أخبار اقتصادية- عالمية

ترمب "يعاقب" الصين برسوم جديدة.. ومستثمرون: "الحرب" مبعث فوضى وستدوم 20 عاما

ترمب "يعاقب" الصين برسوم جديدة.. ومستثمرون: "الحرب" مبعث فوضى وستدوم 20 عاما

نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التهديد الذي لوح به منذ أسابيع، وفرض رسوما جمركية جديدة نسبتها 10 في المائة على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار، لمعاقبة الصين التي أكدت أنها ستتخذ "تدابير مضادة".
ويتهم ترمب الصين بأنها لا تصحح ممارساتها التجارية التي يعتبرها "غير نزيهة"، وفقا لـ"الفرنسية".
وقال ترمب في بيان وزعه البيت الأبيض إن "الرسوم الجمركية ستدخل حيز التنفيذ في 24 أيلول (سبتمبر) الجاري وتبلغ 10 في المائة حتى نهاية العام"، موضحا أنه اعتبارا من الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل سترفع هذه الرسوم الجمركية إلى 25 في المائة.
وأضاف "إذا اتخذت الصين إجراءات انتقامية ضد مزارعينا أو صناعات أخرى، عندها سنقوم في الحال بتفعيل المرحلة الثالثة أي فرض رسوم جمركية على ما قيمته 267 مليار دولار من الواردات الإضافية".
وفي حال فرضت هذه الرسوم، فستكون الإجراءات الحمائية الأمريكية قد شملت كل الواردات الصينية.
من جهتها، قالت وزارة التجارة الصينية في بيان "من أجل ضمان حقوقها ومصالحها الشرعية في نظام التبادل الحر العالمي، ليس أمام الصين سوى خيار اتخاذ تدابير مضادة مماثلة".
وكانت الصين قد فرضت رسوما جمركية بنسبة 25 في المائة على نحو 50 مليار دولار من البضائع الأمريكية خاصة الزراعية منها. وقد أكدت استعدادها لفرض رسوم جمركية جديدة على سلع أمريكية مستوردة بقيمة 60 مليار دولار في السنة. لكن بيان وزارة التجارة لم يأت على ذكر ذلك.
وأكد مسؤولون أمريكيون في مؤتمر صحافي هاتفي أن إدارة ترمب التي اختتمت مطلع أيلول (سبتمبر) مشاوراتها العامة، قررت إعفاء بعض المنتجات التي تستهلك بشكل واسع من الرسوم البالغة 10 في المائة، مثل الساعة المرتبطة بالإنترنت ومنتجات نسيجية وزراعية والمقاعد المرتفعة ومقاعد السيارات المخصصة للأطفال وخوذ حماية سائقي الدراجات.
وقال ترمب "منذ أشهر، ندعو الصين إلى تغيير هذه الممارسات غير النزيهة ومعاملة الشركات الأمريكية معاملة عادلة ومتبادلة ولكن، حتى الآن، لا تزال الصين غير راغبة في تغيير ممارساتها".
وكان الرئيس الأمريكي قد هدد أمس الأول بفرض "تعرفات" جمركية على الدول التي ترفض ممارسة تجارة عادلة مع الولايات المتحدة. وقال إن الرسوم الجديدة "ستدخل مبالغ كبيرة إلى خزائن الولايات المتحدة".
ويرى ترمب أن الرسوم الجمركية تجعل الولايات المتحدة في موقع تفاوضي قوي جدا، مع مليارات الدولارات ووظائف تتدفق إلى البلاد.
لكن مستشاره الاقتصادي لاري كودلو أشار إلى أن الولايات المتحدة منفتحة على الحوار في أي وقت.
من جهة أخرى، ذكر المسؤولون الأمريكيون أن الهدف من ذلك ليس الحد من نمو الاقتصادي الصيني.
ويطالب ترمب الصين بخفض العجز التجاري الأمريكي 200 مليار دولار عبر فتح أسواقها بشكل أوسع للبضائع الأمريكية.
ويمكن أن يبدو فرض رسم نسبته 10 في المائة أولا - بدلا من 25 في المائة طلب ترمب من إدارته دراستها -، مبادرة انفتاح نسبية بعدما طلب وزير الخزانة الأمريكية ستيفن منوتشين من نظرائه الصينيين استئناف المفاوضات.
واستبقت بكين قرار ترمب بتحذيره من أن أي ضريبة سيفرضها على صادراتها إلى بلاده ستواجه بضريبة تفرضها هي على بضائع تستوردها من الولايات المتحدة.
وقال جينج شوانج المتحدث باسم الخارجية الصينية "في حال أقرت الولايات المتحدة إجراءات جديدة بشأن الرسوم الجمركية، لن يكون أمام الصين سوى اتخاذ إجراءات مماثلة للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة". ودعا جينج الولايات المتحدة إلى التفاوض "بحسن نية".
وقال ترمب إن "هذه الممارسات (الصينية) تشكل بكل وضوح تهديدا خطرا على صحة اقتصاد الولايات المتحدة وازدهاره على المدى الطويل".
وأضاف "نأمل أن تتم تسوية هذا الوضع التجاري في نهاية المطاف لي وللرئيس شي جين بينج الذي أكن له احتراما كبيرا".
ولا يؤثر هذا النزاع كثيرا في أول اقتصاد في العالم على ما يبدو، حيث يعمل بكامل طاقته وإن كانت بعض المناطق وبعض القطاعات تشعر بآثار الإجراءات الانتقامية لشركاء الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست أمس، نقلا عن مصدر حكومي في بكين لم تسمه إن الصين لن ترسل على الأرجح وفدا تجاريا إلى واشنطن بعد أن أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خططا لفرض رسوم على واردات من الصين بقيمة 200 مليار دولار.
وبحسب "رويترز"، أفاد التقرير بأن الصين تراجع ما كانت تخطط له في السابق من إرسال وفد برئاسة ليو خه نائب رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل لإجراء جولة جديدة من المباحثات.
وأبلغ المصدر الصحيفة أن بكين لم تتخذ بعد قرارا نهائيا لكن إظهار "ما يكفي من حسن النوايا" شرط مسبق للمباحثات المزمعة.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن تحصيل الرسوم على قائمة الواردات سيبدأ في 24 أيلول (سبتمبر) الجاري، وإن النسبة ستزيد إلى 25 في المائة بنهاية العام، ما يعطي الشركات الأمريكية وقتا لتحويل دفة سلاسل الإمداد التابعة لها إلى بلدان أخرى.
وفرضت الولايات المتحدة إلى الآن رسوما على منتجات صينية قيمتها 50 مليار دولار للضغط على الصين حتى تجري تغييرات شاملة لسياساتها في مجالات التجارة ونقل التكنولوجيا ودعم صناعات التكنولوجيا المتطورة.
ونقلت بلومبرج عن مصدر مطلع قوله إن ليو عقد اجتماعا في بكين صباح أمس، لبحث رد الصين على القرار الأمريكي.
وقال محللون من بنك سيتي في مذكرة إن أثر الرسوم الجديدة سيظهر تدريجيا في بيانات الصين للربع الأخير من العام وإن الأثر الكامل لرسوم إجمالية نسبتها 25 في المائة من المتوقع الشعور به العام المقبل حيث سينخفض معدل النمو 0.83 نقطة مئوية.
لكن فانج شينج هاي نائب رئيس الهيئة المنظمة للأوراق المالية في الصين قال خلال مؤتمر في مدينة تيانجين الساحلية إنه حتى إذا فرض ترمب رسوما على جميع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، فسيكون الأثر السلبي في لاقتصاد الصيني نحو 0.7 في المائة. ولم يوضح ما إذا كان يشير إلى الأثر في حجم الناتج المحلي الإجمالي أم نموه.
من جهة أخرى، قال وزير التجارة الصيني في تصريحات لممثلي شركات أجنبية أمس الأول، إن النهج الفردي الذي تسير عليه الولايات المتحدة والحماية التجارية من شأنهما التأثير في مصالح البلدين وإلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي.
وأبلغ الوزير الصيني تشونج شان ست شركات عالمية أنه لا رابح في أي حرب تجارية وأن التعاون هو الخيار الوحيد الصحيح، وذلك وفقا لبيان نشرته وزارة التجارة على موقعها الإلكتروني أمس.
وقالت الوزارة أمس، إنها قدمت شكوى إلى منظمة التجارة العالمية بخصوص رسوم جمركية تعتزم الولايات المتحدة فرضها على سلع صينية قيمتها 200 مليار دولار.
من جهته، أكد ماتس هاربورن رئيس غرفة التجارة الأوروبية في الصين، أمس، أن الرسوم الأمريكية ضد الصين تعتبر "جنونا اقتصاديا"، ولن تكون فعالة في إقناع الحكومة الصينية بالتعجيل بإصلاحات السوق، وفقا لـ"الألمانية".
وقال هاربورن: "نعتقد أن ما تفعله الولايات المتحدة الآن هو جنون اقتصادي".
وجاءت تصريحات هاربورن بعد ساعات من إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، فرض رسوم إضافية على كمية جديدة من السلع الصينية بقيمة 200 مليار دولار.
وقالت غرفة التجارة الأوروبية في الصين إن تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين يضر بالشركات الأوروبية ويؤدي إلى اضطراب عمل شبكة إمداداتها العالمية.
وبحسب المسح الذي أجرته الغرفة، قالت 54 في المائة من الشركات الأوروبية التي شملها المسح إنها تنظر بشكل سلبي إلى الرسوم الأمريكية على السلع الصينية، في حين قال 43 في المائة من الشركات إنها تنظر بالطريقة نفسها إلى الرسوم الصينية على السلع الأمريكية.
وذكر التقرير الصادر عن الغرفة أن الرسوم المتبادلة بين أكبر اقتصادين في العالم تؤدي إلى تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد العالمي وتقلص عدد الوظائف وتؤخر تحديث المنتجات. وأكدت 17 في المائة من الشركات إنها أجلت زيادة استثماراتها أو توسعاتها بسبب التوترات التجارية.
وقال هاربورن إن تأثيرات الحرب التجارية الأمريكية الصينية في الشركات الأوروبية في الصين كبيرة وسلبية بصورة كاسحة.
وذكر هاربورن أن الشركات الأوروبية تشترك مع الولايات المتحدة في المخاوف من الممارسات التجارية والاستثمارية للصين "لكن المضي قدما على طريق تصعيد الرسوم خطير للغاية".
يذكر أن غرفة التجارة الأوروبية في الصين هي أحدث الأصوات التي تحذر من تداعيات استمرار تبادل فرض الرسوم العقابية على حركة التجارة بين واشنطن وبكين.
بدوره، قال جاك ما رئيس مجلس إدارة علي بابا أمس، إن الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قد تدوم لما يصل إلى 20 عاما، مضيفا أنها ستكون "مبعث فوضى" لجميع الأطراف الضالعة فيها، وفقا لـ"رويترز". 
ورجح أن تؤثر التوترات التجارية سلبا في الشركات الصينية والأجنبية وبشكل فوري. وتوقع أن تنقل الشركات الصينية الإنتاج إلى دول أخرى في المدى المتوسط للالتفاف على الرسوم.
وأضاف خلال المناسبة المخصصة للمساهمين في هانجتشو "قد تفوز في المعركة وتخسر الحرب. في المدى المتوسط، سينتقل العديد من الشركات الصينية إلى دول أخرى".
وقال إن ثمة حاجة إلى قواعد تجارة جديدة على المدى الطويل. وتابع "حتى إذا تقاعد ترمب، فسيأتي رئيس جديد وستستمر. نحتاج إلى قواعد تجارة جديدة. يجب أن نطور منظمة التجارة العالمية".
وفي العام الماضي، التقى ما بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب حيث تعهد بتوفير مليون وظيفة أمريكية ترتبط بصغار التجار الذين يبيعون على منصات علي بابا.
لكن العلاقات التجارية تدهورت منذ ذلك الحين بين الصين والولايات المتحدة ليدخل البلدان في دوامة تصعيد متبادل للرسوم الجمركية.
إلى ذلك، ذكر خبير معهد "إيفو" الألماني للبحوث الاقتصادية أن القيود الجمركية الأمريكية على الواردات الصينية قد تكون فرصة للاتحاد الأوروبي لتحقيق المصالح الخاصة للتكتل، وفقا لـ"الألمانية".
وقال جابريل فيلبيرماير مدير مركز التجارة الخارجية في "إيفو"، ، أمس، في مدينة ميونيخ الألمانية: "من الممكن أن تكون أوروبا مستفيدا كبيرا إذا خضعت الصين لضغوط تقديم تنازلات في إطار منظمة التجارة العالمية"، مبينا أن هذا سيفيد الصناعات الألمانية القادرة على المنافسة أكثر مما سيفيد الصناعات الأمريكية.
وأوضح فيلبيرماير أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تؤدي إلى تصعيد المخاطر الاقتصادية على مستوى العالم، بوجه عام، لافتا إلى أن هذا يؤدي إلى ضغط لإعادة تقييم الدولار، وهو ما سيسبب خسائر للدول الصاعدة.
وأوضح فيلبيرماير أنه عندما تخرج شركات أوروبية في الولايات المتحدة أو الصين، منتجات للسوق العالمي، فإن هذا من شأنه أن يرفع التكاليف بالنسبة لها، مضيفا أن بعض الشركات المثقلة بالديون في الصين ستتعرض لضغوط إضافية جراء ذلك.
من جانبها، أكدت غرفة التجارة والصناعة الألمانية أن الخلاف بين الصين والولايات المتحدة سيضر بالاقتصاد الألماني.
وقال رئيس قطاع التجارة الخارجية في الغرفة، فولكر ترير، في برلين إن الشركات الألمانية تستثمر الكثير من الأموال في الولايات المتحدة والصين، وتوظف نحو مليون شخص في كل من البلدين.
وأشار ترير إلى أن الكثير من المنتجات الألمانية المصنعة في الولايات المتحدة أو الصين يجرى بيعها خارج منطقة الباسيفيك، مضيفا أن بيع هذه المنتجات قد يصبح أصعب في المستقبل.
وقال ترير: "في النهاية ستصبح جميع المنتجات أغلى، دون أن يحصل أي فرد على قيمة مضافة"، مشيرا إلى أن الشركات بحاجة ماسة إلى الوضوح والثقة بالشروط العامة للنشاط التجاري على مستوى العالم.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية