Author

الهروب من العقاب

|

قام طبيب بإجراء عملية بواسير لأحد المواطنين، لم تنجح العملية، إنما أدت إلى مضاعفات، أحيل المريض نتيجتها إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، حيث استمر في علاج النتائج، ويبدو أنه حتى الآن لم يتماثل إلى الشفاء. تمكن الطبيب الذي رفع عليه المريض شكوى من الهرب. كيف هرب رغم وجود قضية مرفوعة بحقه؟ أمر يستدعي النقاش والبحث من قبل عدة جهات لتحديد الخلل الموجود في الإجراءات أو التواطؤ - إن كان هناك تواطؤ.
المهم هنا هو أن عمر القضية سنتان، وأن الحكم على الطبيب لم يصدر حتى الآن، ولا أعلم ما هو سبب تأخير إصدار حكم في القضية. هذا التأخير هو المؤدي لما بعده من الإشكالات، وأهمها هروب الطبيب دون أن يأخذ المريض حقه الشرعي منه، الذي يمكن ألا يحصل عليه أبدا ما دام الجاني خارج المملكة، واحتمال تكرار الخطأ مرات دون حساب.
يدفعني هذا إلى مطالبة وزارة الصحة بتعديل وسائل التعامل مع الأخطاء الطبية، سواء بالتعجيل في الإجراءات أو المحافظة على سرية القرارات أو التنسيق مع الجهات المختصة في الوزارات، خصوصا الداخلية، فيما يتعلق بما يمكن أن يحدث من تصرفات قد تفضي إلى عدم حصول صاحب الحق على حقه.
هذا علاوة على أهمية العمل على ضمان نزاهة وحياد اللجان الطبية التي تتعامل مع هذه الأخطاء والدفع بتنظيم أكثر صرامة في تحديد من يشارك في هذه اللجان ومنع وجود علاقة يمكن أن تؤثر في قرارات أعضاء اللجان، سواء كانت مهنية أو شخصية.
ما حدث مع المواطن الذي يعيش في حالة من الترحال بين جازان والرياض، وهو ضحية لا ذنب له، قد يحدث مع أي شخص آخر، لكن المهم هو العمل على ألا تكون هناك فرص للتهرب من القضاء، لأن هذا يؤدي بالتالي إلى سوء الأداء وعدم الاهتمام وزيادة أعداد ونسب الأخطاء الطبية.
هذا مع العلم أن الرصد الفعلي لحالات الأخطاء الطبية ليس علميا مقارنة بما نشاهده في دول أوروبا وأمريكا، ورغم الفرق الواضح في الخدمات والكفاءة التشغيلية والعلمية، نجد أعداد ونسب الأخطاء الطبية هناك أعلى مما هو مسجل لدينا. وقفة مع الأرقام ستوضح لمسؤولي الوزارة أن هناك عملا جادا ومهما لا بد منه لتحقيق كفاءة أعلى ورصد علمي وحماية واقعية لكل من يزور مستشفياتنا.

إنشرها