default Author

الجراحة الذاتية «2»

|
لم يكن الدافع دائما وراء إجراء العمليات الجراحية الذاتية هو إنقاذ الشخص نفسه، بل قد يكون لمجرد إثبات رأي أو وجهة نظر علمية، كما فعل الطبيب إيفان أونيل كبير الجراحين في مستشفى كين في نيويورك، الذي كان من أشد المعارضين للتخدير العام، لما فيه من خطورة ومجازفة بحياة المرضى، ومقتنع جدا بالتخدير الموضعي، وأنه الحل الأسلم في العمليات الجراحية، رغم الألم الذي قد يشعر به المريض. لم يكن أمامه لإثبات وجهة نظره إلا تجربة ذلك على نفسه، عندما سنحت له الفرصة في بداية عام 1921 لإزالة الزائدة الدودية لنفسه. وقف الطاقم الطبي مذهولا وهو يشاهد الطبيب الأمريكي وهو يجري العملية لنفسه، بواسطة التخدير الموضعي، وعندما انحنى الطبيب للأمام اندفعت أمعاؤه للخارج، لكنه أعادها بكل هدوء إلى مكانها، واستمر في العملية رغم كبر سنه، فقد تجاوز الـ 60 عاما حين أجرى العملية لنفسه، ليكون أول طبيب يقوم بإجراء جراحة لنفسه، فقد سبق الطبيب السوفياتي، أتم العملية بنجاح خلال 30 دقيقة! وبعد 11 عاما قام بإعادة الكرة وأجرى عملية فتق لذاته، لكنها لم تنجح للأسف. ونسمع كثيرا عن النساء اللاتي يلدن في منازلهن دون مساعدة من أحد، ولو حتى قابلة، لكن أن تجري امرأة عادية عملية قيصرية لنفسها فهذا نادر جدا. عانت بطلة قصتنا إينيزراميريز بيريز المكسيكية فقد وليد سابق، بسبب فقرها وصعوبة حملها وأعمالها الشاقة أثناء الحمل في الحقل والمنزل، وتعسر ولادتها مع عدم توافر مستشفى قريب، أو حتى مركز صحي في منطقتها، ولم يكن حملها التالي بأفضل من الأول، وفي مساء أحد أيام آذار (مارس) من عام 2000 عندما باغتتها آلام المخاض اختارت أن تنقذ وليدها، لذا قامت باحضار سكين وشقت بطنها من السرة بطول 18 سنتيمترا، وانتزعت طفلها، وأعادت أحشاءها إلى الداخل وقطعت الحبل السري، لم تسعها الفرحة برؤية طفلها يخرج إلى النور سليما، ونسيت آلام عملية بلا تخدير، قامت بوضع القماش في بطنها لوقف النزيف، بعدها فقدت الوعي، وفي الصباح وبصوت أقرب إلى حشرجة الموتى نادت ابنها الكبير لطلب المساعدة، حضر أحد الجيران وخاط جرحها ونقلت إلى المستشفى في رحلة استغرقت ثماني ساعات لوعورة الطريق، استقبلها الأطباء وصححوا الجراحة وعادت إلى منزلها بعد عشرة أيام، فأي قلب تملكه تلك الأم التي كادت أن تفقد حياتها لتنقذ جزءا من روحها، احتفل الأهالي بعودتها وبطولتها، التي لن تتكرر! قصص مؤلمة، لكنها استثنائية ونادرة، ومضاعفاتها قد تكون أخطر بكثير من الحلول العاجلة.. دمتم في صحة ودام الوطن في خير.
إنشرها