أخبار اقتصادية- عالمية

الذكاء الاصطناعي يوفر 58 مليون وظيفة جديدة بحلول 2022

الذكاء الاصطناعي يوفر 58 مليون وظيفة جديدة بحلول 2022

لا يكاد يمر يوم واحد في وسائل الإعلام الدولية، إلا وتجد خبرا أو مقالا للرأي عن الذكاء الاصطناعي وتداعياته المستقبلية على الاقتصاد والتوظيف.
وإذ يبدو الذكاء الاصطناعي حقيقة واقعية في العديد من الصناعات، فإن آخر التقديرات الدولية تشير إلى أنه وفي ظل المستوى الحالي من الاستخدام، فإن الروبوتات والأتمتة ستستحدث 58 مليون وظيفة جديدة بحلول 2022.
وتعقد مؤسسات الأبحاث العالمية والمنتديات الدولية وبشكل منتظم ودائم جلسات حوار ونقاش لبحث التأثير المستقبلي للذكاء الاصطناعي على معدلات النمو واتجاهات التنمية، وبالطبع كيفية تأثير انتشار وتنامي استخدام الروبوتات والأتمتة الذكية في المجالات الإنتاجية المختلفة على معدلات التشغيل والبطالة.
لكن السؤال الذي لا يزال محل جدل كبير بين الخبراء وكبار رجال الأعمال والمستثمرين، يدور حول: هل يؤدي اتجاه المزيد من الصناعات إلى استخدام الذكاء الاصطناعي إلى زيادة معدلات البطالة في تلك الصناعات؟، وإذا ما هيمنت الروبوتات على عملية التصنيع في العديد من المجالات الإنتاجية وأدت إلى ارتفاع معدلات البطالة في المجتمع بصفة عامة، فمن سيكون المشتري الرئيس لما سيتم إنتاجه؟، بمعنى آخر هل يمكن أن يؤدي المزيد من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والأتمتة في التصنيع أو الزراعة أو عمليات التسويق إلى نتائج سلبية على معدلات النمو ذاتها؟.
في الحقيقة، يصعب القول أن هناك إجماعا حقيقيا بين الخبراء على النتائج المتوقعة من زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي ودمجه في العملية الإنتاجية.
لكن الاجماع واقع بين الاقتصاديين بأن زيادة معدلات استخدام الذكاء الاصطناعي في العملية الإنتاجية سواء الصناعية أو الزراعية متزايدة، بل إن حجم ونسب استخدام الذكاء الاصطناعي يكاد يكون أحد المؤشرات التي يحسب على أساسها مدى انتماء دولة من الدول إلى فئة البلدان المتقدمة أم لا.
البروفيسور دانيل دات أستاذ الاقتصاد الحديث وأحد أبرز الاقتصاديين المهتمين بتأثير الذكاء الاصطناعي على معدلات النمو والتوظيف، يعتقد أن "هناك ثلاثة أسئلة رئيسة حول الذكاء الاصطناعي وأثره على الاقتصاد. ماذا يمكن أن يفعل؟ إلى أين يتجه؟ وبأي سرعة سينتشر؟.. لكن ما يمكننا قوله هو أن الصورة النهائية للإجابة عن تلك الأسئلة لا تزال ملتبسة.. فالذكاء الاصطناعي يفعل الآن أقل مما يعتقد الكثير من الأشخاص ولكنه في النهاية سيفعل أكثر مما نعتقد".
ويضيف لـ "الاقتصادية"، أن "الذكاء الاصطناعي سيرسم مسارات مختلفة فيما يتعلق بتأثيره على الاقتصاد، ولا يمكن الجزم حاليا بأنه سيؤدي إلى إيجاد مزيد من البطالة في الاقتصاد، وتأثيره على التوظيف سيختلف حسب فئة الوظائف. وكثير من المعنيين وخاصة في مجال الصحافة والإعلام يخلطون بين البطالة وتغيير المهنة، إذ يتوقع أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى أن تتحول ثلث القوة العاملة الأمريكية إلى وظائف جديدة بحلول عام 2030 نتيجة تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي، وغالبا ما ينشر ذلك على أنه زيادة في معدلات البطالة وهذا غير صحيح تماما".
ويعتقد البروفسيور دانيل دات أن التكنولوجيا عنصر واحد فقط في تحديد مسار الذكاء الاصطناعي بينما سيلعب الاقتصاد والسياسات الحكومية والمواقف الاجتماعية أدوارا رئيسة أيضا، لكنه في الوقت ذاته يحذر من أن التخلف أو التراجع عن استخدام الذكاء الاصطناعي في العملية الإنتاجية خشية ارتفاع معدلات البطالة قد يكون له عواقب وخيمة على النمو الاقتصادي في الأمد الطويل.
المهندسة راشيل بن الخبيرة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي في مجال الإنشاءات الهندسية، تعتقد أن المخاوف المثارة حول التأثير السلبي للذكاء الصناعي على معدلات التوظيف تعد تكرارا تاريخيا للمخاوف التي سادت عند ظهور الآلة في القرن الثامن عشر على العمالة التقليدية.
وتضيف لـ "الاقتصادية"، أن غالبية التوقعات اليوم تشير إلى مساهمة الذكاء الاصطناعي في إيجاد مزيدا من فرص العمل بشكل أكثر إيجابية بين الشركات مقارنة بخمس سنوات مضت، فرؤساء مجالس إدارات الشركات الدولية باتوا أكثر فهما للفرص المتاحة نتيجة التطور التكنولوجي، والمؤكد أننا سنشهد تحولات كبيرة في نوعية الأدوار الجديدة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وموقعها في العملية الإنتاجية".
ولا تنفي راشيل بن أن الأتمتة الذكية ستكون مسؤولة عن فقدان 75 مليون وظيفة عبر العالم، إلا أنها تقول إن هذا جزء من المشهد وغالبا ما يركز عليه خصوم الذكاء الاصطناعي، ولا يشيرون إلى أن 133 مليون وظيفة أخرى ستنشأ نتيجة تغيير الشركات لنسبة تقسيم العمل بين الإنسان والآلات الذكية، وبحلول عام 2022 سيكون الذكاء الاصطناعي مسؤول عن استحداث 58 مليون وظيفة".
إلا أن راشيل بن ترى أن اكتمال دائرة التنسيق بين إدخال الروبوتات بكثافة في سوق العمل مع الحفاظ على معدلات توظيف مرتفعة، يتطلب أن تركز العملية التعليمية على استحداث مهارات جديدة تستوعب التغييرات في سوق العمل، مضيفة أن هناك حاجة إلى مجموعات جديدة من المهارات للموظفين مع استمرار تطور العلاقة بين البشر والآلات.
وتشير تقديرات العديد من المؤسسات الدولية إلى أن الآلات الذكية ستؤدي نحو 42 في المائة من جميع المهام الحالية في مكان العمل في غضون خمس سنوات، مقارنة بنحو 29 في المائة فقط الآن، كما أن البشر يعملون حاليا بنسبة 71 في المائة من إجمالي ساعات عملهم وستنخفض تلك النسبة بمعدل 58 في المائة من ساعات العمل مستقبلا.
كورت تشاز الباحث البريطاني من معهد "برايس ووترهاوس كوبرز" يشير إلى أنه لا يوجد الآن خلاف بشأن تأثير الروبوتات وغيرها من تقنيات الأتمتة الذكية في تعزيز الإنتاجية واستحداث منتجات وخدمات أفضل، كما أن هناك اتفاق بأن بعض الوظائف ستهجر أو تشهد تغيرات جوهرية في طبيعتها، وإنما الخلاف يدور حول الوظائف الجديدة وقدرة الأتمتة الذكية على أن يكون التأثير الصافي لها على المدى الطويل إيجابيا على الاقتصاد الكلي.
ويضيف لـ "الاقتصادية"، نحن الآن على "أعتاب الثورة الصناعية الرابعة، ويشير المصطلح إلى الطرق التي ستغير بها التكنولوجيات الجديدة الطريقة التي يعيش بها الناس ويعملون ويرتبطون ببعضهم البعض، وخلال استقصاء لمسؤولي الموارد البشرية، والمديرين التنفيذيين للاستراتيجيات ورؤساء مجالس 300 شركة عالمية في مجموعة واسعة من الصناعات تضم 15 مليون موظف وتمثل 70 في المائة من الاقتصاد العالمي، كانت التوقعات إيجابية بشأن إيجاد فرص عمل متزايدة نتيجة التوسع في استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي والأتمتة الذكية، إلا أن نصف المسؤولين في تلك الشركات توقعوا تقليص القوة العاملة بدوام كامل خلال السنوات المقبلة".
ويؤكد تشاز، أنه "في المقابل سينمو الناتج المحلي الإجمالي للبلدان التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بكثافة بنحو 1.2 خلال العقد المقبل، وبحلول عام 2030 ستتبنى 70 في المائة من الشركات بشكل أو بآخر من الذكاء الاصطناعي في العملية الإنتاجية".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية