FINANCIAL TIMES

ماي .. تقتحم أسواق إفريقيا بـ «دبلوماسية الرقص»

ماي .. تقتحم أسواق إفريقيا بـ «دبلوماسية الرقص»

ماي .. تقتحم أسواق إفريقيا بـ «دبلوماسية الرقص»

كان أسبوعا جيدا بالنسبة إلى الذين يستمتعون بانتقاد زعيمة حزب المحافظين ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، الذين إذا أردنا الصراحة، هم الجميع في الأساس.
لقد انخرطت رئيسة الوزراء في حلقات راقصة، خلال زيارة رسمية إلى جملة من الدول في إفريقيا، وبدت السيدة التي تجاوزت 60 عاما من العمر، وهي تستمتع بشكل ملحوظ بالعودة إلى الرقص، كأنما عاودها الحنين إلى شرخ الصبا.
سيهرع كثير من المدافعين عن ماي، أي الأقلية، إلى استراتيجية الضجيج بالصياح والإشارة إلى أن مادونا تبلغ من العمر 60 عاما الآن، وأنه لا يزال بإمكانها أن ترقص وتغني، إلا أن الرد عليهم هو أن مادونا لديها عدد لا بأس به من المهارات الفنية، التي لا نبحث عنها عادة، ناهيك عن أن نجدها في رئيسة الوزراء ماي.
وفي حين أننا نعرف أن السيدة ماي تحب الأزياء، إلا أن بعضا من أزياء مادونا لا تناسب تماما رئيسة الوزراء.
على أية حال – وهذا موقف أنا مقتنع به تماما، على الرغم من الاعتراضات: من بين المهارات التي قد يحكم من خلالها على السيدة ماي بأنها ضعيفة، أن الرقص الإفريقي لا يظهر بشكل بارز في الجوانب السلبية في الانتخابات.
مسايرة السيدة ماي للإيقاع الصاخب كان ضعيفا، إلا أنها مع ذلك، أصرت على أن تشارك في الرقصة، فبدأت أتساءل عن عدد الذين يضحكون، والذين يرغبون في انتشار رقصاتهم الجميلة عبر الإنترنت.
عاد ذهني إلى شريط فيديو حفل زفافي والساعات الكثيرة من الرقص التي التقطت لي بشكل غير متعاطف في الفيلم. الأمر ليس فظيعا، ومع ذلك ما زلت أشعر بسعادة إلى حد ما، من أن الفيديو ليس لديه جمهور أوسع. الحقيقة القاسية هي أنه ما لم تكن جين كيلي، فإن الرقص نادرا ما يكون شيئا يستفيد منه المشاهدون.
بالطبع، هناك كثير من الناس الذين يعتقدون أن دورانهم أثناء الرقص هو بالتأكيد ضمن ما يندرج في أن يستحق جمهورا أوسع من المعجبين أو المشاهدين. جميعنا نعرف الشخص من ذلك النوع الذي يسترعي انتباهنا بحركات يديه الحماسية، والمعرفة الدقيقة لحركات الرقص المعقدة.
هؤلاء يقعون ضمن واحدة من فئتين من الفئات الفرعية المكروهة: السيئون، إلا أنهم، من حسن الحظ، لا يعرفون ذلك – وهذا ينطبق على أي شخص يحاول الرقص بحركة منزلقة – والجيدون، الذين يعرفون ذلك فعلا. لا حاجة إلى تخمين إلى أي من الفريقين تنتمي السيدة ماي، بالطبع.
عندما يتعلق الأمر برؤساء الوزراء الراقصين، هناك رجل واحد يبرز. في أعقاب خطوات السيدة ماي غير المنتظمة، قامت إحدى منظمات الأخبار بإعداد تصنيف الأسبوع الماضي، واختارت النجم، فكان رئيس وزراء كندا الشاب جاستن ترودو، برصده أثناء تأديته رقصة البوب.
أداؤه كان جيدا إلى حد كبير "على الأقل بالنسبة لعيني غير المتعمقة في فن الرقص"؛ وقد يقول قائل إنه جيد بتفاخر. في الواقع، هو ذلك الرجل الذي تراه دائما في حلبة الرقص، الذي يتقن جميع الحركات ويقوم بها بمتعة المعرفة المؤكدة من أن الجميع ينظر إليه.
هذا يناسب أيضا شخصية ترودو العصرية، الكندي الرائع ورئيس وزراء الحفلات، ما يعيد تأكيد أراء الذين أحبوه بالفعل، لأنه من النوع المفضل من القادة لديهم.
يجب أن نعترف أنه لا يوجد تصور عام لتيريزا ماي يعدها ناشطة محترفة أو منتظمة في الحفلات.
إلا أن الناس الذين ينظرون إليها باعتبار أنها القائد من النوع المفضل لديهم، وبالتالي لا يتوقعون رؤيتها وهي ترقص البوب. سيجدون أن من المحرج رؤيتها وهي تمارس الرقص، لأنها لن تكون باعثة على الاطمئنان، قط.
على أن الجانب الغريب في كل هذا هو الطريقة التي نحكم بها على القادة. لماذا يعد مثل هذا الأمر من الأهمية بمكان؟ لماذا يستحق الأمر التعليق؟ الجواب السهل هو أنه لا يستحق، باستثناء أن هذه الأحداث دخيلة، إلى حد ما، إلا أنها يمكن أن تلتقط حقائق أكبر. إذا كانت تقييمات السيدة ماي عالية في استطلاعات الرأي، سيتم تفسير رقصها باعتباره رمزا لثقتها وحيويتها. في المقابل، إذا كانت متراجعة، فسيتم استخدامه لتسليط الضوء على وضعها الحرج، ومحاولاتها اليائسة للتغطية عليه، بصرف الأنظار إلى اتجاهات أخرى، خارج الصدد.
حتى عند السماح باستخدام الاستعارة السياسية، لماذا يعتقد النقاد أن من المهم ما إذا كان رؤساء الوزراء لدينا يستطيعون الرقص، أو إلقاء نكتة، أو ذكر أسماء نجوم "يوتيوب"، أو دعم فريق كرة قدم؟
أعتقد أن الجواب يكمن في البحث عن الأصالة. اعتدنا تماما على رؤية القادة وهم يحاولون تشكيل صورهم، خاصة صورهم الدالة على الحالة الطبيعية، بحيث إن لحظات العفوية الغريبة تدرس للحصول على علامات على الشخص الحقيقي.
لا يزال من غير الواضح سبب أهمية الحالة الطبيعية. في حين أن الناخبين يهتمون بما إذا كان القادة السياسيون يفهمون المشاكل التي يواجهونها، إلا أنه لا يوجد دليل على رغبتهم الفعلية بقيام أشخاص طبيعيين في إدارة البلاد. بعد كل شيء، من يريد رئيس وزراء عادي "على الرغم من أن العادي سيكون موضع ترحيب في بعض الأحيان"؟ يرغب الناخبون بالشعور أنهم يرون الشخص الحقيقي؛ وأنهم يفهمون من ينتخبون.
هذا يفسر جزئيا جاذبية جيرمي كوربين. مهما كانت نقاط ضعفه الأخرى، فإن لدى الناخبين إحساس برجل يبدو مجسدا لما يبدو عليه.
لاحظ أن وجود مقطع فيديو قصير وهو يرقص البوب في تجمع للحزب، يشير إلى أن رئيسة الوزراء متقاربة معه من حيث الشعبية، في هذا الأمر، على الأقل.
الآن يعرف الناخبون أنه عندما يتعلق الأمر بالرقص، فإن تيريزا ماي هي كما تبدو مستعدة لتجربة حظها، في الوقت الذي تعرف فيه أنها ليست كاريس.
في هذا الصدد، حين أفكر في الأمر، أجد أنها مثل البقية منا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES