Author

الخنق المالي لنظام الملالي

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"النظام المصرفي والبنية الكلية للاقتصاد في إيران، يواجهان خطرا كبيرا" مسعود نيلي - المستشار الاقتصادي للرئيس الإيراني لنترك جون كيري وزير خارجية باراك أوباما جانبا. لا يزال هذا الوزير يدافع عن اتفاق نووي مشوه، رغم كل الحقائق التي كشفته. كيري هذا، يتحدى الإدارة الأمريكية ويعقد اجتماعات مع مسؤولين في النظام الإرهابي الإيراني. الرئيس دونالد ترمب لم يصمت بالطبع، وقال علنا "إن كيري يعقد اجتماعات غير مشروعة مع العدو الإيراني". ومع ذلك، لنترك هذا الـ"كيري" جانبا، لأن لا قيمة له ولا لاجتماعاته مع إرهابيي إيران، تماما مثلما هي اجتماعات مسؤولين أوروبيين بائسين معهم. المهم في المشهد العام حاليا، أن الخنق المالي لنظام الملالي يسير بخطوات متسارعة وثابتة، والأهم فاعلية حقا، بينما تتسارع الأيام لحلول تشرين الثاني (نوفمبر) الذي سيشهد أكبر عقوبات أمريكية على إيران، يمكن أن نسميها "عقوبات الخنق". بحسب الأرقام الرسمية الإيرانية، تضاعفت ديون البنوك والمصارف للبنك المركزي الإيراني 56 ضعفا، وسجلت الحكومة الإيرانية رقما قياسيا لاقتراض مبالغ مالية من المصارف وصلت إلى 35 مليار تومان في الربع الأول من العام الجاري، نتيجة انهيار العملة المحلية، وتردي الوضع الاقتصادي. بعض المسؤولين عند علي خامنئي بدأوا يطالبون علنا بضبط النظام المصرفي قبل انهيار بنيته بالكامل، علما بأن هذا النظام يقف على عتبة الانهيار الشامل، جراء استراتيجية سرقة مال الشعب الإيراني على أيدي خامنئي وعصاباته على مدى سنوات طويلة، يضاف إلى ذلك بالطبع الأثر البالغ للعقوبات الأمريكية المفروضة حاليا وتلك التي ستفرض قريبا جدا. تكفي الإشارة هنا إلى أن قيمة الريـال الإيراني انخفضت 188 ألفا في المائة، منذ وصول نظام الملالي إلى السلطة. قبل أيام، قام وزير بريطاني بزيارة معلنة إلى إيران، فشلت قبل أن تبدأ. لماذا؟ لأن لندن "كغيرها من العواصم الأوروبية" ليس لديها ما تقدمه لنظام خامنئي سوى الشكوى من الموقف الأمريكي. والشكوى لا ترفع ريالا، ولا تسند اقتصادا متهاويا، ولا توفر حتى أدوية يحتاج إليها الإيرانيون. أما شركات أوروبا، فقالت كلمتها منذ البداية، لا استثمارات في إيران، لأننا لا نقوى على إغضاب واشنطن. من هنا، يزداد حراك الخنق المالي للنظام الإرهابي، الذي اعترف كيري نفسه، أن الأموال التي أفرجت عنها إدارة أوباما لإيران استخدمت في تمويل أعمال إرهابية. وبينما كان الوزير البريطاني في طهران، اجتمع مشرعون بريطانيون "من مجلسي البرلمان" في لندن وبحثوا الإجراءات المطلوبة لمواجهة النشاطات الإرهابية للنظام الإيراني، أين؟ في أوروبا. وذلك بعد أن تم الكشف عن عديد من هذه النشاطات في تيرانا وباريس وبرلين وواشنطن. ليس هناك بديل عن إكمال الخنق المالي المشار إليه. فهذا النظام حول على مدى عقود أموال الشعب الإيراني إلى عصابات طائفية إرهابية بغيضة، ويمول حروبا قتلت مئات الآلاف من الأبرياء هنا وهناك، ونشر خلاياه الإجرامية في عمق أوروبا والولايات المتحدة. في الوقت الذي لم تعد هناك مساحة لتوفير الفرص لهذا النظام التي استنفدها لسنوات عديدة. وعلى هذا الأساس، يجب على أوروبا أن تمضي قدما وبقوة مع المسار العقابي الأمريكي، وتبتعد عن تلك التبريرات التي صارت مادة دسمة للسخرية في الإعلام الأوروبي والغربي عموما. فالإرهاب الإيراني الممول جيدا يعيش أيضا على الساحة الأوروبية، وتأتي غالبية هذا التمويل من القارة الأوروبية نفسها، من خلال عمليات مالية التفافية، استطاعت الإدارة الأمريكية أن تحددها وتفرض عليها العقوبات التي تستحقها. الأمور تمضي متسارعة بالفعل. فحتى الناقلات التي تحمل مكثفات إيرانية من الخام الخفيف، صارت متوقفة في البحار بانخفاض الطلب على النفط "ولا سيما الإيراني"، إضافة - طبعا - إلى توقف ناقلات إيرانية أخرى بسبب العقوبات الأمريكية. يجري هذا، ولم تبدأ بعد جولة العقوبات الجديدة التي تمنع تصدير النفط الإيراني، وهي الأداة الأكثر خنقا ماليا لنظام خامنئي وعصاباته. وعلى طريقة الشركات الأوروبية التي خافت من الغضب الأمريكي، أقدمت حكومات تستورد النفط الإيراني على الالتزام بعدم استيراد هذا النفط، والتوجه إلى مصدرين آخرين. الخنق المالي مستمر، إلى درجة أن واشنطن استهدفت شركة طيران تايلاندية، بعد أن اكتشفت علاقاتها مع "الحرس الثوري" الإيراني. الواضح هنا، أن الأعمال مهما كانت صغيرة هي مستهدفة من العقوبات الأمريكية، لأن كل دولار يعود إلى النظام الإيراني، هو في الواقع تهديد إرهابي إجرامي للأمن والسلم العالميين. الخنق المالي الحتمي، هو الأداة الأفضل لتخليص طهران من أوهامها وأحلامها. وبحسب تاريخ النظام الإرهابي في إيران، لا يمكن السماح له بالاستمرار في استراتيجية الخراب التي انتهجها منذ وصوله إلى السلطة. إنها مسؤولية عالمية لوقف الشر الإيراني، ولا بديل عن ذلك، خصوصا مع وجود إدارة أمريكية تتعاطى مع نظام علي خامنئي كعدو ليس لها فحسب، بل للعالم أجمع. إدارة تسعى بحزم إلى إزالة الخراب الذي أوجده باراك أوباما وأعوانه على مدى ثماني سنوات، ومنح الإرهاب متنفسا لم يحلم به الإرهابيون أنفسهم.
إنشرها