Author

تضاعف الميزانيات منذ التأسيس حتى «الرؤية»

|
كان طبيعيا أن يتضاعف حجم الميزانية السعودية منذ تأسيس البلاد حتى اليوم عشرات الآلاف. فالمملكة حققت تقدما اقتصاديا طوال العقود الماضية، وقفز حجم الميزانية مع كل تقدم، يضاف إلى ذلك أنها شهدت في الفترة المشار إليها نموا سكانيا كبيرا، أدى ذلك إلى ضرورة زيادة الإنفاق، فضلا عن المتطلبات الوطنية المختلفة على الأصعدة كلها. إنها عملية متصاعدة تناسب تطور الاقتصاد السعودي وزيادة حجمه. وفي العقود الماضية التي تلت تأسيس البلاد، انضمت المملكة إلى مجموعة العشرين التي تحتوي على أكبر عشرين اقتصادا في العالم، وصارت مشاركة في صناعة القرار العالمي، أي أن التطور المحلي قاد إلى التطور الخارجي، إلى جانب (بالطبع) المكانة الطبيعية للبلاد إقليميا وعالميا. في عام 1934 كانت أول ميزانية سعودية تعلنها الدولة، وكانت بقيمة 14 مليون ريال، ومقارنة بآخر ميزانية للبلاد فإنها ارتفعت 69.9 ألف مرة، ونما الاقتصاد السعودي بصورة جيدة في هذه الفترة الزمنية، وحافظت العملة الوطنية على قيمتها. ودخلت الميزانيات في مراحل مختلفة، بدءا من استنادها بالكامل إلى العوائد النفطية، وإلى التنوع الذي أطلقته "رؤية المملكة 2030". ويهدف أساسا إلى جعل النفط مصدرا من مصادر الدخل، عن طريق تمويل الميزانية من قطاعات أخرى غير نفطية. وفي الميزانية التي تلتها كان هناك ارتفاع ملحوظ للمساهمة غير النفطية فيها. وتدل المؤشرات على أنها سترتفع في الميزانيات المقبلة، خصوصا مع مضي مسيرة "الرؤية" وفق الخطوات الموضوعة لها، وطبقا للخطة الزمنية. ميزانية العام الجاري بلغت 978 مليار ريال، مقارنة بـ 14 مليون ريال في الميزانية الأولى، وبين هاتين الميزانيتين، بلغ عدد سكان السعودية أكثر من 32 مليون نسمة، بينما تبلغ نسبة السعوديين دون سن الثلاثين من أعمارهم ما يزيد على 58 في المائة، وكل هذا التطور السكاني يحتاج إلى ميزانيات كبيرة، خصوصا أن نسبة من الإنفاق تذهب إلى التنمية البشرية والتنمية بشكل عام. أي أن الإنفاق ليس استهلاكيا فقط. إلى جانب طبعا تغطية الخدمات ماليا، بما يساوي بالفعل السمعة المرتفعة التي تتمتع بها المملكة على الساحتين الإقليمية والعالمية. وعلى هذا الأساس، من المتوقع أن تواصل الميزانيات ارتفاعها في المستقبل، ولكن مع اختلاف في طبيعة تمويلها، وهو هدف استراتيجي سعودي واضح. المهم أن المملكة انتقلت من مرحلة إلى أخرى وفق الأسس التي تقوم عليها الدول، وعلى واقع ما هو موجود على الأرض، مع التحرك وفق المستحقات والمتطلبات المستقبلية. وتكفي الإشارة هنا إلى المشاريع الاقتصادية الضخمة التي تم تنفيذها في العقود الماضية، إلى جانب تلك التي تتم حاليا وفق إطار "رؤية المملكة" وبرنامج التحول المصاحب لها. فهذه المشاريع الضخمة تتطلب تمويلا كبيرا، لكنها في النهاية تؤسس لاقتصاد سعودي وطني مستدام، يوائم أي تطورات أو مفاجآت مستقبلا. إن الميزانيات السعودية المتعاقبة هي في الواقعة أدوات من أدوات بناء الوطن بالصورة التي تستحقها المملكة.
إنشرها