ثقافة وفنون

«بريداتور» .. وحوش تهاجم الأرض والسبب صبي

«بريداتور» .. وحوش تهاجم الأرض والسبب صبي

«بريداتور» .. وحوش تهاجم الأرض والسبب صبي

في عام 1987 أطل علينا النجم الهوليوودي الضخم أرنولد شوارزينجر بعضلاته المفتولة وملامحه التي أسرت مئات، وتألق في فيلم الأكشن والرعب والخيال العلمي predator المفترس تاركاً صورة البطل في ذهن الكبار والصغار على حد سواء، ومرت الأيام وعاد فيلم بريداتور بحلة جديدة إلى دور السينما لكن من دون شوارزينجر، فهل سيحقق النجاح الذي حققه الفيلم منذ 31 عاما؟ وكيف سيؤثر غياب شوارزينجر؟
تغيرت الأزمان وتغيرت الوجوه وما بين عام 1987 وعام 2018 عصف كثير من التطورات التكنولوجية بحياتنا اليومية وانعكست هذه التطورات على الأفلام السينمائية التي تستمد من الواقع أحداثها وقصصها وحتى مشاهدها، وانطلق الإبداع في المؤثرات البصرية التي أصبحت توجد جواً حيوياً في أفلام الأكشن والخيال العلمي، ولقد ظهر واضحاً هذا التطور في فيلم "المفترس 2018" الذي ارتكز على أسطورة "بريداتور" مع كثير من التغييرات الجذرية، يلاحظها بقوة كل من شاهد الجزء الأول ويشاهد الجزء الحالي الذي يدور حول وحوش تهاجم الأرض، التي عادت بسبب خطأ غير مقصود من صبي.

جثث معلقة على الشجر
يتسمر المشاهد طيلة مدة الفيلم التي تبلغ نحو 100 دقيقة أمام شاشة السينما حابساً أنفاسه، يتمايل برأسه مع الجثث المعلقة على الأشجار وينتفض مع كل دقة موسيقية تتعالى إنذاراً بمشهد مرعب، ولقد عمد المخرج شين بلاك إلى إبراز مشاهد قوية في المخلوقات المخيفة، حيث تم تقديم الوحش الأكبر والأكثر شراً بطريقة إبداعية، وظهرت مشاهد الرعب هذه عندما وقع مجموعة من الرجال وجها لوجه مع وحش كاسر في غابة موحشة بمفردهم، وواحدًا تلو اﻵخر، يضيعون في الغابة ويصير كل منهم جثة مسلوخة معلقة على الشجر، لكن هذه المشاهد المرعبة لا ترتقي إلى ما عرض في الجزء الأول الذي كان يحتوي على عناصر تجمع بين الرعب والأكشن، ولعل الخوف الذي انبثق إثر مشاهدة الجزء الأول يعود إلى جهلنا بالوحش الذي لم نكن نعرف كثيرا عنه في ذاك الوقت، وكانت تلك حيلة سينمائية قديمة تهدف إلى رفع مستوى الرعب والتشويق. لكن هذه النسخة من "المفترس" تناقض النسخة الأولى، حيث سيطرت مشاهد الأكشن وحل الرصاص مكان الإبداع البشري الذي اعتاد استخدامه بطل آرنولد شوارزنيجر للتغلب على أعدائه في الفيلم الأصلي.

إضفاء الحياة على مخلوقات مخيفة
لم ينحصر الفيلم في مشاهد الرعب فقط بل جمع ما بين حس الفكاهة والمشاعر المؤثرة، حيث أضفى طاقم الممثلين الحياة على المخلوقات المخيفة في حوار متين ومتناسق يحمل بين كلماته كثيرا من المعاني العميقة، لكن اللافت أنه ليس جميع الشخصيات كانت تمتلك العمق المطلوب، فشخصية العالمة البيولوجية التطورية دكتورة كايسي براكيت، التي تلعب دورها أوليفيا نان، تظهر في بادئ الأمر كما لو أنها ستلعب دوراً محورياً في الفيلم عبر تقديم شرح ونظرة علمية أعمق على نقطة معينة، إلا أنها تصبح مجرد شخصية عادية تحمل مسدساً. وتعد شخصية لينش التي يلعبها آلفي آلان هي الأضعف، في حين تحصل الممثلة إيفون ستراوفسكي على بضعة مشاهد جيدة التي تظهر أن إيميلي تكاد تكون قوة لا يستهان بها للأشرار، لكنها لا تضفي عواقب وخيمة على المدى الطويل. أما الممثل جايك بوسي الذي يلعب دور العالم كييز، فهو مجرد مفاجأة خفية في الفيلم بالنسبة إلى المعجبين القدامى للسلسلة، فلو أنه لم يلعب دور شخصية أعلن عنها صناع الفيلم، لما كان هناك شيء يذكر حول ابن الممثل جاري بوسي الذي لعب دور الشرير في Predator 2.

الفكاهة في الفيلم
يقدم تريفانتي رودز بدور ويليامز أداءً مميزاً، ويحصل الثنائي دائما التخاصم كولي، يلعب دوره الممثل كيجان مايكل كي، وباكسلي، يلعب دوره الممثل توماس جاين، على الجزء الأكبر من حس الفكاهة في الفيلم. كما تحصل شخصية نيتلز الذي يلعب دوره أوجستو أجيليرا على بضع لحظات جيدة خلال الفيلم.
يضفي الممثل بويد هولبروك في دور ماكينا إحساساً مملاً في بعض الأحيان، حيث إنه قد رأى كل شيء، لدرجة أنه لا يبدو متفاجئاً على سبيل المثال عندما يسمع أن المخلوقات الفضائية موجودة حقاً. وعلى الرغم من أنه يحصل على بعض اللحظات الجيدة مع ابنه التي تساعد على إعطائه طابعاً إنسانياً، إلا أن ماكينا في حد ذاته موجود هنا ليقتل ويكسر الأشياء فقط. لكن يسهم أداء هولبروك الفظ لكن القريب من المشاهدين في جعل هذه الشخصية مقبولة. من ناحية أخرى يثبت جاكوب تريمبلاي في دور روري ماكينا مرة أخرى أنه أحد أفضل الممثلين الصغار على الساحة بأدائه الرائع، وبرز في الفيلم ايضا ستيرلينج كاي بروان، الذي يلعب دور الشرير البشري في الفيلم ترايجر، وهو عميل حكومي لا يرحم وليس لديه أي بعد حقيقي كشخصية، لكنه يقدم عدة لحظات جيدة بكل برود وثقة بالنفس. يجد براون طريقة لجعل هذا العميل المتعجرف وغير الأخلاقي ساحراً وذكياً بقدر ما هو مخيف ولا يرحم.

تاريخ عريق للأسطورة «بريداتور»
عرض أول جزء من السلسلة سنة 1987 من بطولة آرنولد شوارتزنيجر وإخراج جون مكتيرنان وكان بعنوان Predator أي المفترس، وكانت قصته تتحدث عن مجموعة من الكوماندوز تم إرسالهم لإنقاذ دبلوماسي أمريكي، لكنهم فوجئوا بوجود شيء ما يقتل أفراد الفريق واحدا تلو الآخر وهذا الشيء هو مخلوق فضائي يستطيع التكيف مع أشجار الغابة ويمكن أن يقوم بإخفاء نفسه وهو يمتلك تقنية دفاعية وهجومية عالية ومتطورة، لكن في النهاية يتمكن البطل من إيجاد طريقة لإخفاء نفسه عن هذا الوحش، ومن ثم يقوم بقتاله، وفي النهاية بعد معركة طويلة ينجح البطل أرنولد في القضاء على الوحش وتدميره.
ثم ظهر الجزء الثاني سنة 1990 من بطولة داني جلوفر وكيفن بيتر هال وروبين بليدز، حيث أدى فيه داني جلوفر دور شرطي يحقق في جرائم المخدرات في مدينة لوس أنجلوس، الذي يكتشف وجود ذلك الكائن الفضائي الضاري، وفي النهاية يقوم بالقضاء عليه، وكان الفيلم من إخراج المبدع ستيفن هوبكينز.
لم تتوقف هوليوود عند هذا الحد، بل قام صانعو الأفلام بتطوير القصة وابتكار شخوص جديدة في كل مرة، فابتكر كاتب القصة رونالد شوسيت Aliens VS Predators وهو مفهوم كان يراوده منذ عام 1980 وحوله المخرج بول آندرسون إلى فيلم سنة 2004، ثم ظهر فيلم Aliens vs. Predator Requiem سنة 2007 من إخراج الأخوين سراوس، لكنه لم ينجح بالشكل المتوقع، وفي 2010 عرض فيلم Predators من بطولة أدريان برودي، توفر جريس، أليس براجا، داني تريجو، لورنس فيشبورن، وكانت أحداث الفيلم تدور حول مجموعة من المغامرات عن جماعة من المحاربين الأشداء الذين يجدون أنفسهم في كوكب غريب، ويكتشفون أنه تم إحضارهم إلى هذا الكوكب كي يشاركوا في عملية صيد هائلة بين المجرات سيلعبون فيها دور الفريسة.
وفي عام 2018 انطلق جزء جديد من هذه السلسلة، فهل سيكون حلقة وصل لأجزاء أخرى أم سيكون الخاتمة؟!
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون