Author

الطاقة المتجددة والتخطيط السعودي

|

منذ سنوات أجمعت البلدان المتقدمة في مجال الطاقة المتجددة على أن السعودية قادرة على أن تتصدر قائمة الدول الأكثر اهتماما بهذه الطاقة، وأنها "أي المملكة" يمكنها في مرحلة ما أن تكون مصدرا كبيرا للطاقة المتجددة، ولا سيما تلك الناتجة عن الشمس. واعترفت دوائر ألمانية متخصصة بهذه الحقيقة، علما أن ألمانيا من أكثر بلدان أوروبا والعالم تقدما في هذا المجال، وتنتشر الطاقة البديلة فوق أراضيها بصورة سريعة. والطاقة المتجددة لم تعد خيارا عند أغلبية البلدان المتقدمة، والسعودية وضعتها في المقدمة أيضا انطلاقا من فهمها للتحولات العالمية، ومن قدرتها الذاتية بالفعل على إنتاجها بما يسد الاحتياجات المحلية، بل حتى تصدير جانب منها عند الضرورة.
ولذلك فقد خصصت مشاريع متعددة في هذا المجال، واستثمرت في بعضها خصوصا تلك التي تلبي العوائد المطلوبة، بما يكفل تحقيق الأهداف. والذي يدعم التوجه السعودي بشكل عام "رؤية المملكة 2030"، التي تتضمن "ضمن مشاريعها الهائلة" الاستثمــــــار في الطاقة البديلة أو المتجددة. مستندة أولا إلى قدراتها في هذا المجال، وكذلك الإمكانات التمويلية اللازمة للانطلاق نحو هذا النوع من الطاقة. ويعزز هذا التوجه أيضا ما أكدته الحكومة أن المملكة لن تحتاج إلا إلى 0.25 في المائة من مساحة أراضيها لتوليد أكثر من 400 طن متري من الطاقة المتجددة سنويا. ومن المفيد التأكيد هنا على ما قاله مسؤولون ألمان قبل خمس سنوات، إن السعودية يمكنها أن تكون مصدرا للطاقة المتجددة في غضون عشر سنوات، إذا ما بدأت المشاريع الخاصة بهذه الطاقة.
والحق أن القيادة حددت مسارات تسعى لتحقيقها لزيادة توليد الطاقة المتجددة إلى 9.5 جيجاواط بحلول عام 2023. واللافت أن حصة هذه الطاقة سترتفع إلى 10 في المائة بحلول العام المشار إليه، وهي نسبة كبيرة مقارنة بحداثة المشاريع السعودية في هذا المجال. دون أن ننسى، أن المملكة لن تكون مضطرة لرصد مناطق شاسعة منها لهذا الغرض، فالنسبة المطلوبة من هذه المساحة ضئيلة جدا، وتفسح المجالات بصورة أكبر لمشاريع متنوعة أخرى، خصوصا تلك التي تتضمنها "رؤية المملكة". وعلى هذا الأساس فإن المخططات السعودية في مجال الطاقة البديلة، تتطابق تماما مع الآفاق التي وضعت ضمن إطار "الرؤية" الهادفة بدورها إلى بناء اقتصاد كلي مستدام.
الحكومة بدأت في الواقع البحث في هذا المجال منذ سنوات، وتجري اتصالات ومشاورات لا تنقطع. فالقطاع محوري وحيوي ومستقبلي. ولذلك فإنها تتجه لإقرار نحو 20 مشروعا عملاقا في السنوات القليلة المقبلة. وعلى رأس هذه المشاريع تلك المختصة بالطاقة الشمسية التي تتمتع المملكة بقدرات طبيعية هائلة فيها. أما فيما يتعلق ببقية أنواع الطاقة المتجددة، فهي أيضا ضمن سلسلة من المشاريع التي ستطرح لاحقا. تنظر السعودية إلى الطاقة المتجددة ضمن استراتيجيتها الشاملة، وهي ماضية قدما بهذا الاتجاه، ولا سيما مع قدراتها الكامنة وتلك الحاضرة على الساحة. إنها مرحلة جديدة تتوافق مع مرحلة البناء التي تقودها "رؤية المملكة" نحو مستقبل يليق بمكانة وقدرات المملكة في كل المجالات.

إنشرها