Author

تأثيرات التغير المناخي في مياه المنطقة

|
يعتقد معظم مختصي المناخ وكثير من الناس أن هناك تغيرات كبيرة مقبلة في مناخ أرجاء الكرة الأرضية. وتميل معظم التوقعات إلى أن هذه التغيرات ستتسبب في تأثيرات سلبية في الحياة البشرية والحيوانية والنباتية وموارد المياه. وتتلخص التأثيرات المناخية في ارتفاع درجات الحرارة ومعدلات موجات الحر، وانخفاض معدلات سقوط الأمطار، وازدياد حدة العواصف والظواهر المناخية المتطرفة. ونتيجة لذلك ستزداد وتطول أعداد ومدد موجات الجفاف والفيضانات وتكثر العواصف الترابية. وسينتج عن التغيرات المناخية ازدياد منسوب مياه البحار، ما سيتسبب في تسلل المياه المالحة إلى مخزونات المياه الجوفية في المناطق المنخفضة والمطلة على البحار. وكلما ازدادت حدة التغيرات المناخية ازدادت التأثيرات غير المحمودة لها. وستتأثر مناطق وبلدان العالم بدرجات متفاوتة بالتغيرات المناخية. يقول البنك الدولي إن تغير المناخ بدأ بالتأثير فعليا في نطاق واسع في العالم العربي، فموجات الحرارة المتطرفة تنتشر في مساحات أكبر من الأراضي ولفترات زمنية أطول، ما يجعل بعض الأجزاء غير صالحة للسكن ويحد من القدرة على زراعة أجزاء أخرى. وسيشعر سكان مدن المنطقة بزيادة آثار ارتفاع حرارة المناطق الحضرية، وقد تعيش معظم عواصم الشرق الأوسط أربعة أشهر من الأيام شديدة الحرارة كل عام. وسيولد ارتفاع الحرارة ضغوطا هائلة على المحاصيل وعلى الموارد المائية النادرة بالفعل، مع احتمال أن يؤدي ذلك إلى تزايد الهجرة ومخاطر نشوب صراعات. تذهب تصورات بعض المحليين إلى حد اعتبار منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديدا الأكثر تأثرا بالتغير المناخي غير المحمود بسبب معاناتها أصلا من نقص للمياه، حيث يقل نصيب الفرد من المياه كثيرا عن المعدلات العالمية، كما أن المنطقة في وضع حرج حاليا بسبب معاناتها من تدني معدلات تساقط الأمطار والتفاوت الشديد في أماكن وأزمنة هطولها. ستفاقم التغيرات المناخية من المعضلات الحالية، ما سيزيد حدة تقحل وتصحر المنطقة، كما سترتفع مخاطر حدوث الظواهر المناخية المتطرفة، وستقل الثقة بتوقعات المناخ. ستزيد التغيرات المناخية المخاطر التي تواجهها الزراعة في المنطقة، حيث ستتراجع رطوبة التربة وستنخفض كميات مياه الأنهار. إضافة إلى ذلك ستتراجع مخزونات السدود من المياه بسبب انخفاض تدفق مياه الأنهار وازدياد معدلات تبخر المياه، ما سيؤثر في إمدادت الكهرباء في بعض دول المنطقة. ستتسبب الزيادة المتوقعة في الحرارة وموجات الحر في زيادة متطلبات الري، ما سيرفع طلب القطاع الزراعي المستهلك الرئيس وكذلك طلب باقي القطاعات. سيساعد تحسين كفاءة استخدام المياه وحسن اختيار المحاصيل في التغلب على بعض نواحي آثار التغيرات المناخية، لكنها لن تكون كافية وحدها. من المرجح أن يرتفع الإنتاج الزراعي في المنطقة كما تتوقع منظمة الأغذية والزراعة الدولية، لكن معدلات النمو ستكون أقل من المعدلات التاريخية. ستزداد احتمالات عدم اليقين بالنسبة للإنتاج الزراعي نتيجة للزيادة المتوقعة في حدوث موجات الحر والجفاف والفيضانات المدمرة وباقي الظروف المناخية الحادة، ما سيصعب كثيرا من التخطيط الزراعي. قد تكون الأراضي الجافة والمراعي أكثر المتضررين بالتحولات المناخية، حيث لا تتوافر حاليا حلول مناسبة لهذه الأراضي لمواجهة التغيرات المحتملة، ما سيصعب كثيرا أوضاع مربي الماشية ويرفع اعتمادهم على الأعلاف المستوردة. عموما، تحاول دول المنطقة كل على حدة الاستعداد والتخطيط لمواجهة تحديات مرحلة التغير المناخي، لكنها تواجه معوقات كبيرة. تحتاج دول المنطقة أولا إلى التعرف على آثار التغير المناخي في مناطقها المختلفة ثم رفع الوعي الاجتماعي بأهمية التعامل مع الآثار المستقبلية لهذه المعضلة وإثارة النقاش بشكل موسع حولها لبث الوعي في مختلف شرائح المجتمع والبحث عن حلول، خصوصا على المستويات المحلية. وتواجه كل منطقة داخل بلدان الشرق الأوسط مستويات مخاطر مختلفة تتطلب تعاملا يتناسب مع ظروف وإمكانات المناطق. تحتاج دول المنطقة إلى تخصيص مزيد من الموارد للتصدي لتحديات شح المياه ومخاطر التغيرات المناخية، خصوصا في مجالات البحث العلمي والدراسات وجمع المعلومات. كما سيخفف التنسيق البيني بين دول المنطقة، وكذلك مع الدول المجاورة، من حدة التأثيرات المناخية فيها. إن بث روح التعاون الإقليمي سيساعد شعوب المنطقة على مواجهة تحديات المياه بشكل عام والمخاطر المحتملة والسلبية القوية للتغيرات المناخية، حيث لا تتوقف التأثيرات المناخية عند حدود أي دولة، إنما تشمل المنطقة كلها، بل العالم بأكمله. من جهة أخرى، يترجح في الوقت الحالي تسبب تزايد انبعاثات الغازات الدفيئة في التغيرات السلبية المناخية، لهذا على دول المنطقة بذل جهود حثيثة محليا لخفض هذه الانبعاثات، كما ينبغي دعم الجهود الأممية الساعية إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة على المستوى العالمي، لأن هذا يصب في مصلحة المنطقة وباقي دول العالم.
إنشرها