Author

الوقود الأحفوري والاحتباس الحراري «1»

|
مختص في شؤون الطاقة
في هذه السلسة من المقالات سأسلط الضوء على قضية الاحتباس الحراري وعلاقة الوقود الأحفوري بها، حيث إن هذا الموضوع كان وما زال محل جدل كبير بين العلماء والخبراء، بل حتى بين الدول. هناك من يتهم الوقود الأحفوري "النفط - الغاز - الفحم" صراحة أنه أحد الأسباب الرئيسة للاحتباس الحراري، التي أدت إلى التغير المناخي بشكل ملحوظ من منتصف القرن الـ 20، حيث إن ثاني أكسيد الكربون الناتج عن احتراق الوقود الأحفوري ومشتقاته يؤثر سلبا وبطريقة مباشرة في تكوين الغلاف الجوي الذي لا يحتوي إلا على نسبة قليلة جدا لا تكاد تذكر من غاز ثاني أكسيد الكربون، ولغاز الأكسيجين وغاز النيتروجين نصيب الأسد في تكوينه. هناك آراء مناهضة لهذا الرأي والاعتقاد، حيث إنهم يعتقدون ألا تأثير يذكر لغاز ثاني أكسيد الكربون في ظاهرة الاحتباس الحراري، معللين ذلك أنه أحد المكونات الطبيعية للغلاف الجوي، وأن السبب الرئيس للاحتباس الحراري هو الغازات السامة الناتجة من المصانع بسبب الطفرة الصناعية والانبعاثات الناتجة عنها، إضافة إلى عوامل أخرى أقل أهمية، منها على سبيل المثال لا الحصر، حرائق الغابات والتصحر الناتج عن قطع الأشجار وإهمال الغطاء النباتي أو تدميره. ومنهم من يوجه أصابع الاتهام إلى النشاط النووي، ونجد من يرى أن الظواهر الطبيعية، كالبراكين أحد الأسباب الرئيسة، بل إن بعضهم يرى أن ربط ظاهرة الاحتباس الحراري بالوقود الأحفوري ليست إلا قضية مختلقة لا أساس لها من الصحة تحاول بعض الدول الصناعية الكبرى تمريرها. في هذه السلسلة من المقالات سأتناول هذه القضية من منطلق علمي بحثي يستند إلى بعض الدراسات المختصة لتفنيد الآراء حول هذه القضية قدر المستطاع. بداية أجد أنه من الضروري التعريج بعجالة على تعريف الاحتباس الحراري وماذا يقصد به؟ هو ازدياد درجة الحرارة السطحية المتوسطة في العالم "احتباسها" مع زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وبعض الغازات الأخرى "الغازات الدفيئة" داخل غلاف الأرض الجوي، التي قد تؤدي إلى كوارث بيئية بسبب زيادة تكرار حدوث الحالات المناخية غير الاعتيادية كشدة الحرارة وشدة الجفاف، أو ارتفاع عدد الفيضانات المدمرة. ارتفاع معدل درجات الحرارة المتوقع على سطح الأرض خلال القرن الحادي والعشرين سيؤدي إلى ارتفاع مستوى أسطح البحار والمحيطات بمقدار نصف متر إلى مترين أو أكثر بسبب تمدد المياه، وأيضا بسبب ذوبان كميات أكثر من المعدل الطبيعي من الجليد والثلوج في الأنهار الجليدية والأغطية الجليدية على سطح الأرض. يعتقد المختصون أن لارتفاع مستوى أسطح البحار والمحيطات على هذا النحو عواقب وخيمة لا يمكن تجاهلها، بل يجب العمل بكل قوة للحيلولة دون وقوعها، حيث إنها ستتسبب في تدمير المناطق الحضرية الساحلية، ما سيؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة واقتصادية فادحة ناجمة عن غرق المناطق الحضرية. أعتقد - من وجهة نظري - أنه لا يوجد خلاف غالبا عن وجود الاحتباس الحراري نظرا للشواهد العلمية المسجلة، وليس ذلك محل البحث في هذه السلسلة من المقالات، إنما محورها هو الإجابة عن هذا السؤال "هل هناك علاقة بين الوقود الأحفوري وبين ظاهرة الاحتباس الحراري؟" الإجابة في المقال القادم - بإذن الله.
إنشرها