FINANCIAL TIMES

شركات أمريكا .. تدرس كيفية تفادي الزلزال الصيني

شركات أمريكا .. تدرس كيفية تفادي الزلزال الصيني

شركات أمريكا .. تدرس كيفية تفادي الزلزال الصيني

خلال اجتماع عقد في بكين في أواخر العام الماضي، حاول تنفيذيون في الشركات الأمريكية شرح مخاوفهم المتعلقة بالرسوم الجمركية على الصادرات الصينية، أمام مجموعة من مسؤولي الإدارة من واشنطن.
تم عقد الاجتماع بعد زيارة الدولة التي أجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى بكين، وبعد أن أقر الكونجرس تخفيضا ضريبيا كبيرا على الشركات الأمريكية.
التنفيذيون الذين كانوا يتوقعون حصول تبادل مهذب في الآراء، صُعقوا من الرد القوي للمسؤولين.
قال أحد الذين حضروا الاجتماع: "قالوا لنا ’شركاتكم حصلت للتو على تخفيض ضريبي كبير، وستصبح الأمور أكثر صرامة مع الصين – وعليكم أن تلتزموا بالقوانين الجديدة‘".
بعد مضي أقل من عام، تستعد الشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة لما يتشكل ليصبح حربا تجارية شاملة بين أكبر اقتصادين في العالم. من المرجح أنه، وفي غضون أسابيع، ستفرض واشنطن رسوما جمركية عقابية على أكثر من نصف جميع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة. ردا على ذلك، ستعمل إدارة الرئيس تشي جين بينج على فرض رسوم جمركية على أكثر من 80 في المائة من الصادرات الأمريكية إلى الصين.
بالنسبة للشركات الأمريكية في الصين، يبدو الأمر كأنه كابوس لم يسبق له مثيل. قال كريج آلين، رئيس المجلس التجاري الأمريكي الصيني، خلال زيارة إلى بكين: "الرسوم الجمركية ضريبة تُفرَض على الشعب الأمريكي، ولها آثار غير مقصودة ويمكن أن يكون من الصعب التخلص منها. ينبغي علينا ألا نتوجه نحو تجارة تديرها الدولة".
على الرغم من الكراهية الشديدة التي تشعر بها معظم الشركات الأمريكية العاملة في الصين لفكرة الرسوم الجمركية، إلا أن كثيرا من الشركات بدأت خلال العام الماضي تدرك على كره منها أن التهديد بالرسوم الجمركية يمكن أن يكون مفيدا جدا.
منذ أن بدأ ترمب في التلويح بعصا الرسوم الجمركية الكبيرة في وقت سابق من هذا العام، بدأ المفاوضون التجاريون في الصين والولايات المتحدة أخيرا في إجراء محادثات حول القضايا الحاسمة، التي كان يتم تجاهلها منذ سنوات، مثل السياسات الصناعية في بكين وهياكل المشاريع المشتركة الإلزامية التي تسهل نقل التكنولوجيا إلى الشركات الصينية.
منذ أكثر من عقد من الزمن، حاول المسؤولون في إدارة بوش وأوباما اتخاذ نهج مختلف، من خلال الانخراط مع نظرائهم الصينيين في 13 "حوارا اقتصاديا واستراتيجيا" بدأت في عام 2006 من قبل وزير الخزانة السابق هانك بولسون، ونائب رئيس مجلس الوزراء الصيني آنذاك وانج كيشان.
بينما كان يسعى الجانبان إلى التعاون قدر المستطاع – في قضية التغير المناخي، على سبيل المثال – "ومحاولة إدارة خلافاتهما" حيث لا يمكنهما التعاون، أخذت الشركات متعددة الجنسيات تشعر بالإحباط بشكل متزايد بسبب العقبات الكثيرة التي تواجهها في الصين، بدءا من القيود التي تحول دون القدرة على الدخول إلى السوق وصولا إلى البيئة التنظيمية المبهمة. كما يلاحظ ألان، "بعض هذه القضايا تتكرر سنة بعد سنة – وبعضها كان مثار اعتراض منذ 30 عاما".
بالنسبة لأحد كبار التنفيذيين الأمريكيين، كان النفوذ المتزايد لروبرت لايتثايزر، الممثل التجاري المتشدد داخل الإدارة على حساب الأصوات الأكثر اعتدالا، مثل وزير الخزانة ستيفن منوتشين، هو تطور جدير بالترحيب.
يقول هذا التنفيذي: "أشعر بحال أفضل مع حصول لايتثايزر على سلطة أكبر من سلطة منوتشين. ينتمي منوتشين إلى مدرسة بولسون والحمد لله أنه ولت أخيرا أيام العلاقة اللطيفة بين هانك بولسون ووانج كيشان".
مع ذلك، حتى التنفيذيين الأمريكيين الذين يدركون الآن مدى التقدم الذي أحرزه ترمب ولايتثايزر في المحادثات مع الصين، لا تزال لديهم شكوك حول استراتيجية الرسوم الجمركية التي تنتهجها الإدارة، أو عدم وجود استراتيجية.
من وجهة نظرهم، اندفعت إدارة ترمب بشكل متسرع فوق الحد من التهديد بفرض رسوم جمركية إلى فرضها بالفعل. وهذا يتعارض مع واحد من الدروس الأولى التي يتعلمها رجال الأعمال في الصين: أن الطريقة الأسرع لنسف المفاوضات، هي إحراج الطرف المقابل علنا ومن ثم محاصرته في الزاوية.
وهذا تماما ما فعله ترمب بقوله إنه سيمضي قدما في تطبيق أول شريحة من الرسوم الجمركية على ما قيمته 50 مليار دولار من الصادرات الصناعية الصينية بعد بضعة أيام على إعلان منوتشين أنه تم "تعليق" الحرب التجارية.
إن قامت إدارته الآن بفرض رسوم جمركية على صادرات صينية إضافية تعادل قيمتها 200 مليار دولار، يطلب عمليا من تشي "الاستسلام وإلا سيحدث ما لا تحمد عقباه"، عليه سيجد الرئيس الصيني بأنه من المستحيل سياسيا التوصل إلى حل وسط.
في الوقت الذي سمح فيه ترمب بتقديم إعانات للزراع الأمريكيين الذين علِقوا في مرمى النيران، لن تكون هناك إعانات تذكر من هذا الباب للشركات الأمريكية.
يقول شخص آخر من كبار المسؤولين التنفيذيين الأمريكيين: "من الناحية العملية يطلب ترمب من الشركات والمستهلكين الأمريكيين الشعور بالألم، من أجل إثبات وجهة نظره أمام الصينيين وإنشاء موقف قوة في المفاوضات التجارية. الرسالة التي تأتينا من واشنطن هي ما يلي: عليكم أن تتحلوا بالشجاعة وأن تتعاملوا مع الأمر، على ما هو عليه، فحسب".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES