Author

السعودية ورعاية السلم والأمن الدوليين

|
يشهد تاريخ المملكة والمنطقة أن السعودية دولة راعية للأمن والسلم الدوليين، وفي الأسبوع قبل الماضي استضافت السعودية اجتماعا من أهم اجتماعات المصالحة، بين دولتين كبيرتين من دول القرن الإفريقي: إثيوبيا ويمثلها آبي أحمد علي رئيس الوزراء، وإريتريا ويمثلها أسياس أفورقي رئيسها، واجتمع الشقيقان بدعوة كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ليوقعا اتفاقية جدة للسلام بين الدولتين، حيث وضعت الاتفاقية حدا لخلافات استمرت لعقود طويلة من الزمن وخسرت الدولتان بسبب روح العداء خسائر جسيمة في الأموال والأنفس. والواقع إن منطقة القرن الإفريقي منطقة مشحونة بالحروب الأهلية وغياب الأمن والسلم فيها، ما دفع الدبلوماسية السعودية إلى دعوة الإخوة الأشقاء للاجتماع برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين وحضور أمين عام الأمم المتحدة، وحتى تكتمل حلقة السلام في منطقة القرن الإفريقي فقد استجاب فخامة رئيس دولة جيبوتي إلى طلب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وحضر إلى جدة للتوقيع على اتفاق سلام مع دولة إريتريا التي كانت على خلاف معها لعقود طويلة من الزمن. وإضافة إلى ذلك فإن جهود الدبلوماسية السعودية في السعي إلى تحقيق سلام عادل وشامل ودائم في منطقة القرن الإفريقي لم تنقطع، لأن السعودية ترى أن التوتر في هذه المنطقة سيوتر دول المنطقة عامة، ولذلك لابد أن ينعم القرن الإفريقي بالأمن والاستقرار والسلام، وفي هذا الاتجاه نجحت السعودية عام 1992 في عقد اجتماع للإخوة الصوماليين في المملكة، حيث نجح الاجتماع بالتوقيع على اتفاق سلام بين الفرقاء وإنهاء الحرب الأهلية المدمرة التي استمرت لسنوات وألحقت بالصومال الشقيق كثيرا من الخسائر في الأموال والأنفس. والواقع إن الدبلوماسية السعودية لها تاريخ طويل مع جهود المصالحة وإنهاء بؤر التوتر في المنطقة وسبق أن نجحت السعودية في توفيق أوضاع الأشقاء اللبنانيين حينما جمعت الفرقاء عام 1989 لتوقيع اتفاق الطائف الذي أوقف حربا أهلية دامت أكثر من 15 سنة وقضت على الأخضر واليابس في لبنان العزيز. ولقد اكتسب اتفاق الطائف بعدا إقليميا ودوليا حتى أصبح من أهم الاتفاقيات السلمية التي لعبت دورا مؤثرا في إنهاء التوترات في منطقة الشرق الأوسط. ويسجل للدبلوماسية السعودية أنها صاحبة اتفاق السلام الذي طرحته المملكة على المجتمع الدولي عام 1982 لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي من خلال تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية ترتكز على قرارات المجتمع الدولي، وتهدف إلى إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي الذي دام لأكثر من نصف قرن. واستطاعت السعودية أن تخدم مشروع السلام بين 22 دولة عربية وإسرائيل واكتسب هذا المشروع قبولا من المجتمع الدولي حتى أصبح مشروعا دوليا للسلام في الشرق الأوسط. والواقع إن سجل السعودية في مجال ترسيخ الأمن والسلم في المنطقة سجل ناصع ورائع وغير قابل للمزايدة، ومن جهودها الرامية إلى تحقيق الأمن والسلم في المنطقة رعايتها لمؤتمر يجمع الفصائل الفلسطينية فتح وحماس للمصالحة وإنهاء حالات المواجهة والصدام، وفي رحاب بيت الله الحرام وقع الفلسطينيون على اتفاق بإيقاف العمليات المسلحة والالتزام بقواعد الأمن والسلم. وبالنسبة لأفغانستان فقد كان للدبلوماسية السعودية دور في استتباب الأمن والسلم في منطقة الشرق الأدنى، وهناك قائمة طويلة من الجهود التي بذلتها الدبلوماسية السعودية لنشر الأمن والسلم والقضاء على بؤر التوتر وعدم الاستقرار في كل ربوع منطقة الشرق الأوسط، وهناك أدوار سعودية في العراق واليمن وسورية وحتى بين الدول الخليجية، وجميعها كانت تهدف إلى التوصل إلى سلام دائم وشامل والقضاء على بؤر التوتر وإحلال الاستقرار والأمن. وإذا رجعنا إلى الوراء في الأربعينيات الميلادية نلاحظ أن الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود كانت له أدوار إيجابية ومهمة على كل المستويات، وكان يطالب أشقاءه العرب بالتفاوض وقبول قرار التقسيم الذي أصدره مجلس الأمن عام 1947، وهو قرار كان يضمن القدس عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة، كما أن الملك عبدالعزيز كان حريصا على عقد اتفاقيات الصلح والسلم مع كل دول الجوار حتى أمن مستقبل حدود المملكة وأسس لعلاقات دولية راسخة مع دول الجوار المحيطة بالسعودية. وقبل هذا وذاك فإن السعودية من أوائل الدول التي وقعت على تأسيس منظمة الأمم المتحدة بهدف نشر الأمن والسلم الدوليين في كل أنحاء الكرة الأرضية، وكانت حريصة مع الدول الكبرى على تكريس الأمن والسلم الدوليين. إن السعودية هي دولة مسالمة منذ أن وضع مؤسسها الملك عبدالعزيز استراتيجية الأمن والسلم لوطنه الأغر مملكة السلام والأمن والرخاء. إن هذا الدور الريادي للسعودية في مختلف أطوار تاريخها يؤكد أن المملكة دولة سلام من الطراز الأول، ولها تجارب ناجحة في ترسيخ الأمن والسلم الدوليين في منطقة حبلى بالتوترات والقلاقل والحروب.
إنشرها