Author

شهادة دولية للخصخصة السعودية

|
بشهادة مؤسسة دولية عملاقة كمؤسسة صندوق النقد الدولي، فإن برنامج الخصخصة في السعودية يعد النموذج الأمثل لما يحمله معنى الخصخصة من التوزيع العادل للدخل. إن التوزيع العادل للدخل قضية جوهرية في الاقتصاد الكلي، بل هي محور النزاع في العالم. التوزيع العادل للدخل يعني عدم تركز الثروة والدخل منها في يد فئة محدودة من المجتمع، وفي هذا ذهبت الدول يمينا ويسارا، والمملكة تراهن على الوسطية في كل شأنها. فالتجارب الدولية في الخصخصة -كما يشير تقرير صندوق النقد- فشلت في أن تكون نموذجا للتوزيع العادل للدخل، نظرا لأنها تركز على التخلص من الشركات الحكومية الخاسرة وليس التخصيص بمعنى منح المجتمع شركات ناجحة ومربحة، لكن التجربة السعودية تركز على المشروعات التجارية الناجحة والمربحة، مثل "سابك" و"الاتصالات" وغيرهما. فعلى مدار نحو 30 عاما تم تخصيص عشر جهات حكومية بدأت بعملاق البتروكيماويات، الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك"، إذ تم طرح 30 في المائة من أسهم الشركة للاكتتاب العام. ولا شك أن هذه التجربة الهائلة مع تخصيص شركة سابك بالذات، تعطي مؤشرا حقيقيا على صدق التوجهات نحو مشاركة المواطن نجاحات حكومته، وأن يجد عوائد مربحة بعد أن تحملت الدولة خسائر التشغيل الأولى وجنبته مخاطر التجربة. فخلال هذه الفترة التي امتدت نحو 30 عاما، بلغت عوائد الخصخصة السعودية خلال خمس سنوات فقط من عمر هذه التجربة، أي بين عامي "2003 و 2008" أكثر من 21 مليار دولار، أي ما يعادل 1.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها، كما بلغت القيمة السوقية للشركات المخصصة أكثر من 40 في المائة من إجمالي القيمة الكلية للسوق السعودية. فالمؤشر العام الذي انتهجته المملكة في تخصيص الأصول والخدمات الحكومية هو نفع المواطن وتحقيق أقصى الاستفادة له، وتنمية رأسماله وتجنيبه مخاطر السوق، وأيضا لا بد أن نشير إلى أن الحكومة تختار الخدمات والأصول المربحة للمجتمع، كما أنها تعمل من خلال الخصخصة على رفع إنتاجية هذه الخدمات والأصول بعدما وصلت إلى الحد الأقصى من القدرة التشغيلية وفقا لمنهج القطاع العام. وعلى الرغم من نجاح تجربة الخصخصة في تطوير الخدمات والأصول والمنتجات، إلا أنها أيضا لم تتسبب في ارتفاع الأسعار أو أنماط احتكارية تؤثر في الجودة، وتجربة شركة الاتصالات خير دليل على ذلك، حيث إن هذا القطاع يشهد تحسنا ملحوظا في الخدمات مع منافسة قوية بين الشركات. وإذا كانت التجربة الرئيسة للمملكة في الخصخصة قد حققت نجاحات كبيرة ومثمرة وعوائد مجزية للمواطنين، فإن المضي قدما في هذا الاتجاه، وفقا لما رسمته "رؤية المملكة 2030"، سيكون له أثر ملموس في رفاهية المواطن وتنمية رأس المال، حيث أثبتت الخصخصة قدرتها على زيادة الرسملة الكلية لأسواق الأوراق المالية وزيادة السيولة، وإذا كانت الحالة هذه، فإن اعتماد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية قائمة تضم 12 برنامجا للتخصيص، يمثل خبرا اقتصاديا محفزا بشكل كبير، خاصة أن المنهجية المتبعة في الخصخصة كما جاءت في برنامج التخصيص، تمثل تطورا جوهريا، وكذلك نوعية البرامج المستهدفة، ومن ثم نتوقع والاتجاه هكذا أن نموا مطردا في رأس المال وفي عوائد التخصيص، وكذلك في نمو حجم السوق المالية وسيولتها، سيكون سيد الموقف في السنوات القليلة المقبلة.
إنشرها