FINANCIAL TIMES

صفقة الـ 100 مليون يورو.. من الكاسب: اليوفي أم الدون؟

صفقة الـ 100 مليون يورو.. من الكاسب: اليوفي أم الدون؟

صفقة الـ 100 مليون يورو.. من الكاسب: اليوفي أم الدون؟

صفقة الـ 100 مليون يورو.. من الكاسب: اليوفي أم الدون؟

بقيت 15 دقيقة على الانطلاق. تسرع الكرة عبر منطقة الجزاء. كريستيانو رونالدو – الذي يمكن القول إنه لربما الأفضل في جيله، اشتراه يوفنتوس مقابل 100 مليون يورو – وها هو يخطئ في اللعبة، ويضيع تسديدته ويخسر فرصة التسجيل في أول مباراة له مع النادي الإيطالي.
ومع ذلك، بين الحشد المكون من 40 ألف مشجع في ملعب أليانتز في تورينو، يقف أندريا أجنيلي، رئيس يوفنتوس – والرجل الذي وقع الشيك – للتصفيق.
كان هناك عامل مساعد، وهو أن زميله في الفريق سدد الكرة في الشباك بعد زلة رونالدو، لكن الفوز الحقيقي، كما يقول أجنيلي، كان جذب المهاجم البرتغالي إلى النادي في المقام الأول.
يقول أجنيلي، سليل عائلة تمتلك المليارات والتي تملك النادي منذ 95 عاما: "كانت هذه هي المرة الأولى التي يجتمع فيها الجانب التجاري والجانب الرياضي ليوفنتوس في تقييم التكاليف والفوائد المترتبة على التوقيع. تم تقييم فرصة الحصول على رونالدو بدقة. . . وكان الأمر منطقيا، داخل الملعب وخارجه".
على أرض الملعب، لا يحتاج الفريق إلى رونالدو للهيمنة على كرة القدم الإيطالية. فاز يوفنتوس، النادي الأكثر نجاحا في البلاد، بسبعة ألقاب متتالية في الدوري الإيطالي من الفئة الأولى.
إلا أنه قصر في المواسم الأخيرة من دوري الأبطال، حيث خسر مرتين في نهائي البطولة الأوروبية الأكثر شهرة في السنوات الأربع الماضية. رونالدو، في المقابل، فاز بنهائي دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات مع ريال مدريد.
خارج الملعب، يعتقد يوفنتوس أن اللاعب يقدم فرصة مالية لا مثيل لها، وصفها التنفيذيون بأنها "مفعول رونالدو".
يسعى النادي الموجود في تورينو إلى قلب نموذج الأعمال الذي ساد في كرة القدم على مدى عقود. تعتمد نوادي النخبة على الحشود الكبيرة وعروض البث المربحة لإقناع الجهات الراعية بالدفع لتكون مرتبطة بفرقها.
في إطار النموذج الجديد، من المتوقع أن تجذب الشهرة العالمية لرونالدو المشجعين ومجموعات الشركات إلى يوفنتوس، مع ارتفاع أموال البث التي ستتبع ذلك.
هناك مؤشرات مبكرة على أن الرهان يؤتي أكله. حين كان النادي في محادثات سرية لتوقيع العقد مع رونالدو، زاد يوفنتوس متوسط أسعار التذاكر الموسمية بنسبة 30 في المائة.
وقد بيعت جميع التذاكر البالغ عددها 29300. في يوم المباراة، ويقوم متجر نادي يوفنتوس الكبير بتجارة نشطة في قمصان رونالدو، الذي يصل سعره إلى 154.95 يورو – وهو من بين أعلى الأسعار في أوروبا. وسافر المشجعون من جميع أنحاء العالم لانتظار قدومه لأول مرة بينما أمضت شبكات التلفزيون أياما تتابع وصوله إلى تورينو.
يبدو أن المستثمرين يوافقون على أن مفعول رونالدو سيوفر قيمة كبيرة لنادي يوفنتوس. ارتفع سعر سهم النادي بأكثر من الضعف، ما رفع من رسملته السوقية إلى 1.5 مليار يورو، منذ تموز (يوليو) الماضي.
يقول جاريث بالتش، الشريك المؤسس لشركة التسويق الرياضي الرقمي "تو سيركلز": "يجلب رونالدو مستوى من النجومية يصعب العثور عليه في أي شخص رياضي آخر.
من وجهة مشتري الرعاية، هناك مستوى من اللاعقلانية موجود في كل إنسان، وهو أن رونالدو رفع يوفنتوس إلى مجموعة من أندية كرة القدم لم يكن فيها في السابق. إذا تم تنفيذ هذا بشكل صحيح، فيمكن ليوفنتوس الاستفادة من استثماره".
تولى أجنيلي إدارة النادي في عام 2010 وشرع في استقطاب جمهور عالمي جديد.
ويعتقد أن رونالدو هو العامل المساعد لكي يستطيع النادي تحقيق طموح أكبر: أن يصبح الفريق الأبرز في العالم. وهذا يعني الفوز بأكبر البطولات، وفي الوقت كسب إيرادات أكثر من أي ناد آخر. ويقول أجنيلي: "سنخطط، خطوة بعد أخرى، الخطوات المتبقية الأخرى ليصبح النادي رقم واحد".
على أن يوفنتوس متخلف كثيرا عن القادة الماليين في الرياضة. رباعي مانشستر يونايتد وريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ يكسب ما بين 150 مليون يورو إلى 250 مليون يورو أكثر من إيرادات يوفنتوس السنوية.
كما أن النوادي الأخرى التي يغذيها أصحابها الأغنياء، مثل مانشستر سيتي وباريس سان جيرمان وتشيلسي، تولد دخلا أكبر.
يعتقد النادي أن رونالدو يمكن أن يساعده على تسلق السلم المالي لكرة القدم، حيث يراهن على أن ظهوره في قميصه الشهير باللونين الأبيض والأسود سيقنع الشركات الراعية بدفع المزيد ليتم ربطها باللاعب والنادي.
ويشير أجنيلي إلى سياسة "جالاكتيكو" التي يتبعها ريال مدريد التي توظف نجوما رائعين مثل ديفيد بيكهام، وتوقيع باريس سان جيرمان الأخير لعقد مع المهاجم البرازيلي نيمار بقيمة بلغت 222 مليون يورو، على أنها من السوابق التي يسير عليها.
الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر. عند عمر 33 عاما، يقترب رونالدو من نهاية مسيرته الكروية. حدوث تراجع في الشكل أو التسريح نتيجة الإصابة من شأنه أن يؤذي آفاق الفريق.
يجادل البعض أنه لا ينبغي الخلط بين الضرورات قصيرة الأجل والاستراتيجية التجارية طويلة الأمد للنادي.
يقول يورج واكر، عضو مجلس إدارة نادي بايرن ميونيخ الألماني: "في بايرن ميونيخ، إذا كانوا يشترون لاعبا، فإنه يجب على النادي أن يتأقلم من منظور رياضي وليس من منظور العلامة التجارية".
بالطبع، كريستيانو رونالدو هو سفير لهذه العلامة التجارية، (ولكن) كان سفيرا لريال مدريد. ربما بعد خمس سنوات، سيختفي. بالنسبة لنا، التركيز الأول هو النادي وليس اللاعب".
للتوقيع مع المهاجم، وافق يوفنتوس على دفع رسم يزيد على 100 مليون يورو لريال مدريد على مدى عامين، و5 ملايين يورو أخرى في المدفوعات التي ستدفع في نهاية المطاف للأندية التي دربته كلاعب شاب، ونحو 12 مليون يورو كرسوم لوكيله، خورخه مينديز. ينص عقد رونالدو الذي يمتد لأربع سنوات على راتب يزيد على 50 مليون يورو سنويا بعد خصم الضرائب، وذلك وفقا للتقارير.
وستسمح حزمة المكافآت أيضا لنادي يوفنتوس باستخدام "حقوق الصور" الخاصة به، بحيث يمكن أيضا استخدام اللاعب – الذي يحصل على ما يقدر بنحو 47 مليون دولار سنويا من المصادقات الشخصية – في الحملات الترويجية في يوفنتوس.
تقدر شركة المراجعة المالية كيه إم بي جي أن يوفنتوس سيدفع نحو340 مليون يورو، أو 85 مليون يورو سنويا مقابل خدمات رونالدو، بما في ذلك رسم الانتقال، الذي سيتم إطفاؤه خلال مدة عقده.
لإرضاء القوانين التنظيمية المالية للعب العادل التي تهدف إلى إجبار النوادي على التعادل، تخلص يوفنتوس من لاعبين آخرين يتقاضون مرتبات باهظة الثمن.
على أن تأثير نقل رونالدو، الذي سيتحقق في السنة المالية الحالية، من المتوقع أن يدفع النادي إلى موسم ثان من الخسائر.
في السنة المنتهية في 30 حزيران (يونيو) 2018، سجل يوفنتوس خسارة 19.2 مليون يورو من إيرادات بلغت 504.7 مليون يورو، مقارنة بأرباح بلغت 42.6 مليون يورو من إيرادات بلغت 562.7 مليون يورو في الموسم السابق.
يعتقد التنفيذيون أن انتقال رونالدو سيعوض النادي بمرور الوقت من خلال مواجهة أكبر ضعف تجاري في النادي: اللعب في إيطاليا.
خلال الثمانينيات وأوائل التسعينيات، كان الدوري الإيطالي من الفئة الأولى هو أفضل دوري في العالم. منذ ذلك الحين تم تجاوزه.
وفقا لشركة ديلويت، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز يتلقى 3.3 مليار يورو في الموسم مقابل حقوق البث المحلية والدولية. كما يولد دوري الليجا الإسباني لكرة القدم ملياري يورو كل عام من صفقات حقوق البث التلفزيوني.
أما الدوري الإيطالي فلا يحقق سوى 1.4 مليار يورو في الموسم. على الرغم من أن دوري الدرجة الأولى الإيطالي يشاهَد بشغف في وطنه الأم، إلا أنه لم يجتذب حتى الآن جماهير دولية كبيرة.
يراهن يوفنتوس على أن العشق العالمي لرونالدو سيولد الاهتمام في الدوري. بما أن دوري الدرجة الأولى الإيطالي مقفل على صفقات البث حتى نهاية موسم 2020/ 2021، هناك القليل من الارتفاع الفوري من أي زيادة في عدد المشاهدين لكرة القدم الإيطالية.
يقول ستيفان زيمانسكي، وهو أكاديمي في صناعة الرياضة في جامعة ميتشغان: "لنكن صريحين. هناك أندية في النصف السفلي من الدوري (الإنجليزي) الممتاز التي قد تكون لديها القدرة على أن تدفع مقابل خدمات رونالدو. هذا الأمر لا علاقة له باستراتيجية هذه الأندية. يتعلق الأمر تماما بدوري الدرجة الأولى الذي يتمتع بهيمنة عالمية".
على عكس كثير من منافسيه في دوري الدرجة الأولى الإيطالي، يلعب يوفنتوس في منزل مزدحم على أرض يملكها. بلغت تكلفة بناء استاد النادي الحديث 150 مليون يورو وافتتح في عام 2011.
ومن المتوقع أن يكسب الملعب أكثر من مبلغ 56.4 مليون يورو الذي تم الحصول عليه في عام 2017-2018 من مبيعات التذاكر، بما في ذلك مقاعد الشركات.
لا شك أن من الضروري أن يحقق يوفنتوس انطلاقة قوية في دوري الأبطال الأوروبي – يوفنتوس يفتتح الموسم بمباراة أمام مضيفه فالنسيا. النادي وصل إلى جولات خروج المغلوب من البطولة على مدى المواسم الخمسة الماضية.
ويمكن أن يصل مكسبه من الفوز بها إلى 130 مليون يورو في حقوق البث والجوائز المالية. مثل بعض نظرائه، يريد أجنيلي إعادة ترتيب هذه الرياضة للسماح بربط المزيد من العلاقات المولدة للمال، بين عمالقة كرة القدم في أوروبا وعدد قليل من المنافسين المحليين.
يقول ماسيميليانو أليجري، المدير الفني لنادي يوفنتوس: "دوري الأبطال منافسة صعبة وغير متوقعة. مع رونالدو، نحن أكثر احتمالا للفوز بها". ومع ذلك، حتى التنفيذيين في النادي يقولون إن وصوله للنادي لا يمكن أن يضمن النجاح على أرض الملعب.
الأمل الحقيقي في تورينو هو أن رونالدو سيزيد من قيمة اتفاقيات رعاية يوفنتوس. في عام 2017، بفضل الأداء القوي في أوروبا، كسب النادي المزيد من حقوق البث أكثر من مانشستر يونايتد، أغنى ناد في العالم من حيث الإيرادات.
ومع ذلك، في حين أن النادي الإنجليزي كان يعاني على أرض الملعب في السنوات الأخيرة، فقد كسب نحو من 200 مليون يورو أكثر من يوفنتوس في صفقات الدعاية.
من المهم أن يتم اعتبار النادي جزءا من النخبة في كرة القدم. وفقا لبحث أجرته شركة نيلسن Nielsen، فإن السوق الإجمالية لرعاية كرة القدم، التي تبلغ قيمتها 11 مليار يورو، تنمو بنسبة 2 في المائة سنويا.
أما معدل النمو في أكبر عشرة أندية، بما في ذلك يوفنتوس، فهو 12 في المائة.
يأتي هذا المال في الغالب من الشركة المصنعة للأطقم وراعية القمصان. في حالة يوفنتوس، هذه الشركات هي شركة أديداس الألمانية الرياضية وشركة صناعة سيارات جيب، التي تملكها شركة فيات كرايسلر، وتملك فيها شركة أجنيلي العائلية حصة 30 في المائة. وتبلغ قيمة الصفقة مجتمعة 40 مليون يورو سنويا، وفقا لشركة كيه بي إم جي.
في المقابل، فإن صفقات مانشستر يونايتد مع شركتي أديداس وشيفروليه تحقق إيرادات تبلغ 156 مليون يورو.
قد يساعد رونالدو على سد هذه الفجوة. بدون تقديم أرقام، يقول يوفنتوس إنه في طريقه لتحقيق مبيعات قياسية في عدد الأطقم المتماثلة هذا الموسم.
وفي حين أنه لا يحصل إلا على نسبة مئوية صغيرة من هذه المبيعات، إلا أن الزيادة يفترض أن تسمح له بالتفاوض على عقود أفضل في المرة المقبلة.
يقول جورجيو ريتشي، رئيس مشارك لقسم الإيرادات ورئيس الشراكات العالمية في نادي يوفنتوس: "هناك علاقة قوية للغاية وواضحة للغاية بين عدد القمصان التي تباع في العام حول العالم وقيمة صفقتك".
يناقش النادي منذ فترة تجديد صفقة أديداس بشروط محسنة، وفقا لأشخاص مقربين من المحادثات، الذين أضافوا أنه من المتوقع لشركة جيب أن تفعل الشيء نفسه في السنوات المقبلة.
كذلك يجلب رونالدو نوعا مختلفا من جودة النجوم، فهو من بين أكثر الشخصيات في العالم التي تجري متابعتها على وسائل التواصل الاجتماعي، مع وجود اتباع له يقدر عددهم بنحو 330 مليون مستخدم على المنصات من مواقع فيسبوك وتويتر وإنستجرام.
اكتسب يوفنتوس 10 ملايين متابع آخرين من وسائل الإعلام الاجتماعية في شهر تموز (يوليو) الماضي، وحده.
يقول ريتشي إن هذا يساعد على دعم الحجة أمام مقدمي الرعاية حول شعبية النادي المتزايدة. وقال إن النادي يجري محادثات مع ستة رعاة "إقليميين" محتملين جدد في الصين وجنوب شرق آسيا، مع حرص شركات متعددة الجنسيات أخرى على فتح المناقشات.
ومع ذلك، فإن زيمانسكي يشير إلى أن يوفنتوس سيظل يعاني قلة النقص النسبي في كرة القدم الإيطالية. ويقول: "البث يأتي بالرعاية، وليس العكس. أستطيع أن أفهم أن يوفنتوس، في محاولته لتطوير استراتيجية لناد موجود داخل الدوري الإيطالي الممتاز، قد لا يكون لديه الكثير من الخيارات. قد يكون هذا أفضل فرصة له.
هل من المرجح أن ينجح دون نهضة في كرة القدم الإيطالية بشكل عام؟ أعتقد أن هذا صعب".
بالنسبة ليوفنتوس هذا تحد. يريد النادي أن يصبح عالميا ويعتقد أجنيلي أن رونالدو سيساعده على تأمين مركز دائم في قمة اللعبة العالمية. من أجل القيام بذلك، بمجرد أن يتقاعد المهاجم، يحتاج مالك يوفنتوس إلى جذب المعجبين الشباب البارعين إلى كرة القدم.
ويقول: "علينا أن نكون في وضع يسمح لنا من أن نتمكن من اقتناص كريستيانو المقبل، شرط أن يكون في سن الـ25".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES