Author

الاعتراف بالخلاف

|

يعيش العالم حالة من التواصل لم نعرفها خلال العصور السابقة، يمكن أن يتحادث الأشخاص ويتعايشوا ويناقشوا كل شيء دون أن يكون بينهم أي صلة. حالة يمر بها أغلبنا إن لم يكن الجميع. أمر يستدعي كما غير قليل من الانفتاح والعقلانية والتسامح والتفهم، هذه أمور ينتج عنها سمت معين لكل شخص. هذا السمت يمكن أن ينتشر على مسافات واسعة داخل المجتمع الواحد، مؤديا إلى تكوين رأي عام عن المجتمع يستفيد منه كل عضو من أعضائه.
يمكن أن نطبق هذا الأمر على حالتنا اليوم، حيث نجد رأيا يطبق على مجتمعات معينة، سواء كان إيجابيا أو سلبيا، بسبب مجموع المفاهيم التي يستخلصها كل من يتعامل مع أفراد ذلك المجتمع، رغم وجود كل أنواع السلوكات والمفاهيم في كل المجتمعات، إلا أن الأغلبية تسيطر في هذه الحالة مكونة الرأي العام عن المجتمع بكليته. 
يؤثر هذا الأمر في طريقة تعامل الناس مع أفراد هذه المجتمعات وكم الاحترام والتقبل لهم. فإذا تركنا العوامل الأخرى التي يبني عليها الناس آراءهم وتفاعلهم مع المجتمع، نكون قد وجدنا واحدا من أهم عناصر التأثير في السمعة في الخارج، وهذا أمر يمكن أن نتعلمه ونعلمه أبناءنا وبناتنا لنتمكن من التأثير وإيصال مفاهيمنا وآرائنا للعالم الخارجي، ونضمن الأذن الصاغية والتفهم العام لقضايانا ورؤانا حيال ما يعيشه العالم من حولنا وما يدور في مجتمعنا.
أقول هذا وأنا أشاهد أن بعض من يتناولون الشأن العام، خصوصا على الشاشات والمنابر، بعيدون عن إدراك أهمية المحافظة على رؤية إيجابية وتفهم من الخارج لما يبثونه وينقلونه من المفاهيم وما يرونه حيال ما يدور حولهم من القضايا. فمع انفتاح المجتمعات وانتشار العلم بين أعداد متزايدة من البشر، لا يمكن أن يستمر شخص معين في رفض الاعتراف بوجود فسحة في كثير من الأمور، واختلاف للآراء في قضايا كان الناس يرونها مسلمات بسبب عدم الانفتاح على مفاهيم ورؤى أخرى مبنية على قواعد مشابهة لما بني عليها رأينا في الأساس، اختفت عنا بسبب قلة الاطلاع وعدم وجود تواصل حقيقي يجعلنا نحيط بالاختلاف المبرر الذي يعيشه الآخرون ويؤمنون به، وليس هناك ما يمنع من قبول الاختلاف. يستدعي هذا البدء بتغيير ممنهج لكثير من القناعات بالإقناع والاقتناع بصحة ونزاهة المخالفين.

إنشرها