Author

مفهوم العاصفة

|
خلال دراستي في ولاية يوتاه غربي الولايات المتحدة الأمريكية قبل سنوات خلت تلقيت وزملائي رسالة بريدية من إدارة الجامعة مفادها أن من المتوقع أن تجتاح الولاية بعد أسبوعين عاصفة ثلجية كبيرة وستستمر لعدة أيام أو أسبوع. وحذرت إدارة الجامعة جميع الطلاب من الخروج من المنزل حين اقترابها من الولاية؛ لتجنب مخاطر محتملة. فرضت علينا العاصفة أن ننجز أشياء كثيرة خلال الأسبوعين ما قبل قدومها. شخصيا، أنفقت وقتا طويلا في مكتبة الجامعة للتنقيب عن كل المراجع والكتب التي قد أحتاجها في بحوثي طوال الفصل الدراسي. أنهيت ما أنجزه عادة في أربع شهور في أقل من أسبوعين. أدخلت سيارتي الورشة وأصلحت كل المشكلات التي أرجأت القيام بها طوال عام إثر انشغالات وهمية. ذهبت إلى كل المرافق والأماكن الشهيرة التي كنت أؤجل زيارتها منذ مجيئي إلى الولاية. حققت في هذين الأسبوعين العصيبين ما لم أحققه في غيرهما بسبب الشعور بالخوف والخطر أن العاصفة قد تطيب لها الإقامة ولن تعود الأمور إلى سابق عهدها. ربما يكون قلقا غير مبرر عند البعض لكن خرجت منه بفوائد جمة. أهمها أن الشعور بأن هناك عاصفة قادمة دائما صحي للغاية. فهو يجعلك تستعد لها بالعدة والعتاد. هذا الشعور يولد في داخلك رغبة ملحة للإنجاز ويجعلك تحقق كثيرا في وقت قصير. يطرد الأوهام التي تستوطن رأسك وتحيل مشاريعك إلى المستقبل وليس اليوم. أصبحت عندما أشعر بتراكم المهام أستذكر (مفهوم العاصفة) الذي ابتكرته لمقاومة تسويفي. ومن بعدها أنجز كثيرا رغم كل التحديات التي ستتبدد إذا بادرنا وانطلقنا. يقول نابليون: "الإرادة تقصر المسافات". فإذا عزمنا على تحقيق شيء سنحققه بإذن الله. ليس ذلك فحسب بل ستتقلص المسافات التي كنا نعتقد أنها تفصلنا عن أهدافنا. وتصبح المسافة قريبة. ومهم أن نتذكر ألا تنازل عن الجودة. فبإمكاننا الجمع بين السرعة والكفاءة إذا أدرنا المهمة بتركيز وفاعلية. في هذا الزمن الذي يتسم بالسرعة والديناميكية ينبغي أن نتخلى عن نمطنا المعتاد. ونثابر لنعاتق آمالنا. البعيد لن يظل بعيدا إذا اتجهنا نحوه بسرعة وثبات وعزيمة. سيصبِح أقرب مما نتخيل ونتطلع. إذا كان لديك مهمة تنجزها خلال شهر تذكر أن العاصفة ستجتاجك وشيكا. أنجز كل شيء مبكرا قبل أن تعصف الرياح بمهمتك وطموحك. ستنهيها مبكرا وتتخلص من إحساس إطفاء الحريق الذي يشعلك ويحرقك عندما يدهمك الوقت. كلنا بوسعنا أن نحسن من كفاءة أدائنا في سرعة الإنجاز إذا اعتنقنا مفهوم العاصفة. هذا المفهوم الذي سيسعدنا ويكافئنا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها