Author

تنافس بين العاملين في الحرمين

|
شدني منظر أحد العسكريين وهو يحاول أن يساعد سيدة جلست خارج إحدى بوابات المسجد النبوي. قدم العسكري للحاجة المياه، وقام بتهوية المكان بواسطة قطعة من الكرتون كان يحملها، ثم حافظ على ستر السيدة بعد أن انكشف بعض شعر رأسها. هذا السلوك علق عليه أحد الحجاج الأجانب بشكل يجعل كل مواطن سعودي يفتخر بهذا الشاب. أهم ما جاء في تعليق الحاج هو تركيزه على أن هذا رجل أمن يقوم بعمل إنساني بعيدا كل البعد عن المهمة التي كلف بها وهي حراسة البوابة، ثم قارن الحاج بين ما يفعله الشاب وما يفعله غيره من رجال الأمن في دول كثيرة من محاولة التضييق على الناس بغرض استغلال الوظيفة وإخافة من حولهم. يؤكد الواقع الذي شاهده كل من حج هذا العام أو شاهد المقاطع العفوية المنتشرة في كل مكان، أن هناك تنافسا عجيبا في كسب ود الحاج وتسهيل حجه وحل كل ما يواجهه من صعوبات. تكلمنا عن بعض المظاهر، لكن الواضح أن هذه الأعمال تتم عن قناعة راسخة لدى كل المساهمين بأهمية أدوارهم والأجر الكبير الذي يمكن أن يحصلوا عليه جراء هذه الخدمة العظيمة في هذا الركن الأعظم. الصورة فيها من الارتباط بمواسم سابقة كثير، لكن ما يميز هذا العام هو انتشار هذه الروح ورفع هذه المقاطع من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالوزارة أو المملكة بشكل عام. هذا النشر هو من قبيل الإعجاب الشديد الذي بلغ ببعضهم درجة البكاء. تلكم هي الروح الإسلامية الحقة التي تمكن السلوك الحسن والعناية المستمرة بالحجاج في استخراجها والدفع بها للعلن بما شاهدناه خلال حج هذا العام وبعده. إن تحية هؤلاء الأبطال الذين يقدمون التضحية الشخصية من وقتهم ومشاعرهم هي في شكر ما قدموه وتقدير كل واحد منهم والدعاء لهم بالقبول والتوفيق، كما أنه يكمن في الشد على أيديهم والمطالبة باستمرار الإبداع في خدمة حجاج بيت الله الحرام في الوقت الذي يحمي فيه هؤلاء الشجعان مراسم ومواقع الحج والقائمين بهذه المناسك بعد أن قدموا من بلاد عديدة وبذلوا الغالي والنفيس لتحقيق هذه الرحلة الربانية، لتصل كل التطلعات والأعمال إلى تحقيق الحج ما أراده الله له من جمع وتوحيد ومحبة للمسلمين في كل أصقاع المعمورة.
إنشرها