Author

الكف الأول

|
ليس بالأمر الغريب أن تتعرض في حياتك لكثير من المطبات والأحداث السيئة والصفعات المؤلمة، التي تدفعك إلى التفكير مليا في تغيير طريقة تعاطيك مع الآخرين، وتقييم سلوكاتك التي تسببت لك في ذلك، وهذا أمر جيد ومطلوب في الحياة، ونحن كبشر نحتاج إلى التقييم من حين إلى آخر، لكن غير الجيد أن تظل الحياة تعطيك "نفس الكف" كل مرة وأنت لا تتعلم، فإن كنت من عشاق "الكفوف" فهذا شأنك، وإن كنت ترغب حقا في التغيير، فعليك أن تتعلم من "الكف" الأول. حين قرأت قصة الزوجة، التي أفنت 15 عاما من عمرها وهي تجمع الريال فوق الريال من راتبها؛ لتعطيه زوجها بكل ثقة مطلقة؛ حتى يبنيا معا منزل الأحلام، ضاربة عرض الحائط بأبسط احتياجاتها الأساسية كأنثى وزوجة، ثم تكتشف أن زوجها قام بشراء منزل الأحلام دون علمها، وقام بتسجيله باسمه، ولم تقف الصدمة عند هذا الحد، بل ارتبط بفتاة في الـ 20 من عمرها، هذا الكف الأول كان من المفترض أن تتعلم منه هذه الزوجة، أن هناك فرقا شاسعا بين النية الطيبة والسذاجة الغبية، لكن الذي حدث أنها ذهبت شاكية باكية لشقيقها، الذي أرعد وأزبد، وهدد بالويل والثبور والانتقام من زوجها، ورد كرامة شقيقته وأبنائها، ثم طلب منها توكيلا عاما؛ ليتمكن من استعادة حقوقها المادية، وبعد سنة كاملة اكتشفت هذه المرأة المنكوبة، أن شقيقها لم ينفذ وعده لها باستعادة حقها في البيت من زوجها، بل قام ببيع قطعة الأرض التي ورثتها من أبيها، كما سحب مبلغا نقديا من حسابها كانت تخبئه لطوارئ الحياة، وكان يهم بشراء سيارة باسمها. حين تنال الكف الأول فلن ألومك، لكن حين تنال الكف الثاني فلن ألوم غيرك، الحياة لن ترحم سذاجتك وكونك لا تتعلم من الدرس الأول، فتلك مشكلتك أنت لا مشكلة من حولك، التباكي وتمثيل دور الضحية لن يجعلك تتقدم، بل سيعمق الجراح في داخلك، وسيصيبك بالنظرة السوداوية، وسيشعرك بالانكسار والهزيمة. الناس قد يشفقون على الساذج لكنهم لا يرحمونه، فكلما أتيحت لأحدهم فرصة لاستغلال سذاجتك فسيفعل بلا تردد، ما دام أن مصلحته تقتضي ذلك، وكلما أتيحت له الفرصة ليصعد فوق أكتافك ويصبح أقرب لغايته فسيفعل بلا تردد. إذن؛ كل ما هو مطلوب منك لتفهم الحياة بالشكل الصحيح هو أن تتعلم من الكف الأول.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها