمريكيون على "إنستجرام" ارتفع 38 في المائة على أساس سنوي في تموز (يوليو)، مقارنة بانخفاض نسبته 6.7 في المائة في استخدام "فيسبوك".
حقيقة أن "إنستجرام" أصبح الجزء الأسرع نمواً في "فيسبوك" أحدثت توتراتها الخاصة، الأمر الذي جعل سيستروم محبطاً في الأشهر الأخيرة لدرجة أنه قضى مزيدا من الوقت في التعامل مع السياسة الداخلية أكثر من المنتج نفسه، كما يقول أصدقاء.
وفي الوقت الذي سعى فيه المؤسسان للحفاظ على السيطرة على المنتج، لم يكن لديهما كثير من الاهتمام بتحويل "إنستجرام" إلى عمل تجاري. لذلك ذهب هذا الدور إلى مارن ليفين، الحليف الرئيسي لشيريل ساندبرج، كبيرة مسؤولي التشغيل في "فيسبوك"، التي أصبحت مسؤولة التشغيل الرئيسية في "إنستجرام" عام 2014، قبل أن تعود إلى "فيسبوك" في وقت سابق هذا الشهر.
في تقرير هاتفي بشأن الأرباح في تموز (يوليو)، قال ديفيد فاينر، المدير المالي لـ "فيسبوك"، "إن الشركة تخطط "للنمو وتشجيع بعض التجارب الجذابة مثل خاصية القصص التي تتمتع حاليًا بمستويات أقل من تحقيق الدخل"، ما يشير إلى أنه حتى مزيد من الإعلانات سبسلك طريقه باتجاه "إنستجرام".
وهذا يجعل بعض مستخدمي "إنستجرام" الأوفياء يشعرون بالقلق مما يمكن أن يحدث للتطبيق عندما يتم منح زوكربيرج ومعاونيه الحرية المطلقة للتصرف، دون أن يدافع مؤسسوه عن روحه الأصلية.
أوم مالك، وهو معلق له باع في وادي السيليكون تحول إلى مستثمر في شركة ترو فينتشرز، كتب في تدوينة الثلاثاء الماضي "إن أهداف زوكربيرج في النمو والرغبة في (...) النمو تتعارض بشكل مطلق تقريبا مع أشخاص آخرين، بمن فيهم المؤسسان اللذان اشترى منهما شركتهما مقابل علاوات سخية وأكسبهما ثروات من خلال ذلك".
وقال مالك "إن المؤسسين مثل سيستروم وكريجر يمكنهم الاحتفاظ بـ "حس ارتباط الأبوة" بنتاج إبداعاتهم، لكن في النهاية، كما تعلمنا مرارا وتكرارا، "فيسبوك" يحكمها ملك واحد. "وسيبقى دائما ملكًا واحدًا فقط".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES