FINANCIAL TIMES

بريطانيا تخوض معركة ضبط منصات التواصل الاجتماعي

بريطانيا تخوض معركة ضبط منصات التواصل الاجتماعي

تولي حكومة تيريزا ماي اهتماما مفصلا لإجبار الشركات على تحمل مسؤولية قانونية أكبر عن المواد المنشورة على منصاتها، بينما يقترح حزب العمال هيئة تنظيمية كبرى للإشراف على مجموعات التكنولوجيا.
هذه الخطوات هي جزء من توجه دولي: فرضت حكومة ألمانيا في كانون الثاني (يناير) الماضي، غرامات على المنصات التي تفشل في إزالة خطاب الكراهية خلال 24 ساعة، وأقر المشرعون في الولايات المتحدة العام الماضي تشريعا يجعل من الأسهل فرض المسؤولية القانونية على الشركات التي تقوم بتسهيل الاتجار بالجنس عبر الإنترنت.
تعمل الحكومة البريطانية على إعداد استراتيجية مفصلة للسلامة على الإنترنت من المتوقع أن تتضمن قواعد السلوك للمنصات.
كان من المتوقع صدور التقرير الحكومي أصلا قبل عيد الميلاد، لكن قال مسؤولون إنه من الممكن أن يتأجل حتى العام المقبل، في الوقت الذي يعترك فيه الوزراء حول كيفية التعامل مع مجموعة واسعة من الأضرار عبر الإنترنت – ما يسمى الأخبار الكاذبة إلى الصحة العقلية.
قالت وزيرة الإعلام الرقمي مارجوت جيمس: "المسألة التي يجب علينا تسويتها هي ما إذا كان يجب فرض تنظيم أم لا".
يجري النظر في إنشاء هيئة تنظيم جديدة.
وقال وزير آخر، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، إن الحكومة تنظر في "جميع الخيارات المعقولة"، بما في ذلك إنشاء هيئة تنظيم جديدة للإشراف على منصات وسائل الإعلام الاجتماعية.
هناك خيار آخر قد يكون تعزيز أدوار هيئات التنظيم القائمة، بما في ذلك هيئة مراقبة وسائل الإعلام والاتصالات "أوفكوم" ومكتب مفوض المعلومات. قالت السيدة جيمس إن شركات الإعلام الجديدة والقديمة في "ظروف منافسة غير متساوية جدا"، كان يجب معالجتها.
الصحف وشبكات البث تُعتبر "شركات نشر"، مسؤولة عن محتواها، بينما تعتبر شركات وسائل الإعلام الاجتماعية بمثابة "منصات"، ذات مسؤولية قانونية أقل.
أوصت مجموعة من أعضاء البرلمان من كلا الحزبين في تموز (يونيو) الماضي، أنه ينبغي إنشاء فئة ثالثة لتعكس قدرة الشركات على تشكيل ما يراه مستخدميها.
يتم إعداد التقرير من قبل وزارة الداخلية ووزارة الإعلام الرقمي، والثقافة، الإعلام والرياضة. حذر ساجد جافيد وزير الداخلية شركات وسائل الإعلام الاجتماعية هذا الشهر، من أنها يمكن أن تواجه إصدار قوانين إذا لم تساعد في معالجة استهداف الأطفال عبر الإنترنت.
حتى الآن، تعتمد الحكومة بشكل أساسي على الصناعة لتشكيل المبادرات للحد من المحتوى الضار على الإنترنت.
هيئة أوفكوم تقدم الحجة للتنظيم
شارون وايت، رئيسة هيئة أوفكوم، قدمت حجة لصالح تنظيم منصات وسائل الإعلام الاجتماعية، قائلة إنها ينبغي أن تجبر على إزالة المواد غير الملائمة على الإنترنت بسرعة أو مواجهة الغرامات.
دعا رؤساء أكبر شركات الإعلام والاتصالات في بريطانيا – بما في ذلك هيئة بي بي سي وشركة بريتش تليكوم – الحكومة الشهر الماضي إلى إدخال رقابة تنظيمية مستقلة للمحتوى المنشور على منصات وسائل الإعلام الاجتماعية.
يخشى بعض النشطاء من أن تقرير الحكومة قد تأجل بسبب تغيير وزير الثقافة؛ جيرمي رايت حل محل مات هانكوك في التعديل الوزراي لرئيسة الوزراء في تموز (يوليو) الماضي.
في الوقت نفسه، اقترح حزب العمال هذا الشهر إنشاء "هيئة تنظيم قوية واحدة جديدة للتعامل مع شركات التكنولوجية العملاقة". قارن نائب زعيم حزب العمال توم واتسون هيئة التنظيم هذه بخطة إيرلندا لإيجاد مفوض رقمي مسؤول عن معايير شركات التكنولوجيا.
يجادل حزب العمال لصالح إصلاح تنظيمي لأن النظام الحالي مجزأ إلى حد كبير.
عدد من هيئات المراقبة تشرف حاليا على شركات وسائل الإعلام الاجتماعية، وتشمل أوفكوم، مكتب مفوض المعلومات، المفوضية الانتخابية وهيئة معايير الإعلانات.
اشتكى كل من المفوضية الانتخابية ومكتب مفوضية المعلومات سابقا من افتقارهما إلى السلطة والموارد اللازمة لتنظيم عالم الإنترنت بشكل صحيح. كافح مكتب مفوضية المعلومات في آذار (مارس) الماضي، للحصول على مذكرة لتفتيش مكاتب شركة كامبردج أناليتيكا، شركة البيانات التي تعرضت لفضيحة كما جمعت معلومات مستخدمي "فيسبوك".
وقالت لجنة الاختيار الرقمي في مجلس العموم في تموز (يوليو) الماضي، إنه ينبغي على الحكومة استكشاف "إمكانية الاستثمار الكبير في مكتب مفوضية المعلومات"، الممول من قبل ضريبة تفرض على شركات وسائل الإعلام الاجتماعية.
تعزيز الموارد والقواعد
إليزابيث دنهام، مفوضة المعلومات، قالت في الأسبوع الماضي إن لديها الآن ميزانية أكبر وإن قوانين البيانات في بريطانيا هي "مناسبة للغرض" في أعقاب إدخال قانون جديد في الاتحاد الأوروبي في أيار (مايو) المقبل.
وأضافت أنه سيكون هناك دور "لجهاز تنسيقي جديد يركز على المرحلة المقبلة، واستباقي في التعرف على الفجوات المستقبلية في القانون".
بشكل مستقل، فإن بعض الأطراف المهتمة بالموضوع غير راضية عن "أيه إس أيه" للصناعة، لأنها تركز على المعلِن – وليس على الموقع المضيف.
مارتن لويس، الذي يعتبر نفسه خبيرا في ادخار المال، فاز بحكمين من "أيه إس أيه" ضد المعلنين الذين كانوا يستخدمون شبيهه على الإنترنت، لكنه يقيم الآن قضية مستقلة ضد شركة فيسبوك.
قال بول أوليفييه ديهاي، وهو ناشط يدافع عن حماية البيانات، إن وجود جهاز تنظيمي قوي من شأنه أن يسمح للناس برؤية الطريقة التي تقوم بها شركات الوسائط الاجتماعية باختيار نوع المحتوى الذي يعرض على الإنترنت، وتمكين الخدمات من الظهور لتصحيح ذلك النشاط.
ستيورات بيرفيس، وهو مسؤول سابق في هيئة أوفكوم، قال إنه لم يشهد حتى الآن اقتراحا عمليا من أجل زيادة الإشراف على شركات الإعلام الاجتماعي.
قوة الغضب السياسي ضد المنصات تعني أنه إذا استطاعت الحكومة العثور على حل فني، فإن أي اقتراح تشريعي لديه فرصة طيبة لتأمين الموافقة البرلمانية. وقال أحد الوزراء: "لن يكون من الصعب إقرار القانون".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES