Author

العقل الأيدولوجي المريض

|
ربما تبدو فكرة الاحتفاء بالوطن بدهية بالنسبة للجيل الجديد. لكنها لم تكن كذلك منذ زمن. كان هناك أناس -وما زال بعضهم موجودا- يروج لفكرة مغلوطة مفادها بأن "جنسية المسلم عقيدته". وكان هؤلاء يناقضون هذا القول بتوزيع الولاءات على بلدان عدة يرون ظلما وعدونا وجورا أنها الأحق بالثناء والشكر ويتم منحها هالة من القداسة تجعل أخطاءها مغفورة، بينما ينظرون إلى أوطانهم الحقيقية بنوع من النكران والجحود، ويمارسون ضد هذه الأوطان النقد والانتقاص منه، ومن قادته وأهله، متهمين إياهم بتهم شتى. كان هذا التناقض والازدواجية سائغا في ذهنية وعقل المؤدلج المريض. هذا العقل المريض يرى السلبي لدى الشريك الأيدولوجي فيلتمس له العذر والتبرير. حتى مصافحته لمن يتم تصنيفه لدى المؤدلج بأنه عدو، تتحول تلك المصافحة إلى فعل نبيل ولا ملامة فيها. لكن هذه المكيافيلية تتوارى وتتحول إلى جور وظلم، عندما يتعامل مع الشائعات التي يتم تسويقها ضد وطنه باعتبارها حقائق، ويسهم في تضخيمها ويمعن في ممارسة الجور ضد الوطن. عندما قررت المملكة تكريس مفاهيم الوطنية وتعزيز الولاء، كانت هناك ممانعة أيدولوجية حاولت بشكل عمدي تهميش مفاهيم مقرر التربية الوطنية، واستنكار الاحتفاء باليوم الوطني، وتسويق الأفكار الديماجوجية التي تسعى لغرس الشعور بالعيب وعدم اكتمال اليقين والإيمان، فقط لأن هذا الإنسان يعبر بعفوية عن محبة للوطن وولاة الأمر. وقد تم ترويج تسميات للوطنيين تكرس هذا الانتقاص. كان لسان حال هذا المريض الأيدولوجي يقول إن الخيانة للوطن هي الأصل، والولاء له منقصة. لم يعد أولئك يجرؤون على التصريح بأفكارهم المريضة. لكنهم ما زالوا يتسللون بهذه الأفكار من خلال قصص وحكايات تأخذ شكل المواعظ، مع توجيه سمج على غرار "لا تتوقف عندك". هؤلاء ينبغي الحذر منهم. ولا يسوغ إعطاء صاحب العقل الأيدولوجي المريض طريقا لتحقيق مآربه من خلال تلك الرسائل المشبوهة. كل عام والوطن منصور على المتربصين به. وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وشعب المملكة الكريم.
إنشرها