FINANCIAL TIMES

ضوء أخضر من المستثمرين يدشن انعطافة «روسنفت»

ضوء أخضر من المستثمرين يدشن انعطافة «روسنفت»

في المثل الشائع: بغض النظر عن مدى إطعامك الذئب بشكل جيد، فإنه يستمر في التطلع إلى الغابة.
بالنسبة إلى المستثمرين الذين وافقوا بحماسة على التغيير الأخير في النغمة السائدة في شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت، فإن هذا المثل الروسي القديم يستحق أن يبقى في الذهن.
الأسهم في الشركة، التي تعد أكبر الشركات الوطنية المنتجة للنفط الخام في العالم المدرجة في البورصة، تشهد حالة من التغير السريع الإيجابي.
لقد ارتفعت بنسبة 47 في المائة حتى الآن في عام 2017، وسجلت أعلى مستوياتها على الإطلاق هذا الشهر، ما يجعل شركة روسنفت – بقيمة 4.6 تريليون روبل روسي "68.3 مليار دولار" – أكبر شركة في روسيا من حيث الرسملة السوقية للمرة الأولى منذ عامين.
يرجع جزء كبير من هذه الزيادة إلى التغيير المفاجئ في الخطاب من الشركة والرئيس التنفيذي المشاكس إيجور سيتشين، وهو حليف مقرب منذ فترة طويلة من الرئيس فلاديمير بوتين، الذي جعله سجله الحافل في بناء إمبراطوريات نشطة باهظة الثمن وعمليات استحواذ عدائية، واحدا من أقوى الشخصيات – وأكثرها إثارة للخوف – في البلاد.
السؤال أمام المستثمرين هو: ما مدى جدية هذا التحول في النهج؟
على مدى السنوات الـ 14 الماضية، شغل سيشين منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة روسنفت، وحمّل الديون على الشركة – أعلى رفع مالي بين الشركات الروسية الكبرى – لتمويل موجة من عمليات الاستحواذ وشراء الشركات بالكامل، التي غالباً ما تستفيد من نفوذه السياسي الهائل، الذي يُعتبَر أنه يأتي في المرتبة الثانية بعد نفوذ بوتين نفسه.
كلما كان أكبر، يكون ذلك دائما أفضل بالنسبة إلى رجل يرى القوة منذ فترة طويلة في أحد عمالقة النفط المسيطرة والمملوكة للدولة.
بعد معاقبته من قبل الولايات المتحدة في عام 2014 لقربه من الكرملين، كان المستثمرون حذرين منذ ذلك الحين من الاستثمار في الشركة، حيث فرضوا خصما كبيرا في القيمة مقارنة بالشركات الكبرى العالمية التي تنتج كميات أقل، مثل بريتيش بتروليوم أو إكسون موبيل.
على أن هذا التحفظ تراجع منذ تعهد شركة روسنفت بتغيير نهجها. صرح سيشسن بأنه تم الانتهاء من عمليات الاستحواذ، وكان سداد الديون هو الحملة القوية الجديدة. ستزيد الأرباح الموزعة نصف السنوية إلى 50 في المائة من الأرباح، وسيتم إطلاق عملية إعادة شراء الأسهم بقيمة ملياري دولار.
قال سيشين هذا الشهر "إن السعي إلى كبر الحجم بأي ثمن لم يعد واردا، في المقابل فإن "النمو العضوي والاستفادة المالية من التآزر بين عمليات الاستحواذ" هو الشعار الجديد. وبمساعدة الروبل الضعيف وسعر النفط المستقر، وهو اقتران يعزز أرباح الشركة، تَدافَع المستثمرون إلى الشركة.
الميزانية العمومية هي بالتأكيد آخذة في التحول. وفي حين لا تكشف شركة روسنفت بانتظام عن صافي أرقام ديونها، فإن إجمالي مطلوبات الشركة انخفض من 3.84 تريليون روبل في نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى 2.78 تريليون روبل في نهاية حزيران (يونيو) الماضي.
لا تزال هناك مخاطر أخرى غير ملموسة. نهج "الأرض المحروقة" الذي اتبعه سيشين في مجال الهيمنة على السوق، ومجموعة من التكتيكات المثيرة للجدل لابتلاع الشركات المنافسة كانت تثير أعصاب المستثمرين منذ فترة طويلة.
في العام الماضي، وفي قضيتين منفصلتين في المحكمة، حصلت شركة روسنفت على دفعة بقيمة 1.7 مليار دولار من شركة منافسة سابقة، وشهدت الحكم على وزير الاقتصاد السابق للبلاد – وهو رجل تحدى سيشين علنا – بالسجن لمدة ثماني سنوات.
وفي الشهر الماضي، أقامت شركة روسنفت دعوى قضائية بقيمة 1.4 مليار دولار ضد تكتل تقوده شركة إكسون موبيل على أصول نفطية في أقصى شرق البلاد.
كانت شركة إكسون في السابق من أقرب الشركاء الأجانب لشركة روسنفت. وحيث إنها بالتأكيد على دراية بموهبة سيشين المثيرة للإعجاب في الفوز بالقضايا في المحاكم الروسية، فقد تقدمت على الفور بدعوى للتحكيم الدولي.
علاوة على ذلك، لا تزال مليارات الدولارات من نقدية الشركة تتوقف على مشاريع في فنزويلا، التي هي على وشك الانهيار، وكردستان غير المستقرة. ولا يزال من الممكن لمجموعة جديدة من العقوبات التي يهدد بها مجلس الشيوخ الأمريكي أن تضع الشركة في مأزق.
شركة روسنفت ليست وحدها بين مجموعات الطاقة الروسية التي تقدم بعض العناية الودودة الخاصة للمساهمين. تعهدت "لوك أويل"، أكبر منافسة نفط محلية لها، بإنفاق ثلاثة مليارات دولار على عمليات إعادة شراء الأسهم خلال السنوات الثلاث المقبلة. وزادت شركة نوفاتيك، أكبر مجموعة خاصة للغاز في روسيا، توزيعات أرباحها نصف السنوية لعام 2018 بنسبة الثلث.
بعض المحللين ينظرون إلى نهج شركة روسنفت الجديد الصديق للسوق على أنه هبة لاسترضاء وإلهاء كبار المساهمين أكثر من كونه مكافأة لمالكي الأسهم المعومة. تمتلك الدولة الروسية حصة مسيطرة بنسبة 50 في المائة، كما أبرم صندوق ثروة سيادي خليجي صفقة لزيادة حصته إلى أقل من 19 في المائة بقليل، بعد ثلاثة أيام من الإعلان عن خطط إعادة شراء الأسهم وخفض الديون.
قال أحد محللي الأسهم الذين يتابعون سهم الشركة "من المحتمل تماماً أن مصالح الأقليات لسبب ما ولفترة زمنية معينة قد تنسجم مع مصالح الإدارة والمساهمين الأساسيين".
في الوقت الحالي، يبدو مجرد وجود انسجام مؤقت للمصالح كافياً لاجتذاب المستثمرين، أي أن الذئب ما زال يُحسن التصرف، وهو ما يكفي من ضمان لاستمرار الرهان.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES